بدأ
صندوق الثروة السعودي بإضافة بعض التفاصيل الدقيقة الجديدة إلى المستندات التي يرسلها إلى المصرفيين الذين يأملون في التعامل معه، والتي تتعلق بمعرفة ما إذا كانت شركاتهم قد حصلت على ترخيص مقر إقليمي في المملكة.
وتظهر هذه الخطوة أن الحكومة
السعودية تضاعف جهودها لدفع الشركات المالية الدولية إلى تعزيز وجودها المحلي، وأولئك الذين لا يظهرون "التزاما كافيا" تجاه بلدهم قد يجدون قريبا صعوبة في الفوز بأعمال تجارية كبيرة، بحسب ما ذكرت وكالة "
بلومبيرغ".
وبينما كانت البنوك تأمل في البداية في تجنب هذه القواعد، فقد أصبحت مقاومة الضغوط أكثر صعوبة، خاصة بعد أن أصبحت مجموعة "غولدمان ساكس" أول شركة عملاقة في "وول ستريت" تحصل على مثل هذا الترخيص.
وقال الشريك الإداري الوطني للمملكة العربية السعودية في شركة "لينكلاترز" للمحاماة، وليد راسروماني: "بمجرد اعتماد تراخيص المقر الرئيسي الإقليمي بشكل كافٍ في قطاع ما، فإن ذلك يزيد الضغط على اللاعبين الآخرين في القطاع ليحذوا حذوهم، وتنظر العديد من الشركات في الصناعة المالية بعناية إلى قواعد هذه التراخيص في الوقت الحالي".
وقال أشخاص مطلعون على الأمر، رفضوا الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات سرية، إن طلب هذا الترخيص أصبح الآن جزءًا من عملية الشراء في صندوق الاستثمارات العامة، مضيفين أن صندوق الاستثمارات العامة لا يطلب حاليا من الشركات الحصول على واحدة، على الرغم من أن السؤال عن وضعها التنظيمي يُنظر إليه على أنه يزيد من الضغوط للقيام بذلك، بحسب ما ذكرت الوكالة.
وقد أثار ذلك القلق بين المصرفيين الذين يسعون للعمل مع الصندوق، على الرغم من أن المطالب حتى الآن لا يبدو أنها أثرت على فرصهم في الفوز بتفويضات.
وتعد قدرة الشركات بما في ذلك "جي بي مورغان تشيس"، و شركة "سيتي غروب" على المحك، على متابعة الصفقات في أكبر اقتصاد خليجي والذي هو في خضم برنامج استثماري قيمته عدة تريليونات من الدولارات.
وفي هذا الأسبوع فقط، استعانت السعودية بمجموعة من البنوك لمساعدتها في تحقيق أكبر عملية بيع للأسهم هذا العام، حيث إنها تتطلع إلى جمع ما يصل إلى 12 مليار دولار من خلال بيع جزء من حصتها في شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن ما يعقد المشكلة بالنسبة للبنوك هو الافتقار إلى التفاصيل حول القواعد، كما أنه "ليس من الواضح كيف سيغير بنك غولدمان ساكس عملياته في الشرق الأوسط نتيجة لحصوله على الترخيص الإقليمي".
ويبدو أن أصحاب المصلحة السعوديين الرئيسيين، بما في ذلك البنك المركزي وهيئة السوق المالية ووزارة الاستثمار، يمرون في حالة من الانقسام حول كيفية تنفيذ القواعد.
وقال العديد من الأشخاص المطلعين على الأمر إنهم يشاركون الآن في مناقشات في محاولة لـ "توضيح الوضع".
وتبنت بعض الشركات متعددة الجنسيات نهج "الانتظار والترقب" أثناء تقييمها لكيفية تطبيق القواعد، وفقا لراسروماني من لينكلاتر.
وتم الإعلان عن قانون المقر الإقليمي السعودي في عام 2021 كوسيلة لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر وإجبار
الشركات العالمية على إعادة استثمار بعض الأموال التي كسبتها من العمل مع الحكومة في البلاد.
وقد حفزت القواعد شركات مثل: "بوينغ" و"أمازون" و"برايس" و"وترهاوس كوبرز"، على تعزيز وجودها في السعودية، وفي المجمل فإنه تم منح تراخيص لأكثر من 400 شركة، بما في ذلك شركة المحاماة "لاثام وواتكينز"، و"ألفاريز ومارسال" المتخصصة في إعادة الهيكلة.
وظلت البنوك الأجنبية، حتى وقت قريب، على الهامش، وفي إشارة إلى مدى تعقيد المشكلة، يتجنب بعض المقرضين استخدام مصطلح المقر الرئيسي لأي من مكاتبهم في الشرق الأوسط.
وقالت "بلومبيرغ" إن الإصرار السعودي على مسألة المقر يخاطر بتكثيف المنافسة مع المركزين الماليين المجاورين مثل أبو ظبي ودبي، اللذين استخدمتهما معظم البنوك الدولية لسنوات كقاعدة مريحة لإدارة عملياتها في الخليج.
وكانت العديد من الشركات مترددة في جعل الرياض مركزها الرئيسي لأن موظفيها يفضلون نمط الحياة والرعاية الصحية والسكن والمدارس في دولة الإمارات.
وقال الباحث البارز المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، روبرت موغيلنيكي: "إن مسارات التنمية المتداخلة داخل الخليج والأولويات المرتبطة بها للحكومات الإقليمية يمكن أن تضع الشركات الدولية في بعض الأحيان بين المطرقة والسندان".
وقال: "لا يعتقد السعوديون أنهم بحاجة إلى الوقوف في الطابور لجذب اللاعبين الكبار في هذه الصناعة، بل يجب أن يكونوا في وضع يسمح لهم باختيار الأفضل وسط الطلب الهائل". وقد سعت بعض البنوك إلى تلبية مطالب السعودية من خلال تعيين كبار صانعي الصفقات السعوديين، وإيجاد مسؤولين تنفيذيين رئيسيين في الرياض، والتعهد بنقل المزيد من المصرفيين إلى العاصمة.
ولم تفعل هذه الجهود الكثير لـ"تهدئة" السعودية وفقا لبعض المصرفيين، الذين أجروا محادثات غير رسمية مع المسؤولين السعوديين الذين حثوهم بلطف على التوسع في الرياض، كما أنهم أصدروا تحذيرات صريحة بأنهم إذا استمروا في السفر من مراكز أخرى، فلن يتم الترحيب بهم كمستشارين.
ولكن حتى لو حصلت البنوك على ترخيص سعودي، فسوف تواجه البنوك تحديات أخرى، على سبيل المثال، بموجب القواعد السعودية التي سيتم فرضها عليهم، يجب أن يكون لديهم ما لا يقل عن 15 موظفًا مع ثلاثة من كبار المسؤولين التنفيذيين في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب على دولتين أخريين على الأقل تقديم تقرير إلى المقر السعودي، ويمكن للمؤسسات الكبيرة أن تمتثل لهذه القواعد عن طريق نقل موظفي المكاتب الخلفية إلى البلاد، ولكن بالنسبة للبنوك الاستثمارية الأصغر حجما، فإن مثل هذه الخطوة ستكون أكثر صعوبة.
وينصح أليكس جيميسي، وهو الرئيس التنفيذي لشركة "غرينستون إكويتي بارتنرز" لتوظيف الصناديق ومقرها دبي، البنوك الاستثمارية بالسير على خطى "غولدمان" عاجلا وليس آجلا.
وقال جيميسي: "سوف تضطر إلى القيام بذلك إذا كنت بنكا استثماريا، فلماذا لا تفعل ذلك بشكل أسرع وأكثر تخطيطا وبشكل يبدو استباقيا؟".