سياسة دولية

إحباط إسرائيلي من تأثير حرب غزة السلبي على الاقتصاد وسوق العمل

هناك أثمان ليست أقل خطورة ودموية وتتمثل في النزيف الاقتصادي الجاري- الأناضول
في الوقت الذي يئنّ فيه الاحتلال من الثّمن البشري المدفوع في عدوانه المستمر على قطاع غزة، لا سيما خسائره من الجنود والمستوطنين، فإن هناك أثمانا ليست أقل خطورة ودموية، وتتمثل في النزيف الاقتصادي الجاري، لأن استمرار طلب الجيش لجنود الاحتياط، يعني مزيدا من التكلفة المالية، لأنه يؤدي فعلياً إلى نقص في العاملين في مختلف المجالات، والنتيجة أن الاقتصاد الإسرائيلي ينمو بمعدل منخفض جداً هذا العام، مع الزيادة في عدد الوظائف الشاغرة.

وقال الباحث الاقتصادي، شلومو ماعوز، إن "خطوة الجيش في استدعاء الاحتياط عاد إلى عقود من الزمن، وهو يجنّد مئات الآلاف من العاملين في الاقتصاد، وجنود الاحتياط، دون أي حساب أو تمييز للانعكاسات على الاقتصاد الذي تقوم عليه القوة العسكرية".

وذلك "لأنه سيكون من الصعب على الاقتصاد الاسرائيلي أن يستمر في العمل في ظل ظروف الحرب القائمة، والجيش يواصل استدعاء الاحتياط، كما لو أنه لا توجد عواقب على الاقتصاد، وتدفق المدفوعات، والتزامات التأمين الوطني، وفراغ خزائنه"، وفق ماعوز.

وأضاف ماعوز، في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "زيادة الميزانية المخصصة لنفقات الجيش، تؤدي إلى زيادة الطلب على الموظفين، وقد كشفت إحصائيات أبريل الماضي فقط الزيادة في الوظائف الشاغرة إلى 137,154 مقارنة بـ 133,700 في مارس، وهذا المؤشر هو الأعلى منذ ديسمبر 2022، ويشمل جميع القطاعات، بما فيها الكهرباء والمياه والصرف الصحي والبناء".

وأشار إلى أن "الآثار تصل الى عدم ازدهار تجارة التجزئة والجملة، وغياب الرغبة في السفر للخارج للاستجمام أو الإجازة، عندما يكون الأبناء والبنات في جيش الاحتياط يقاتلون في غزة. جميع الإسرائيليين يتعرضون لضغوط كبيرة، ما يسبب الاكتئاب لهم، ويدفعهم إلى الذهاب إلى التسوق الذي ارتفع حجم مبيعاته، بما فيه المواد الغذائية والمنظفات للربع الأول من العام الجاري بمعدل سنوي 9.1 في المئة، بعد ارتفاع بنسبة 2.1 في المئة في عام 2023 بأكمله، أي 2023 في المئة".

وأردف بأن "الصورة الكئيبة العامة، تُظهر أن الشركات التي سئمت الانتظار بسبب التقلبات في تعيين موظفيها، أو يضطرون للبقاء في المنزل لرعاية أعمال أزواجهم، أي للعمل لأسباب مالية، لا تثق ولا تنتظر إلا عودة موظفيها من جيش الاحتياط، تقوم بتوظيف موظفين إضافيين لم يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية بعد".

وختم بالقول إن "النتيجة المتوقعة في السنوات المقبلة لهذه الظاهرة هي تآكل أجور العمال، خاصة العمال الأضعف غير المنتمين إلى نقابات، وتتراوح توقعات التضخم للعام المقبل من مختلف المصادر بين 2.9 في المئة و3.3 في المئة البنك المركزي".

واستطرد: "والنتيجة الأخرى، بسبب التوسع المالي للدولة هي تثبيت أسعار الفائدة المرتفعة في الاقتصاد، وفي سوق رأس المال عند مستويات عالية، لفترة طويلة، كي يتم تحمّل عبء الحصول على قروض عقارية باهظة الثمن للشباب الذين يرغبون في بناء منزل عائلي من جنود ومجندات سيعودون من حرب غزة، رغم أنه لا نهاية مرتقبة لعودتهم قريباً".

لمزيد من توضيح الصورة، فإن عددا من الخبراء الاقتصاديين الإسرائيليين يحذرون منذ اندلاع العدوان على غزة من أن النقص المضطرد في الأيدي العاملة يشمل قطاعات الجملة والتجزئة.

وذلك بجانب تراجع خدمات الضيافة والترفيه، وخدمات التكنولوجيا الفائقة، وسائقي الشاحنات والحافلات، والكتبة، والنوادل والسقاة والطهاة، وعمال المطبخ، والمهندسين، وموظفي أجهزة الكمبيوتر والإدارة والآلات ومطوري البرمجيات وفنيي الشبكات، والمبلطين والبنائين والنجارين وحراس الأمن وبناة المنازل ورصف الخرسانة، وكل ذلك يلقي بظلاله  السوداء على الاقتصاد الإسرائيلي.