"أم الأمراء" أو "أم سيدي" هي ألقاب خُصّت بها والدة العاهل
المغربي الملك محمد السادس، الأميرة
للا لطيفة، التي انتقلت إلى عفو الله، بتاريخ: السبت 29 حزيران/ يونيو 2024.
والدة الملك محمد السادس، لطيفة أمحزون، من مواليد 1946، وتزوّجت الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، خلال عام 1962، وأنجبت منه خمسة أبناء: الملك محمد السادس، والأمير مولاي رشيد، والأميرات: للا حسناء، للا أسماء، وللا مريم.
وأورد الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، في بيان، نشرته وكالة الأنباء المغربية: "يعلن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، بكل حزن وأسى، انتقال صاحبة السمو الملكي الأميرة للا لطيفة إلى عفو الله ورحمته، وذلك يوم السبت، حرم المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله مثواه، ووالدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس".
"الحاضرة الغائبة"
كلّما خصّت الصّحف الوطنية أو الدولية، صفحات للحديث عن حياة الأمراء والأميرات في المغرب، كانت والدة الملك محمد السادس، هي الحاضر الغائب، حيث بات اسمها يتردّد، لكن في غيابها عن الصور.
منذ اللحظات الأولى من إعلان وفاة "للا لطيفة" تسارعت عدد من الصحف وصفحات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، في نشر نعي مرافق بجُملة من الصّور، قالت إنّها هي.
رصدت "عربي21" العشرات من الصور، وبعد التدقيق، فيها واحدة واحدة، اتّضح أنها ليس هي، كانت أكثرهنّ انتشارا، هي صورة تعود للأميرة الراحلة للا عيشة، وهي شقيقة الملك الراحل الحسن الثاني.
وهذه نبذة عن الصور التي قيل إنها الراحلة
والدة الملك المغربي، محمد السادس، وبعد التحقّق منها، تبيّن أنها تعود لشخصيات نسائية أخرى.
لتظّل بحسب عدد من التقارير الإعلامية، المتفرّقة، صورتها الحقيقية الوحيدة، هي التي ظهرت فيها خلال حفل زفاف ابنتها الأميرة لالة حسناء، وكانت آنذاك "أم الأمراء" جالسة إلى جانب الأميرة للا أسماء وتتوسط الأميرتين للا مريم وللا حسناء، وتتطلّع إلى وجه ابنتها العروس، إذ غابت ملامح وجه والدة ملك المغرب عن الصورة.
وخلال عام 2009، استُفسرت أسبوعية "الأيام"، عن الجهة التي قد أمدّتهم بصورة والدة الملك، التي لم تنشر بعد؛ ليستمر التحقيق معهم لساعات طوال.
وكانت إدارة "الأيام" قد توجّهت بطلب إلى الديوان الملكي، للاستئذان بنشرها في ملف حول أم الملك. حيث جاء الرد الرسمي، بالتنويه بالمبادرة الصحافية المحمودة، لكنه نبّه إدارة الأسبوعية إلى أن الوقت لم يحن بعد لنشر مثل هذا الملف.
واليوم الأحد، قالت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، في بيان، اطّلعت "عربي21" على نسخة منه، إنه على إثر الإعلان عن وفاة الأميرة للا لطيفة، "تمت ملاحظة الاستعمال المؤسف وغير المناسب، في وسائل التواصل الاجتماعي، لصور غير حقيقية وكاذبة"، مردفا: "ندعو جميع المواطنين لاحترام القوانين ذات الصلة، ومراعاة ظروف الحداد التي تعيشها الأسرة الملكية الشريفة".
زوجة ملك ووالدة ملك.. من تكون؟
نادرة هي المعلومات المتوفّرة، عن الراحلة والدة الملك محمد السادس؛ لعلّ أبرزها، ما يرتبط بالأصول، إذ تنحدر من منطقة "زايان" الأمازيغية، المتواجدة وسط المغرب؛ وهي بنت أحد كبار شيوخ قبيلة زايان.
اسمها الحقيقي هو فاطمة حمو، وكان الملك الراحل الحسن الثاني، قد اختار لها اسم لطيفة، وهي ابنة موحا أوحمو الزياني، الذي يُعرف بكونه أحد كبار رجال المقاومة في قبيلة زايان الأمازيغية.
لم تكن لها مهاما رسمية، حيث بقيت "للا لطيفة" في الظّل، وعرفت بلقب "أم الأمراء"، فيما كان لقبها داخل القصر هو: "لالة أم سيدي".
وفي حديثه لقناة فرنسية خلال عام 1989، قال الملك الراحل الحسن الثاني، إن "الإسلام لم ينص على دور دستوري للملكة"، مضيفا: "ليست هناك ملكة تحكم أو تكون وصية على العرش".
وفي حوار للملك محمد السادس، في مع جريدة "لوفيغارو" الفرنسية، خلال سنة 2005، قال: "أنا شديد الارتباط بوالدتي وشقيقي وشقيقاتي الثلاث.. أنا نفسي نصفي أمازيغي، وسيكون إذن من قبيل التنكّر لجُزء من ثقافتي وأصولي إن لم أفعل ذلك".
وتابع الملك محمد السادس، خلال الحوار الوحيد الذي تحدّث فيه عن والدته: "أنا مع الأسف لا أتحدث بالأمازيغية لأنها لم تكن ضمن المقرر الدراسي الذي لقنته، ولكن بودي أن أتمكن من إيجاد الوقت الكافي لتعلمها؛ إن المغرب هو مزيج من الثقافات".
رافقها أثناء أدائها مناسك الحج..
في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك" روى خالد الصمدي، وهو كاتب الدولة المغربية السابق لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، مشاهد من مشاركته في الوفد الذي عيّنته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لمرافقة الراحلة والدة الملك محمد السادس، لالة لطيفة، أثناء أدائها مناسك الحج.
وتواصلت "عربي21" مع الصمدي، للتأكد من صورة، أكّدت عدد من الصحف المحلية، أنها تعود لـ"للا لطيفة"، غير أنه تحفّظ عن الإجابة بالقول: "من الصّعب تذكّر التفاصيل، بعد 20 سنة".
وكتب الصمدي، الذي كان مكلفا بالتعليم العالي والبحث العلمي، في حكومة سعد الدين العثماني: "مباشرة بعد سماعي لبلاغ النعي من الناطق الرسمي بالقصر الملكي، قفز الى ذهني مشهد لن يفارق مخيلتي أبدا، مشهد وقوفها رحمها الله وصديقاتها لفترة طويلة دون تحرك وهن يشاهدن الكعبة المشرفة، مباشرة بعد دخولنا من باب الملك عبد العزيز بالمسجد الحرام، لأداء مناسك العمرة في موسم الحج 2005".
وتابع المتحدث: "وقفة بقلوب خاشعة وعيون دامعة، وألسنة بالدعاء لاهجة، قبل الدخول إلى المطاف ومنه إلى المسعى، ولن أنسى صبرها بعد النزول من عرفات لأداء طواف الافاضة، في دائرة السطح كسائر الحجاج دون طلب الاستعانة بأي بروتوكول أمني خاص إلا من بعض المرافقين المساعدين".
وأضاف الصمدي: "استمر الطواف في ظل ازدحام شديد من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة مساء، مع أداء صلاة الظهر في المطاف مع ما في ذلك من عناء، وتعب شديد لا يتناسب ووضعها البدني والصحي".
وأوضح المتحدث نفسه: "تشرفت وزميلي الدكتور محمد السرار الأستاذ بكلية الشريعة بفاس، بتكليفنا من طرف اللجنة العلمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمرافقة صاحبة السمو الملكي الشريفة للا لطيفة والدة جلالة الملك في أداء مناسك العمرة والحج، فكانت رحمها الله وأكرم مثواها كما عرفناها عن قرب قمة في التواضع والرحمة واللين والسخاء والحرص الشديد على أداء كل تفاصيل مناسك الحج حتى أتمتها كاملة في جلد وصبر، تقبل الله منها".