نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرا تحدث فيه عن زعم وسائل إعلام غربية استعداد
الصين لشن عملية في
تايوان، عقب
مناورات عسكرية واسعة وغير مسبوقة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"؛ إن هذه المعلومات ظهرت بعد بدء الصين مناورات واسعة النطاق، حاصر خلالها جيشها الجزيرة التي تعد الصين قياداتها أداة في يد الولايات المتحدة.
ماذا يحدث لتايوان؟
بدأت مناورات "السيف المشترك 2024" في منطقة تايوان في 23 أيار/مايو. وذكرت الخدمة الصحفية لجيش التحرير الشعبي الصيني، أن الأهداف الرئيسية للتدريبات هي
السيطرة على المنطقة المقصودة للعمليات القتالية، وضمان التفاعل بين مختلف القوات، واختبار قدراتها القتالية الحقيقية للاستيلاء المشترك على السلطة.
وقال مسؤولون من منطقة القيادة القتالية الشرقية للجيش على حسابهم الرسمي على تطبيق وي تشات؛ إنه خلال التدريب، اتخذ جيش التحرير الشعبي مواقع حول الجزيرة.
وأضافوا أن القوات البرية والبحرية والجوية والقوات الصاروخية وتشكيلات أخرى تشارك في المناورات. وبحسب القيادة، تتمركز الوحدات في شمال وجنوب وشرق تايوان، وفي مناطق جزر كينمن وماتسو وووكيو ودونغين.
نشرت القوات الجوية الصينية عدة قاذفات قنابل لمحاكاة الهجمات على الأهداف، وذكر التلفزيون المركزي الصيني، أن الطائرات نفذت المهام بالتنسيق مع السفن البحرية ووحدات المراقبة الساحلية المتنقلة.
ماذا يقول التايوانيون عن الصراع المحتمل؟
وينقل الموقع عن المدير العلمي لمعهد الصين وآسيا الحديثة التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر لوكين رأيا، مفاده أن تصعيد التوتر سيؤدي إلى مشاكل لن تكون فقط للصين وتايوان.
ويضيف لوكين؛ "إن النزاع المسلح سيتسبب في اضطراب خطير للأمن من غير المعروف نهايته، بما في ذلك بالنسبة للصين. ومن المرجح أن تقف الولايات المتحدة إلى جانب تايوان. كل شيء يمكن أن يؤدي إلى مواجهة دولية كبرى ذات نهاية صعبة".
من جانبه، يرى العضو البارز في البرلمان الروسي ألكسندر تولماتشيف، أن قيام جيش التحرير الشعبي بإجراء تدريبات بالقرب من تايوان لا تعني أن الحرب ستبدأ قريبا. ويقول تولماتشيف: "لكن هذه إشارة محددة للغاية للسلطات المنتخبة في أوائل سنة 2024 في تايبيه بأن المسار نحو استقلال الجزيرة هو طريق مسدود وسيؤدي إلى صراع".
وقال رجل أعمال من تايبيه، فضل عدم الكشف عن هويته؛ إن سكان تايوان لا يشعرون بأن الصراع يقترب. ومع ذلك، جعلت الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة رواد الأعمال يشعرون بالقلق بعض الشيء.
لماذا تجري الصين التدريبات؟
وذكر الموقع أنه في اليوم الذي بدأت فيه التدريبات، أعلن التلفزيون المركزي الصيني عن قلقه من زعزعة الاستقرار في مضيق تايوان. وتربط وسائل الإعلام الوضع بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الجديد للدولة الجزيرة، لاي تشينغ تي، في حفل تنصيبه. وفي خطاب ألقاه يوم 20 أيار/ مايو، دعا السياسي بكين إلى الاعتراف باستقلال تايوان، مشددا على أن تايبيه لن تقدم تنازلات بشأن قضايا الحرية.
وقال لاي: "أريد أن أحث الصين على التوقف عن التنمر على تايوان من خلال الوسائل العسكرية السياسية، وتحمل المسؤولية العالمية تجاه تايوان للعمل بجد للحفاظ على السلام والاستقرار على جانبي مضيق تايوان والمنطقة بأكملها، حتى لا يخاف العالم من الحرب".
وبحسب لجنة الاتصالات المركزية، وصف مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس للصين تصريحات لاي تشينغدي بأنها "خيانة".
كيف يشارك الغرب في الصراع؟
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، فإن السلطات التايوانية تعتمد على الدعم الخارجي في سعيها لتحقيق الاستقلال، وهو يعتقد أن تايبيه تدفع مواطنيها إلى وضع أخطر من الحرب.
من جانبه، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين، إلى رغبة تايبيه في استخدام الولايات المتحدة لفصل نفسها عن الصين كسبب للتوتر في خليج تايوان. ووفقا له، تحاول القوى المهتمة في الولايات المتحدة السيطرة على الصين عبر تايوان.
وبحسب لوكين، تستخدم الولايات المتحدة التوترات بين تايبيه وبكين لمصلحتها الخاصة، معتقدا أنه من المفيد للقوى المهتمة في الغرب نشر شائعات حول غزو صيني وشيك، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
ويضيف لوكين: "يصدر الجيش إعلانات كبيرة للضغط من أجل زيادة التمويل للجيش، ويستخدم السياسيون هذا لانتقاد خصومهم قبل الانتخابات. انتقد الجمهوريون الإدارة الديمقراطية لضعفها وفشلها في مساعدة حلفاء مثل تايوان وإسرائيل. والديمقراطيون بدورهم يريدون إظهار أنهم ليسوا بهذا الضعف، فيخصصون المساعدة ويطلقون تصريحات عدوانية".
من الذي دعمته روسيا؟
وأورد الموقع أنه بعد تصريحات رئيس تايوان الجديد، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن دعمها لبكين. وقد أكدت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن موسكو ملتزمة بمبدأ " الصين الواحدة"، وتعدّ الجزيرة جزءا لا يتجزأ من الصين.
وبحسب لوكين، إذا اندلع صراع عسكري في المنطقة، قد يؤثر ذلك بشكل غير مباشر على الأحداث في أوكرانيا. ويضيف لوكين: "من الممكن تحول اهتمام الولايات المتحدة على وجه التحديد إلى تايوان. الأمريكيون لن يهتموا كثيرا بأوكرانيا بعد الآن، وستنخفض مساعدتهم لكييف إلى حد ما".
ونسب الموقع إلى الخبير العسكري الروسي فاسيلي دانديكين، قوله: "روسيا مهتمة بالحفاظ على السلام في المنطقة، نظرا لوجود الجزيرة بين طرق التجارة البحرية الكبيرة. تعد روسيا أيضا قوة في المحيط الهادئ، وتستخدم أيضا هذه المضائق من وجهة نظر اقتصادية وعسكرية. لذلك، فإن القتال هناك يؤثر أيضا على مصالحها".
هل سيكون هناك صراع بين الصين وتايوان؟
بحسب تولماتشيف، فإن درجة التوتر ستختلف تبعا لرد فعل تايبيه وواشنطن. ويضيف تولماتشيف؛ "إن الخيار الأفضل لبكين، هو حشد القوات حتى تتمكن تايوان نفسها من تحديد مسار التقارب. إذا تدخلت واشنطن في الصراع، فمن الممكن تطور السيناريو بشكل خطير".
ويستبعد لوكين وقوع صراع بين تايوان والصين في المستقبل القريب. وبحسبه، فإن المواجهة واسعة النطاق أصبحت في الوقت الراهن غير مربحة لبكين.
وتابع لوكين قتدا لأدا لبقلب: "الصراع سيؤدي إلى فرض عقوبات جدية على الصين. سيتم تقويض عملية التجارة العالمية، التي دونها يصعب على الصين الوجود؛ كون اقتصادها يقوم على التصدير".
وأشار دانديكين إلى أنه رغم حشد الصين احتياطيات قتالية واسعة النطاق، غير أن تجربتها في المشاركة في المواجهات المسلحة لا يمكن مقارنتها بعد بالولايات المتحدة. وبحسبه، فإن الجيش التايواني مستعد بشكل جيد. ويضيف: "بسبب حذرها، ستظل الصين تنتظر. وهي غير مستعدة بعد لمواجهة أمريكا، لذلك ستقام التدريبات أكثر من مرة أو مرتين".
وتعتقد روزاليا فارفالوفسكايا، الباحثة البارزة في مركز بحوث الصين الاجتماعية والاقتصادية بمعهد دراسات الشرق الأقصى التابع للأكاديمية الروسية، أن جميع ما يحدث في المنطقة يصب في مصلحة الصين، مشيرة إلى تواصل العلاقات التجارية بين الأطراف المتحاربة، مستبعدة فكرة تخلي بكين وتايبيه عنها.
وفي ختام التقرير تقول فارفالوفسكايا: "تايوان مهتمة بالحفاظ على العلاقات مع الصين؛ لأن مبادلات تجارية تجمع الجانبين. إن الصين مهتمة بتسليح الولايات المتحدة لتايوان لتدرك الأسلحة التي يتم تزويدها بها. تستخدم الصين تايوان كأداة للتسويق، كما يُسمح للجزيرة بتعيين حكومتها الخاصة والعمل كدولة منفصلة، لكنها لا تزال تعد من الناحية القانونية جزءا من الصين. إن هذه الاستراتيجية تسمح لبكين بالسيطرة على تايوان، دون اللجوء إلى التدخل العسكري المباشر".