سلطت صحيفة "
هآرتس" العبرية، الضوء على
توسع دائرة
المقاطعة العالمية للاحتلال الإسرائيلي، تزامنا مع
الحرب المستمرة على
قطاع
غزة للشهر التاسع على التوالي، إلى جانب العجز الذي ينتاب حكومة بنيامين
نتنياهو إزاء هذه المقاطعة.
وقالت صحيفة "هآرتس" في مقال ترجمته
"
عربي21"، إن "صبر العالم بدأ ينفد إزاء سلوك إسرائيل في حرب غزة،
ويتخذ خطوات مثل تقييد الصادرات، وإلغاء الاجتماعات المهنية، والتراجع عن
المعاملات التجارية المخطط لها، وما إلى ذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية
ليس لديها إنجاز واحد يُحسب لها، بل سلسلة طويلة من الإخفاقات والأضرار التي لحقتها على كل الجبهات الممكنة: الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ولفتت إلى أنه في الأسابيع الأخيرة، تعرضت
"إسرائيل" لضربات شبه يومية بسبب القرار الذي تم اتخاذه في الخارج،
والذي أدى إلى تآكل ما كان يُعرف حتى وقت قريب، باسم "دولة الشركات
الناشئة"، وهي نقطة جذب للاستثمارات العالمية.
معاقبة إسرائيل
وتابعت: "كل إعلان من هذا القبيل يأتي في أعقاب
إعلانات أخرى، يخلق شعورا بأن الشركات المتعددة الجنسيات والدول الأوروبية
تعتقد أنها بحاجة إلى معاقبة إسرائيل، أو على الأقل الابتعاد عنها".
وذكرت أنه على الصعيد الدبلوماسي، أعلنت إسبانيا
والنرويج وإيرلندا الأسبوع الماضي اعترافها بالدولة الفلسطينية، فيما تدرس دول
أوروبية أخرى تحركاتها ويمكن أن تحذو حذوها، وفي إجراء مثير للغضب بشكل خاص، أعلنت
حكومة المالديف أنه لن يُسمح للإسرائيليين بدخول البلاد بعد الآن، على خلفية الحرب
في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الصعيد الاقتصادي، فرض
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقاطعة على تصدير البضائع والمواد الخام إلى
إسرائيل، مؤكدة أن ذلك لم يكن مفاجئا، في ظل عدائه لإسرائيل. وما كان مفاجئاً هو
القرار الذي اتخذته فرنسا بإلغاء مشاركة إسرائيل في معرض الأسلحة والدفاع الأوروبي
2024، المقرر عقده في باريس في وقت لاحق من هذا الشهر، احتجاجاً على العملية التي
يقوم بها الجيش الإسرائيلي في رفح.
ونوهت إلى أن هذا الحدث يعد واحدًا من الأكبر من
نوعه في أوروبا، ولدى شركات الأمن الإسرائيلية الكثير لتتباهى به هناك في هذا
الوقت، حيث تدفع الحرب الروسية الأوكرانية العديد من الدول الأوروبية إلى الحصول
على أسلحة متقدمة. وسيكون لديهم أيضًا ميزة كبيرة تنبع من حقيقة أن منتجاتهم تُستخدم
في الحرب الحالية في غزة، ما يمكنهم من إظهار ما يمكن أن تفعله الذخائر في الوقت
الفعلي. وحث الوزير بيني غانتس رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال على إلغاء
القرار الذي وصفه بأنه "جائزة للإرهاب".
وفي قطاع الأعمال، اتُخذت مؤخراً عدة قرارات بسبب
طول أمد الحرب في غزة، ومن بينها القرار الذي اتخذته سلسلة مطاعم القهوة
والساندويتشات البريطانية Pret a Manger بالانسحاب من اتفاقية امتياز مع مجموعة التجزئة الإسرائيلية Fox لفتح عشرات الفروع في إسرائيل.
وأبلغ فوكس البورصة أن السلسلة البريطانية أوضحت أن
الحرب هي حدث قوة قاهرة من شأنه أن يؤثر على "قدرة Pret
a Manger على تنفيذ الإجراءات الأولية المطلوبة، لبدء
النشاط بناءً على اتفاقية الترخيص".
وبحسب الصحيفة، يبدو ذلك وكأنه طريقة ملتوية للقول: "لقد
واصلنا العمل دون نشاط في إسرائيل حتى الآن، وليس هناك سبب لإثارة غضب عملائنا
المسلمين في أوروبا". وواجهت السلسلة بالفعل انتقادات من الجماعات المؤيدة
للفلسطينيين، التي تظاهرت خارج فروعها في لندن وجمعت التوقيعات على الالتماسات
التي تطالب بمقاطعتها.
وتواجه شركة ماكدونالدز أيضًا مقاطعة مؤيدة
للفلسطينيين أدت إلى خفض مبيعاتها في جميع أنحاء العالم، وفقًا لتقاريرها. وفي
نيسان/أبريل، استحوذت الشركة العالمية، في صفقة خاطفة، على فروع السلسلة البالغ
عددها 225 فرعا في إسرائيل من صاحب الامتياز، عمري بادان، الذي أسس وجود الشركة في
إسرائيل عام 1993.
وأوضحت "هآرتس" أن "تغلغل ماكدونالدز
في إسرائيل كان أحد بوادر نهاية المقاطعة العربية التي واجهتها إسرائيل منذ
قيامها. ويهدف استحواذ السلسلة على عملياتها في إسرائيل إلى تقليل الاحتكاك مع
عملائها المسلمين على المستوى الدولي، ويعود ذلك جزئيًا إلى تقليل ارتباط
ماكدونالدز بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي والأسرى المحتجزين في غزة".
مكانة المستثمرين
ولفتت إلى أنه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول،
بدأ بادان حملة غير مسبوقة لتخفيض عدد الجنود الذين يرتدون الزي العسكري بنسبة 50%
في كافة الفروع المحلية للسلسلة ـ وبالتالي تكثيف الضغوط على الشبكة العالمية.
ويعتقد أنه بعد إتمام الصفقة الجديدة، ستقوم ماكدونالدز بتقليص أو إلغاء الخصم،
على أمل تخفيف الانتقادات والمقاطعة الدولية للسلسلة.
وتطرقت الصحيفة إلى أن التكنولوجيا الفائقة –وهي
المحرك الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي– واجهت صعوبات ناجمة عن الحرب. ومع ذلك، في
هذه الحالة، لا يُنظر إلى الوضع على أنه مقاطعة، بل كتخفيض مؤقت لمكانة المستثمرين
الأجانب حتى انتهاء القتال.
وشددت على أنه سيكون للمقاطعة تأثير طويل المدى على
تكاليف المعيشة والقدرة التنافسية، مبينة أنه "بالفعل شهدنا ارتفاعات في
الأسعار في الأشهر الأخيرة كرد فعل على الحرب – حيث قامت شركة العال برفع تكاليف
التذاكر عندما توقفت شركات الطيران الأجنبية عن السفر إلى إسرائيل؛ وارتفاع أسعار
الشحن بسبب التهديد الصاروخي الحوثي؛ وارتفاع أسعار العقارات والإنتاج بسبب نقص
عمال البناء والزراعة؛ وحتى حقيقة أن عددًا أقل من الإسرائيليين يسافرون إلى
الخارج، ما يزيد الطلب على كل شيء في الداخل. وقد تفاقم كل ما سبق بسبب الحكومة
المشتتة التي فشلت في معالجة قضية تكلفة المعيشة. إذا توسعت المقاطعة، فإن
المستهلكين الإسرائيليين سوف يشعرون بها بشكل أعمق في جيوبهم".