عام 2017، بدأت
المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس
السوداني السابق عمر البشير
بشأن التفاوض على وجود بحري روسي محتمل، ولكن تم تجميد الصفقة بعد الإطاحة بالبشير
في عام 2019.
بعد 2019، لجأ
السودان إلى سياسة التأخير لتجنب الاصطدام مع الغرب والجيران الإقليميين، خاصة في
ظل وجود اتفاقية بين الدول المشاطئة على البحر الأحمر، بأن يتم المحافظة على عروبة
البحر الأحمر، وعدم إعطاء أي
قواعد لقوات أجنبية أو تواجد عسكري أجنبي.
هذه المماطلة؛
دفعت
روسيا في أواخر عام 2020، إلى توقيع ونشر نسخة من اتفاقية إنشاء القاعدة والتي
تبلغ مدتها 25 عاما، بشكل أحادي، وذلك في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع.
رد رئيس هيئة
الأركان في الجيش السوداني الفريق محمد عثمان الحسين في حزيران/ يونيو 2021، وقال
"إن الصفقة ما زالت قيد المراجعة"، وعز ذلك إلى "أن المجلس
التشريعي (الهيئة المسؤولة عن الموافقة على هذه الإجراءات في الحكومة الانتقالية)،
لم يتم تشكيلها بعد".
بعد مرور أكثر من عام على الحرب الدائرة في السودان، منذ نيسان/ أبريل 2023، يشعر القادة العسكريون السودانيون أن حجم دعم الحلفاء التقليديين لهم لا يكفي لحسم الصراع مع قوات الدعم السريع، في ظل وجود خطوط إمداد عسكرية مستدامة للدعم السريع
خلال هذه الفترة،
عمل
حميدتي قائد الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة، على التقرب من موسكو، إلا
أن القادة العسكريين سعوا إلى تجنب إغضاب الغرب وحلفائهم الرئيسيين الآخرين في
المنطقة، وهو ما عزز فرص التعاون العسكري بين موسكو والدعم السريع خلال الحرب
الدائرة في السودان.
بعد عودة حميدتي
من زيارة لموسكو في آذار/ مارس 2022، أعلن ترحيبه بإقامة قاعدة عسكرية روسية على
أراضي بلاده، وهو ما أقلق مسؤولين مصريين. جرت اتصالات رفيعة المستوى من الجانب
المصري، طالبت حميدتي والمسؤولين في السودان بتوضيح للتصريحات الخاصة بملف القاعدة
البحرية الروسية، مشددة على أن مشروعات كهذه يجب ألا تضر بمصالح دول الجوار، بحسب
صحيفة العربي الجديد.
بعد مرور أكثر من
عام على الحرب الدائرة في السودان، منذ نيسان/ أبريل 2023، يشعر القادة العسكريون
السودانيون أن حجم دعم الحلفاء التقليديين لهم لا يكفي لحسم الصراع مع قوات الدعم
السريع، في ظل وجود خطوط إمداد عسكرية مستدامة للدعم السريع، عبر تحالفاتها
الإقليمية والدولية.
ويوم الجمعة
الماضي (7 حزيران/ يونيو 2024)، التقى نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في
السودان مالك عقار، مع سيرجي لافروف على هامش منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي
في موسكو، وناقشا مستجدات الأوضاع في السودان، والتطوّرات في مسارح العمليات
العسكرية، ورؤية الحكومة بشأن استقرار الأوضاع، وإحلال السلام.
يسعى مجلس
السيادة السوداني من خلال إعادة التوازن إلى علاقته بموسكو لتقليص الإمداد العسكري
المقدم إلى الدعم السريع، وإعادة توجيه هذا الدعم إلى الجيش السوداني، في ظل
انشغال الجيران بملفات أكثر سخونة كحرب غزة.
لا تقتصر
المحفزات الروسية للخرطوم على الدعم العسكري، ولكنها قد تمتد إلى ملفات أخرى.
يعاني السودان من شح المشتقات البترولية، وندرة توفر المواد الأساسية في الأسواق،
وهو ما قد يدفع السودان إلى تفعيل الاتفاقية.
يمنح الاتفاق روسيا نقطة تزود على البحر الأحمر، وهو أمر يقلق جيران السودان ويزعج الولايات المتحدة، كما أنه يجعل البحر الأحمر ساحة صراع محتملة بين القوى الدولية، ولكنه يعزز فرص الجيش القضاء على تمرد الدعم السريع
يمتلك
السودان خبرة طويلة في التعامل مع الحصار الغربي، وهو ما يجعل تهديدات الغرب
بإعادة فرض عقوبات على السودان أقل تأثيرا مقابل المحفزات الروسية، كما عكس فشل
القوى الغربية في عزل روسيا بعد غزو أوكرانيا نموذجا يمكن الاقتداء به في المجتمع
الدولي.
كشفت بلومبرج عن
بعض تفاصيل الاتفاقية عبر مصادر سودانية. مدة الاتفاقية 25 عاما، وتنتهي برغبة أحد
الطرفين في إنهاء الاتفاق، وتنص على أن تدعم وتمنح روسيا الجيش السوداني عتادا
حربيا وفق بروتوكول منفصل، إضافة إلى مساعدة روسيا في تطوير القوات المسلحة
السودانية.
كما تنص على ألا
يتعدى عدد السفن الموجودة في نقطة الدعم الفني 4 قطع في آن واحد، متضمنة السفن
الحربية، على ألا يتعدى التواجد الروسي 300 فرد فقط للفنيين العاملين بنقطة الدعم
اللوجستي.
يمنح الاتفاق
روسيا نقطة تزود على البحر الأحمر، وهو أمر يقلق جيران السودان ويزعج الولايات
المتحدة، كما أنه يجعل البحر الأحمر ساحة صراع محتملة بين القوى الدولية، ولكنه
يعزز فرص الجيش للقضاء على تمرد الدعم السريع.. فهل يمضي السودان في تفعيل هذه
الاتفاقية؟