يشهد موسم الأضاحي هذا العام ظاهرة جديدة أخذت في الانتشار، حيث يزداد إقبال
المصريين على شراء الأضاحي من الدول الأفريقية الفقيرة المجاورة وذبحها وتوزيعها على فقراء المسلمين، وذلك هربًا من الأسعار المرتفعة التي وصلت إليها الأضاحي المحلية.
ويعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، أبرزها تراجع الثروة الحيوانية المحلية بسبب نقص الأعلاف المستوردة، وارتفاع أسعارها بشكل كبير، بالإضافة إلى تراجع الدعم الحكومي للمواشي، ما أدى إلى زيادة اعتماد مصر على الاستيراد.
وتمثل هذه الظاهرة تحديًا جديدًا أمام المصريين، الذين يحرصون على إحياء شعيرة الأضحية سنويًا، خاصة مع تراجع القدرة الشرائية للعديد منهم وارتفاع أسعارها بشكل كبير خلال عامين فقط بنسبة زيادة بلغت أكثر من 300 في المئة على الأقل..
بدائل المصريين لشراء الأضاحي
مع تراجع قدرة بعض الأسر المصرية على شراء الأضاحي، فإنها وجدت في الجمعيات والمؤسسات الخيرية المصرية التي تنشط في دول القارة الأفريقية مخرجا لأزمتها، خاصة أن ثمن صك الأضحية أقل 5 مرات عن نظيره المحلي.
دفع الفارق الكبير في الأسعار بين الأضاحي المحلية والأفريقية البعض إلى التوجه جنوبا لأداء الشعيرة في ظل عدم القدرة على القيام بها في مصر، وبلغ سعر صك الخروف في أفريقيا 2100 (حوالي 45 دولارا)، وسعر صك البقر 22 ألف جنيه (حوالي 470 دولارا).
بشأن أسعار الأضاحي المحلية يقول المعلم محمد أبو بدرة، الذي أقام شادرا للأضاحي من الغنم والبقر في إحدى ضواحي مدينة الجيزة: "الأسعار زادت حوالي 30 في المئة ويبلغ متوسط سعر الخراف سواء البلدي أو البرقي 12500 جنيه (265 دولارا)، ويبلغ متوسط سعر العجول البقري والجاموسي وزن 400 كغم حوالي 85 ألف جنيه (1800 دولار)، أما متوسط سعر الكيلو قائما فيبلغ في الغنم 220 جنيها وفي البقر 190 جنيها".
وأرجع في حديثه لـ"عربي21" غلاء الأضاحي إلى "ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، نتيجة للتضخم وعدم وجود أي دعم حكومي، وتراجع الثروة الحيوانية المحلية؛ بسبب عدم الاهتمام بهذا القطاع والاعتماد على استيراد المواشي: ما يجعل الأسعار تتأثر بسعر الدولار".
وفي ما يتعلق بالإقبال، فأكد بدرة أن "الإقبال يرثى له، هناك تراجع يصل إلى 50 في المئة وأكثر، ويختلف الأمر من مكان لآخر، لكن في العموم الغلاء جعل الكثيرين يفكرون مرتين قبل اتخاذ قرار شراء الأضاحي، ولكن بعض المقتدرين لا يعنيهم السعر بقدر ما يعنيهم جودة الأضحية وهذا النوع قليل".
تأثير الظاهرة وانتشارها
يقول المدير التنفيذي لجمعية حياة يولو (طريق الحياة)، أمير توران، ومقرها إسطنبول بتركيا ولها فروع في بعض البلدان العربية إن "هناك ارتفاعا في الطلب على الأضاحي بالخارج لعدة أسباب منها على سبيل المثال الوضع العام الصعب في فلسطين، ورخص سعر الأضاحي في الدول الفقيرة في أفريقيا مثل الصومال وتشاد وغيرهما".
وبخصوص الأسعار في تلك الدول، أوضح لـ"عربي21": "في قسم الأضاحي الحية في بعض البلدان الأفريقية يصل سعر الأضحية من الغنم إلى حوالي 70 دولارا وهناك إقبال متزايد على شراء الأضاحي في أفريقيا في كل عام مقارنة بالأسعار ليس في مصر فقط بل وفي الأردن وفلسطين وتركيا وغيرها من البلدان".
بدوه، قال مندوب مؤسسة زاد أفريقيا التي تنشط في بعض الدول الأفريقية من بينها أوغندا إن "هناك أكثر من نوع للذبح من بينها الأضاحي وصدقات إطعام في العقائق والنذور والفدية وغيرها، وفي كل الحالات يصل سعر الخروف 2400 جنيها (51 دولارا) شامل الذبح والتوزيع والإطعام، ويبلغ ثمن البقرة 15000 (319 دولار) بالإطعام والتوزيع".
وفي ما يتعلق بآلية الذبح أوضح مندوب المؤسسة لـ"عربي21": "نقوم بتوثيق الذبح والأكل والتوزيع بفيديو وصور باسم المتبرع أو الطفل نفسه ويتم التوزيع والطبخ والذبح في قرى المسلمين الأشد فقرًا في أوغندا ويتم الذبح من مزارعنا هناك بحسب الشريعة الإسلامية، وجميع الذبائح مطابقة للشريعة ويتم الذبح والتوزيع عن طريقنا بشكل كامل".
ويقل ثمن الأضاحي في تلك البلدان مقارنة بمصر التي كانت لا تعاني من ارتفاع الأسعار بهذا الشكل قبل عدة سنوات، بحسب مندوب المؤسسة الخيرية، إلى عدة عوامل، منها العملة المحلية الضعيفة لتلك الدول، ووفرة المراعي الخصبة الكثيرة، والثروة الحيوانية المحلية الكبيرة.
ردود الفعل
أثارت هذه الظاهرة استياء بعض وسائل الإعلام الحكومية المحلية التي ترى أن هذا التوجه يؤثر سلبًا على الفقراء في مصر الذين يعتمدون على الأضاحي المحلية. وترى هذه الوسائل أن الحل يكمن في دعم الثروة الحيوانية المحلية وتقديم تسهيلات لاستيراد الأعلاف بأسعار معقولة.
ويقول نشطاء ومواطنون إنه تقع على عاتق الحكومة المصرية مسؤولية اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة أزمة ارتفاع أسعار الأضاحي، وحماية الثروة الحيوانية المحلية، وذلك من خلال: زيادة الدعم الحكومي للمربين وتشجيعهم على تربية المواشي، وتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة للمربين، وتوفير حوافز للمستثمرين لإقامة مشاريع تربية المواشي في مصر.