لا يبدو حاييم تومار، الرئيس السابق لشعبة المخابرات وقسم الفضاء في جهاز الموساد، متفائلا بشأن فرص نجاة دولة
الاحتلال من
حرب واسعة النطاق في المنطقة، في ضوء تقييماته السلبية لمواصلة القتال في
غزة، وتوسيع الحملة في الشمال، وتجاهل الخطوط العريضة التي اقترحها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكلها تعبّد الطريق نحو السيناريو الأسوأ الذي قد تجد الدولة نفسها فيه.
وأجرت صحيفة "إسرائيل اليوم"
لقاء مطولا مع تومار الذي اعترف أن "الدخول في حملة واسعة النطاق في لبنان في هذا الوقت، بعد ثمانية أشهر من القتال في غزة، سيزيد بشكل كبير من الخطر على قدرة دولة الاحتلال على مواصلة عملها كدولة ذات اقتصاد، ومجتمع، ولاعب دولي، وعلى الجمهور أن يفهم أن الحرب الشاملة تشكل تهديداً للرؤية الصهيونية لإسرائيل".
الشمال المهجور
وأضاف في مقابلة ترجمتها "عربي21"، "أن أمامنا سيناريو مرعب تنطلق فيه آلاف الصواريخ من
حزب الله بهدف إحداث شلل في الدولة بأكملها لأسابيع متواصلة، بما فيها ميناء حيفا والمطارات العسكرية في الشمال، وربما تواجه أجزاء واسعة من الدولة ذات مصير كريات شمونة المهجورة والجليل المهجور، وسط كثير من الدمار، خاصة مدن عكا وطبرية وحيفا، وربما تل أبيب أيضاً، أي أننا سنكون أمام تهديد على نطاق لم نصفه من قبل، لأن حزب الله خلق تهديداً لم نتخيله، وليس لدى الجيش رد عليه".
وتابع، "أن قتالا متعدد الجبهات يعني امتلاك أعداء إسرائيل صواريخ دقيقة يمكنها تفجير حقول الغاز في ثوان، وليس لدينا رد على حماس وحزب الله، خاصة كمية الطائرات بدون طيار التي يمتلكها الحزب، كما لم تعد قواتنا الجوية حرة في العمل فوق لبنان بسبب نظام الكشف الذي زودته إيران للحزب، ولذلك لا يوجد سبب للتقليل من قدرات حزب الله التكتيكية والعسكرية".
وأوضح، "إنهم يمتلكون معلومات استخباراتية تكتيكية أفضل من إسرائيل، أو على الأقل لا تقل عن تلك التي لدينا، وليس من المؤكد أن منظوماتنا المطورة تعرف كيفية الرد".
وأكد، "الحزب قادر على مهاجمتنا بـ100-150 ألف رأس حربي، ويمكنه إطلاق 1500 صاروخ يوميا في الأيام الأولى من القتال، وبعد عشرة أيام بالكاد يمكننا خدش 10 بالمئة من ترسانتهم، إذا حدث مثل هذا السيناريو، فلن يكون لدينا إجابة كاملة، ما يستدعي منا أن نفهم أن أعداءنا في مختلف الجبهات، حماس في غزة وحزب الله في لبنان، طوّروا تكتيكات قتالية تحت الأرض، ولديهم قدرة قتالية أعلى مما كانوا عليه من قبل".
مخطط بايدن
وأوضح، "أن إسرائيل تتجادل بين خيارين مهمين، كل خيار له معنى مصيري بالنسبة لها، نحن على مفترق طرق تاريخي مصيري، وهو سيناريو ليس مثاليا فحسب، بل أيضا كارثة، أولهما القبول بمخطط بايدن لتجميد القتال في غزة، ثم تجميده على الجبهة الشمالية، وإطلاق سراح بعض المختطفين، وكسب الوقت".
وبحسب تومار، "فإن السيناريو الثاني يتمثل بخوض حرب واسعة النطاق، وبعد ثمانية أشهر من القتال، أصبح الجيش مرهقا، ما يتطلب من الدولة أن تفهم أن عليها وقف الحرب، وخلق سيناريو النهاية في غزة، وهو الأمر الذي لم تتعامل معه القيادة بشكل صحيح".
وحذر، "من أن العالم ينظر لإسرائيل، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا بأنها ضعيفة في نظر أعدائها في المنطقة، وضعيفة في حد ذاتها، فهي لم تنجح بالتصدّي لهجوم السابع من أكتوبر، ولا تنجح اليوم أيضا في حرب غزة".
وأردف، "أن من الواضح للجميع أن هناك خلافا كبيرا بين واشنطن وتل أبيب، وهناك تحفظ لدى إدارة بايدن تجاه بنيامين نتنياهو وحكومته، وغضب متراكم، والنتيجة أن الاحتلال يعاني من ضرر كبير بمكانته الدولية، وستتدهور العلاقات الصعبة بين بايدن ونتنياهو عقب خطاب الأخير المتوقع أمام الكونغرس".
تضرر مكانة الاحتلال
وكشف أن "وضع إسرائيل المتضرر حول العالم يُفشلها أيضا في حربها غير السرية ضد إيران، لقد تضررت مكانتنا الدولية على المستوى الاستراتيجي بشكل كبير، ولا يوجد لدينا حاليا تحالف ضد إيران، وهكذا نخسر الشراكة مع تحالف الدول المختلفة التي انضمت للتحالف الدولي".
واعتبر أن "ترويج شعار أننا سننتصر في النهاية فكرة غبية، لأننا في حالة حرب منذ ثمانية أشهر ضد حماس، وهي منظمة صغيرة نسبياً لم يتم تقييمها بشكل صحيح، ولا زلنا لم نتمكن من هزيمتها، رغم أننا وجهنا لها ضربة كبيرة وقاسية، لكننا لم ننجح بذلك، بل إن الحركة تمكنت من السيطرة بشكل كامل على غزة، ولم تردعهم عمليات الجيش عن إطلاق الصواريخ باتجاه الجنوب".
وختم قائلا، "إن النتيجة أنه لا يوجد إنجاز استراتيجي لنا في غزة، وهناك خطر من التحول لحرب أوسع في لبنان تقف وراءها إيران، خاصة مع الأنواع المتطورة للغاية من الصواريخ التي سنواجهها في ساحة المعركة، وليس لدى الجيش إجابة على الطائرات بدون طيار، ما يستدعي بصورة عاجلة القبول بمخطط بايدن، لأن التصميم على القتال، والادعاء أننا في النهاية سننتصر، هذا غباء، وسيقودنا إلى الدمار".