رغم الشعور بالابتهاج الذي ساد الاستوديوهات التلفزيونية في الإعلام العبري، عقب عملية تحرير عدد من الأسرى المحتجزين في
غزة، قبل أيام، وتخلّلها ارتكاب مجزرة دموية، ذهب ضحيتها قرابة الثلاثمائة شهيد
فلسطيني ومئات الجرحى والمصابين، فإن القناعة الإسرائيلية المتجسّدة أن مثل هذه العمليات الخاصة والمنفردة تأتي كنوع من "حقن" التفاؤل للتخفيف من خيبات الأمل، والمخاوف في الحروب، التي يخسرون معظمها منذ عام 1967.
رون إدليست، وهو الكاتب في صحيفة "
معاريف" قال إن "ذلك لا يعني أنه كان ينبغي التخلّي عن تنفيذ تلك العملية في النصيرات وسط قطاع غزة، لكننا أمام مقتل ضابط كبير ومئات الفلسطينيين، ما يعني أن العملية كان ثمنها دموياً، بالنسبة للجانبين، جاء الثمن باهظاً، مع أن ذلك لا يلغي فرضية أنه من غير الممكن إعادة الأسرى عبر إجراء مثل هذه العمليات البرية".
وأوضح إدليست، في
مقال ترجمته "عربي21"، أن "العنصر الأكثر أهمية على طريق الإصلاح والتعافي هو وقف الأعمال العدائية، والآن، من خلال وقف القتال، لأنه لا توجد صلة بين هذه العملية وسير الحرب".
وأضاف: "ما حدث في وسط قطاع غزة لم يكن أكثر من عملية محلية تعقدت بسبب عدم وجود معلومات استخباراتية عن أبعاد وقدرات ’حماس’ تحت الأرض، وقد أحدثت الاشتباكات دماراً وقتلاً، سيوصلنا بالتأكيد إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي".
وتابع: "مع أنه كان من الممكن منع دخول حزب الله إلى القتال بسهولة لو أن حكومة الاحتلال شرعت في عملية تبادل كافة الأسرى الفلسطينيين مقابل كافة المختطفين الإسرائيليين، إضافة إلى مواجهة دامت تسعة أشهر، ومن الواضح أن حماس تشتري المزيد من الوقت، فيما الحكومة الإسرائيلية تنهار".
وأشار إلى أن "السبب وراء عدم قيام الحكومة بذلك واضح، وهو أن بنيامين نتنياهو وشركاءه، خاصة الجناح القومي المسيحاني، رأوا في ذلك استسلامًا من شأنه أن يؤدي لإدانة نتنياهو، وتنفيذ مخطط الرئيس جو بايدن، الخاص بإقامة الدولة الفلسطينية، والنتيجة أن ذلك يقودنا إلى استمرار القتال العقيم وغير المجدي، وإنجاز المزيد من العمليات التي تحظى برضا الجمهور، ولا يوجد أحد مثل نتنياهو الذي يحوّل أي عملية من الأفلام، إلى نصر كامل، يخرج أتباعه من جلودهم ليثبتوا أن زعيمهم يتحمل المسؤولية، ويخاطر بالفشل".
وأوضح أن "نتنياهو الذي يسعى بلهفة للحصول على كل ذرة من الشرعية لم يكن ليجرؤ على إظهار وجهه لو فشلت العملية، بل كان سيلوم رئيس الأركان والجيش والشاباك، وهو يدير هذه الحملة برمّتها هذه الأيام".
واستطرد بالقول: "مع أن هذا هو الوقت الذي تفقد فيه دولة الاحتلال أهميتها في العالم، وقد يقوم مجلس الأمن، مع امتناع الولايات المتحدة عن فرض العقوبات، بإضافتها إلى "القائمة السوداء" للدول التي تستهدف الأطفال".
وختم بالقول إن "كل هذه التحركات الدولية تأتي تمهيدا لمناقشة الاتهامات الموجهة ضد الاحتلال في المحكمة الدولية في لاهاي، تمهيدا لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت. ومن أجل التعامل مع هذا التسونامي، فإن على الإسرائيليين أن يخرجوا في العملية الوحيدة التي قد تنقذنا من سجن الوعي، وهي إجراء الانتخابات المبكرة في أقرب وقت ممكن".