يعود الحديث مجددا عن احتمال إبرام
التطبيع السعودي
الإسرائيلي، إلا أن هذه المرة قد تكون من خلال اتفاقية أمنية دفاعية مُزمع توقيعها قريبا بين واشنطن والرياض، وهذا التطبيع كان محتملا أيضا بشكل كبير قبل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وخلال السنوات الماضية تغير الموقف السعودي بشكل كبير من القضية الفلسطينية، ولعل أبرز مثال على ذلك تصريحات ولي العهد، محمد بن سلمان آل سعود، التي قال فيها إن المملكة "لا تنظر لإسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل"، وانعكاس ذلك على مختلف المجالات، وما حدث بشأن فلسطين بشكل متتالٍ عبر قنوات "إم بي سي" ومنصة "شاهد".
كيف كانت النظرة سابقا؟لم يخرج الموقف السعودي الرسمي منذ عقود طويلة عن المألوف فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ورغم تعاقب الملوك، ظل الموقف هو التمسك بمبادرة السلام العربية الصادرة عن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002.
وانعكس دعم القضية الفلسطينية ورفض المواقف الإسرائيلية على أبرز الأعمال الفنية
السعودية ربما حتى الآن، وهو مسلسل "طاش ما طاش"، الذي أنتج في 2002 أيضا حلقة باسم "خضار الشرق" تتحدث عن القضية الفلسطينية، وذلك منذ الانتداب البريطاني حتى انتفاضة الأقصى، وتقدم أبرز المحطات التاريخية بطريقة كوميدية وساخرة ورمزية.
تبدأ الحلقة بتقديم شخصية "أبو شنب" التي تمثل الاحتلال الإسرائيلي، وشخصية "داوود" الذي يمثل الولايات المتحدة، ويعمل على إشغال الدول العربية بأمور لا يعرفونها ولم ترد عليهم، بينما يذهب الأول لاحتلال فلسطين، ورمزيته هنا "بسطة زهرة للخضار".
بعدما تمكن "داوود" من إلهاء "ناصر" و"سليمان" وزميله ودعوته لهم إلى منزله من أجل التعرف على "الكيوي" و"الكاكا"، وذهاب شخصية "عبد الرحمن" إلى القهوة، يستغل أبو شنب هذه الحالة ويعتدي بالضرب على زهرة ويسيطر على موقعها في "السوق"، ثم يقول إنه قام بشراء المكان من "زهرة".
يعود جيران زهرة ليجدوا "أبو شنب" الفظ يسيطر على مكان "زهرة"، وهم غير مقتنعين أنه قد يكون قام بشراء المكان الذي لم يعرض يوما للبيع، ثم يجدون جارتهم بنفسها وهي في حالة صحية متردية وآثار الضرب عليها.
وتبدأ رحلة محاولة إعادة حق "زهرة" باللجوء إلى الشرطة التي تمثل هيئة انتداب عسكري أجنبي ويقدم دورها نفس ممثل شخصية "أبو شنب"، وذلك بعد اتفاق جميع جيران زهرة على استبعاد حل "التدخل بالقوة"، وبحسب الحلقة يخضع هذا الانتداب لتأثير اللوبيات والجهات الداعمة لـ "إسرائيل".
تفشل الخطة الأولى باعتبار أن هذه الأمور ليست من اختصاص الشرطة بل من اختصاص مدير البلدية، الذي يقدم دوره أيضا "أبو شنب"، ويرد عليهم أن الصكوك والوثائق التاريخية التي عنده تثبت حق "أبو شنب" في مكان زهرة في السوق.
يلوم جيران "زهرة" أنفسهم ويبدأون باتهام بعضهم البعض بالجبن والخوف بينما "أبو شنب" يجلس في مكانه الجديد ويبدأ بممارسة أعماله بشكل طبيعي، ليتم الاتفاق على "وضع خطة" من أجل معالجة القضية بشكل جذري.
ويعرف بهذا المخطط "داوود" الذي يسارع إلى تحذير "أبو شنب" الذي يتجهز بالسلاح من أجل الدفاع عن موقعه الذي سرقه من زهرة، وبالفعل ينجح في ذلك بل يحصل أيضا على حق "ناصر"، في إشارة كما يبدو إلى أحداث حرب النكسة عام 1967.
وعقب ذلك يتدخل "داوود" كوسيط ويقترح إجراء مفاوضات مع "أبو شنب"، ويظهر مصطلح حل كل مشكلة على حدة، وتبدأ إغراءات تفريق الأصدقاء والجيران.
يضع "أبو شنب" شروطه خلال المفاوضات، وأبرزها "إغلاق الباب الذي يأتي من جهة ناصر بشكل نهائي"، ثم يعود حق "ناصر"، وتعود "زهرة" للعمل في مبسطها تحت إمرة "أبو شنب".
تنتهي الحلقة بسيطرة "أبو شنب" على السوق، وبيدأ بجلب أقربائه للعمل معه، بينما يستمر "داوود" بتنظيم حفلات لإلهاء باقي الدول، و"زهرة" تطرد من السوق نهائيا.
كيف تغير الوضع؟
بعد هذه الحلقة بـ 18 عاما، عاد الفنان ناصر القصبي النجم الشهير لمسلسل "طاش ما طاش" والذي جسد شخصية "سليمان" في حلقة "خضار الشرق"، لطرح قضية فلسطين، لكن هذه المرة من خلال حلقة في مسلسل "مخرج 7" الذي تعرض لانتقادات واسعة بزعم ترويج التطبيع.
وعرض هذا المسلسل عام 2020، عبر قناة "إم بي سي" السعودية وما يتضمنه من رؤية تطبيعية مقدمة كوجهة نظر تقبل الاختلاف، ويقدم آراء في معركة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وفي نفس العام وضمن موسم شهر رمضان، جاء عرض مسلسل "أم هارون" الذي يتبنى رواية الاحتلال التاريخية حول قيام دولة الاحتلال، ويتجاهل بشكل كامل تاريخ النكبة والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
وفي كانون الثاني/ يناير 2023، عرضت الشبكة السعودية الشهيرة مسلسل "وشوشات من غزة" الذي أنتجه كل من "مركز اتصالات السلام" في الولايات المتحدة، بالتعاون مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، وتولت "قناة العربية" إصداره باللغة العربية، وصدر بـ 6 لغات أخرى.
وينقل المسلسل ما أسماها "شهادات لسكان قطاع غزة" يتحدثون فيها عن حلمهم بـ "التحرر من حماس" فيما يتجاهل بشكل كامل كل ظروف القطاع وما يتعرض له من حصار إسرائيلي وجولات عدوان متواصلة.
وفي تموز/ يوليو 2023، كشفت إذاعة "كان" الحكومية في "إسرائيل" أنها أتمت صفقة بيع حقوق بث المسلسل الوثائقي "نبوءة كاسندرا" لصالح قناة "إم بي سي" ومنصتها الترفيهية "شاهد".
ويعتبر مسلسل "نبوءة كاسندرا" أول عمل إسرائيلي يعرض على قناة عربية، يروّج لجرائم جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، ويحاول تسويقها ضمن قوالب بطولية، وينسب له هجمات مشتركة مع إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في أمريكا الجنوبية ولبنان.
وسبق هذا البث للمسلسل الداعم لـ "إسرائيل"، حذف منصة شاهد لمسلسل "التغريبة الفلسطينية" من قائمة محتواها، وذلك في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، بعد أيام على إعلان التطبيع الإماراتي مع الاحتلال.
وفي آذار/مارس 2023، وقعت منصة "شاهد" أيضا اتفاقية تطبيعية مع شركة الاتصالات الإسرائيلية "بارتنر"، تتيح بموجبها للجمهور الإسرائيلي مشاهدة أكبر للمنصة الترفيهية الشهيرة، بتسهيلات واسعة حول طرق الاشتراك والدفع داخل "إسرائيل".