أكد وزير الدفاع
القطري خالد بن محمد العطية، الجمعة، أن بلاده لا تخطط لطرد قادة حماس، واصفا
غزة بأنها "أكبر
سجن مفتوح في العالم والآن أكبر مقبرة جماعية"، نتيجة الحرب الإسرائيلية
المدمرة على القطاع والتي دخلت شهرها التاسع.
جاء ذلك في محاضرة "التحديات العالمية والإقليمية بالشرق الأوسط"
التي استضافتها جامعة البوسفور العريقة في
تركيا، وأدارها وزير الدفاع التركي
السابق خلوصي آكار، تناول فيها الوزير القطري الأوضاع والمشاكل التي يواجهها
العالم، ودول المنطقة على وجه الخصوص.
وردا على سؤال عن دور قطر في الوساطة العالمية وأنباء إغلاق مكتب حركة حماس في الدوحة، قال العطية: "قررنا منذ زمن طويل أن قطر لن تكون جزءا من أي كتلة أو طرف، لقد أنشأنا منصة وهي لأي شخص لديه خلافات أو يريد أن يأتي ويغير أفكاره".
وأضاف: "لا يعتبر مكتب حماس مغلقا في قطر، ليس لأننا نريد فقط أن تكون حماس في قطر، نحن نريد تسهيل الحوار بين الأطراف للوصول لحماس مباشرة".
وأكد الوزير العطية في كلمته أن قطر "ترى تركيا شريكا
استراتيجيا"، مشيدا بالصناعات الدفاعية العسكرية لها وبـ "مساهمتها
الكبيرة" في مواجهة مشاكل الفقر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وقدم إحاطة بالتطورات الجارية في المنطقة، وتلقى الأسئلة من محاوره ومن
الحضور، حيث تأتي الفعالية ضمن محاضرات الجامعة في إسطنبول، بحضور أكاديمي وطلابي.
وقال العطية في كلمته: "قطر ترى أن تركيا شريك استراتيجي، ولدينا
الكثير من التعاون، حيث تأصلت العلاقات بين البلدين بمختلف المجالات".
وعن أوضاع المنطقة، أضاف: "لقد كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
مسرحا للقوى العالمية، وقطاع غزة تحت الحصار منذ ما يقرب من 20 عاما وتوصف بأنها
أكبر سجن مفتوح في العالم، والآن أكبر مقبرة جماعية".
ومنذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على
غزة، خلفت قرابة 120 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10
آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وأفاد العطية: "جميعا نتشاطر اهتماما مماثلا بشأن الأمن الإقليمي
والعالمي".
عودة للمربع الأول
وتحدث الوزير عمّا سمّاه "رغبة القوى العالمية في ابتكار حل جديد"
للقضية الفلسطينية، معتبرا أن إنشاء حل جديد مع تجاهل قرارات الأمم المتحدة التي
لم تنفذ "سيأخذنا إلى المربع الأول".
وقال في هذا الصدد: "التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم في منطقتنا
للتوصل إلى حل للوضع الفلسطيني هو وجود 3 مقاربات مختلفة الأولى تتبناها إسرائيل
وهي لا تريد حل الدولتين، والثانية من طرفنا نحاول إقناع المجتمع الدولي بوجود حل
وفق قرارات الأمم المتحدة التي لم تنفذ".
واستدرك: "لكن ما حدث هو رغبة القوى العالمية في ابتكار حل جديد دائما
وإن إنشاء حل جديد سيأخذنا إلى المربع الأول، لأنه في كل مرة يأتون فيها بحل مبتكر،
سيطلبون حلاً مبتكرا آخر".
وجدد ترحيب بلاده باعتراف أيرلندا وإسبانيا والنرويج ومؤخرا سلوفينيا بدولة
فلسطين، معتبرا ذلك "خطوة مهمة نحو دعم حل الدولتين وتحقيق السلام والاستقرار
الإقليميين".
أمن المنطقة كلها مهدد
وفيما يتعلق بغزة، قال الوزير القطري إن "التصعيد الأخير للتدمير
الشامل والإبادة الجماعية ضد الأطفال المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، خلق
تهديدا أمنيا كاملا للمنطقة بأكملها، وأدى توسيع الاستيطان إلى تصعيد الصراع
وتقويض الجهود الدولية لضمان السلام والأمن في المنطقة".
وتابع: "كانت قطر في طليعة جهود السلام من أجل الاستقرار الإقليمي من
خلال الحوار والوساطة، ويجب على المجتمع الدولي بشكل جماعي اتخاذ إجراءات فورية
للمساعدة في (إنهاء) الصراع الدائر في غزة، وإعادة تنشيط مبادرة السلام العربية
التي تهدف إلى إقامة حل الدولتين على أن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين".
وأكمل: "لعبت محكمة العدل الدولية دورا حاسما في معالجة الحرب
المستمرة في غزة، وضمان الاستقرار في غزة وفلسطين أمر بالغ الأهمية للحفاظ على
السلام في المنطقة، وتلتزم قطر بالعمل مع الشركاء لتسهيل الحوار البناء وحل
النزاعات".
وزاد: "في لبنان تصاعد الصراع بين حزب الله وإسرائيل، ويتأثر الوضع في
سوريا بتصاعد التوتر في لبنان حيث انتقل الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى سوريا".
ومضى الوزير القطري بالقول: "الوضع في سوريا حرج مع وجود أكثر من 12
مليون سوري نازح قسرا في المنطقة".
وأردف: "تركيا وحدها تستضيف 3.2 ملايين سوري ونحن ممتنون للدعم
المستمر، لكن هذا يشكل عبئا كبيرا على تركيا وبنيتها التحتية".
ورأى أن "عدم الاستقرار في سوريا يغذي التهديد عبر الحدود، ليس فقط
الجهات المتطرفة وغير الحكومية، بل يفرض أيضا تهديدا مباشرا على رأس المال البشري
في المنطقة".
وأضاف: "استغل نظام الأسد الاضطرابات وعدم الاستقرار الإقليمي لإنتاج
وتهريب الكبتاغون إلى الشرق الأوسط وأوروبا بشكل غير قانوني، والقضية السورية
معقدة حيث هناك الكثير من اللاعبين فيها".
وبين العطية أنه "في شمال أفريقيا وليبيا على وجه الخصوص يتفاقم الوضع
بسبب الانقسام السياسي المستمر وفشل عملية الانتقال السياسي".
وشدد على أن قطر "تظل ملتزمة بدعم الحل السياسي والسلمي الذي يحفظ
السيادة الليبية".
وفيما يخص تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة قال العطية إن
"الصراع في أوكرانيا أثر بشكل مباشر على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
مما يشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائي".
وأشار إلى الدور الحاسم الذي لعبته تركيا في تنفيذ مبادرة حبوب البحر
الأسود، والتي تضمن إيصال الحبوب إلى أقل البلدان نمواً حيث تعتبر الحبوب مصدر
الغذاء الرئيسي.
ولفت إلى أن "لتركيا مساهمة كبيرة في مواجهة مشاكل الفقر وعدم
الاستقرار في الشرق الأوسط، وأؤكد أهمية التنمية والصناعات الدفاعية حيث تعلمنا
الكثير من الدروس وعملنا بشكل وثيق واكتشفنا أهمية وجود صناعة عسكرية محلية
ومستقلة".
استقلالية القرار
وأشاد الوزير العطية باستقلال تركيا في صناعاتها الدفاعية العسكرية، مؤكدا
أهمية هذا التوجه على استقلالية صنع القرار.
وقال بالخصوص: "في كانون الأول/ ديسمبر 2023، قمت بقيادة إحدى
طائراتكم التي تم تجهيزها بجميع المعدات التركية، واليوم تمتلكون مقاتلة خاصة بكم.
هذا هو مدى أهمية أن تكون مستقلا في صناعتك الدفاعية العسكرية، إذا كنت مستقلاً
يمكن أن يكون لديك قرارك الخاص وهذا هو ما تفعله تركيا".
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الصناعات الدفاعية التركية شهد خلال العام
الماضي، نقلة نوعية تتمثل في الإنتاج الغزير ودخول المنافسة العالمية في مجالات
جديدة كان أبرزها صناعة حاملة سفن الطائرات المسيرة، فيما اختارت مجلة ديفينس (Defense)، أربع شركات
تركية ضمن تصنيفها لأفضل 100 شركة في العالم، الذي يعتمد على حجم مبيعات الأسلحة
على أساس سنوي.
من ناحيته، قال رئيس جامعة البوسفور محمد ناجي إنجي: "تهدف محاضرات
الجامعة إلى توفير منصة لشخصيات مؤثرة من مختلف المجالات لتبادل الأفكار وتعزيز
الحوارات الهادفة".
وأضاف: "تعطي هذه السلسلة الأولوية لإجراء فحص متعمق للموضوعات
الأكاديمية والعلمية والثقافية والهامة، بما في ذلك الأمن الدولي والدبلوماسية،
ومعالجة التحديات التي تواجهها تركيا والعالم، وتقديم وجهات نظر جديدة وحلول
مبتكرة ملهمة".
وأوضح: "اليوم متحمسون لأننا نبدأ فصلا جديدا في رحلتنا لتعزيز التميز
الأكاديمي العالمي، في إطار جهودنا المستمرة لجلب شخصيات مشهورة عالميا للتعامل مع
مجتمع الجامعة، والتي تتمتع بشبكة دولية واسعة النطاق، مع 500 اتفاقية تبادل مع
أكثر من 450 جامعة في نحو 40 دولة".