قال موقع
"
ستراتفور" إن الرئيس
الإيراني المنتخب مسعود
بزشكيان، سيحاول تحسين
العلاقات مع الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة، ولكنه من غير المحتمل أن يؤثر
بشكل كبير على إستراتيجية إيران الإقليمية، ومن المحتمل أن يواجه قيودا كبيرة داخل
البلاد.
وأوضح الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، أن هذا الفوز جاء ليتوج مسارا مفاجئا نحو
الرئاسة بالنسبة لـ"بزشكيان" بعد أن وافق مجلس صيانة الدستور الإيراني،
الذي يشرف على العملية الانتخابية على رئاسته فيما كان يُعتقد على نطاق واسع أنها
محاولة من المؤسسة الإيرانية للموافقة على مرشح إصلاحي في محاولة لزيادة الإقبال
على الانتخابات وتعزيز شرعية الجمهورية الإسلامية.
وخلال حملته
الانتخابية، قال بزشكيان إنه يعتزم تحسين الاقتصاد الإيراني من خلال إحياء
الاتفاق النووي مع الغرب وتأمين رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
وأفاد الموقع أن
بزشكيان سيصبح أول رئيس إصلاحي في إيران منذ رئاسة محمد خاتمي من 1997 إلى 2005،
وهو أبعد عن التيار السياسي السائد في إيران من الرئيس المعتدل السابق حسن روحاني،
الذي كان رئيسا عندما تفاوضت إيران على الاتفاق النووي لسنة 2015 مع الغرب المعروف
بخطة العمل الشاملة المشتركة.
وأضاف أن بزشكيان دعا
إلى تحسين العلاقات مع الغرب وضمان رفع العقوبات في محادثات مع الولايات المتحدة
والمشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة.
وذكر الموقع أن
بزشكيان انتقد السياسات الاجتماعية المتشددة للحكومة مؤخرا، بما في ذلك القانون
التقييدي الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب، والذي كان جزءا رئيسيا من احتجاجات
مهسا أميني الواسعة في سنة 2022، ودعا إلى المساواة للنساء.
وأشار إلى أنه لا تزال
هناك عقبات كبيرة في طريق إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين
كل من الولايات المتحدة وإيران. ففي الولايات المتحدة، لا يتمتع الرئيس جو بايدن
بالوضع السياسي القوي الذي يسمح له بالسعي إلى إبرام اتفاق جديد مع إيران قبل
الانتخابات، على الرغم من أنه إذا فاز هو في الانتخابات الرئاسية المرتقبة أو أي
مرشح ديمقراطي مختلف؛ فإن إبرام اتفاق سيصبح أكثر احتمالا.
أما إذا فاز ترامب في
الانتخابات، فسيكون من المستبعد إبرام اتفاق نظرا لانعدام ثقة إيران بترامب في
المحادثات، كما يشير دعم ترامب القوي السابق لإسرائيل، التي عارضت خطة العمل
الشاملة المشتركة، إلى أنه من غير المرجح أن يقدم ترامب التنازلات اللازمة لإبرام
اتفاق.
وأضاف أنه من المرجح
أن يستعين بزشكيان، كرئيس، بالعديد من شخصيات السياسة الخارجية الإيرانية
المعتدلة والإصلاحية التي شاركت أو قادت المفاوضات مع الغرب خلال رئاسة روحاني،
وربما يشمل ذلك كبير المفاوضين النوويين ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، في
محاولة لبدء المحادثات عندما يتولى منصبه.
وقال الموقع إن خطة
العمل الشاملة المشتركة لسنة 2015 لم تكن مصممة للتعامل مع ما سيحدث إذا انسحبت
الولايات المتحدة من الصفقة؛ حيث كانت آلية التنفيذ مصممة لمراعاة انتهاك إيران
للصفقة، وليس الولايات المتحدة. ويعطي انسحاب الولايات المتحدة في سنة 2018 لإيران
حافزا للمطالبة بقيود أضعف على برنامجها النووي، مثل عدم تفكيك وصب الخرسانة في
جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، في حال انسحبت الولايات المتحدة مرة أخرى.
ومن المحتمل أن يكون
البرلمان الإيراني أيضا عقبة رئيسية أمام الصفقة، لقد جاءت نتيجة الانتخابات
البرلمانية الإيرانية في آذار/ مارس 2024 ببرلمان يهيمن عليه المحافظون والمتشددون
ويرأسه محمد باقر قاليباف، الذي حل في المركز الثالث في الجولة الأولى من
الانتخابات الرئاسية. وتحت رئاسة قاليباف، أصدر البرلمان الإيراني قانونا في سنة
2020 يقيد روحاني من التفاوض على استئناف سريع لخطة العمل الشاملة المشتركة مع
الرئيس الأمريكي المنتخب آنذاك جو بايدن. وفي النظام السياسي الإيراني، لا يوافق
الرئيس على القوانين أو يرفضها؛ بل تقع هذه المسؤولية على عاتق مجلس صيانة الدستور
المتشدد.
وبين الموقع أنه من
غير المحتمل أن يكون لبزشكيان تأثير كبير على إستراتيجية إيران الإقليمية، بما في
ذلك العلاقات مع إسرائيل وارتفاع خطر الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبنانية
المدعومة من إيران. وتهيمن قوات الحرس الثوري الإيراني وتحديدا فيلق القدس المسؤول
عن العمليات خارج الحدود الإقليمية على إستراتيجية إيران الإقليمية. ونتيجة لذلك؛
ستستمر إيران في دعم المليشيات الإقليمية، بما في ذلك نقل الأسلحة المتطورة إلى
حلفائها مثل حزب الله والحوثيين في اليمن؛ حيث عطلت هذه الأخيرة طرق الملاحة
العالمية عبر البحر الأحمر.
وشدد الموقع على أن
دعم هذه الميليشيات أمر بالغ الأهمية لإستراتيجية الأمن القومي الإيراني غير
المتماثلة، مما يمنحها القدرة على توجيه ضربات مع قدر أكبر من الإنكار المعقول إلى
إسرائيل وغيرها من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة الإقليميين، مثل السعودية
والإمارات. وبالفعل، في أعقاب انهيار الاتفاق النووي مباشرة في سنة 2018، تصاعد
نشاط إيران بالوكالة الذي يستهدف إنتاج النفط في الخليج، مما أدى إلى ارتفاع أسعار
النفط لفترة وجيزة، وهي نقطة سعرية حساسة سياسيا بالنسبة للرؤساء الأمريكيين.
ولفت الموقع إلى أنه
على الرغم من تأثير بزشكيان المحدود على دعم إيران الإقليمي للميليشيات، إلا أن
انتخابه سيوفر دفعة إضافية لتحسين العلاقات بين إيران وجيرانها الخليجيين، بما في
ذلك السعودية والبحرين.
ومنذ سنة 2023، تحسنت
علاقات إيران مع معظم دول مجلس التعاون الخليجي. وشهد هذا الأبرز في صفقة آذار/
مارس 2023 التي توسطت فيها الصين بين إيران والسعودية لاستعادة العلاقات
الدبلوماسية. ومؤخرا، أعلنت البحرين وإيران في حزيران/ يونيو أنهما اتفقتا على عقد
محادثات تطبيع.
وأفاد الموقع أنه من
المحتمل أن يحاول المحافظون المتشددون في إيران كبح أجندة بزشكيان، مما يهيئ
لعلاقة مضطربة احتمالية بين بزشكيان ومعظم المؤسسات الإيرانية الأخرى التي يهيمن
عليها المتشددون، بما في ذلك الجيش والقضاء والبرلمان الإيراني.
وأوضح الموقع أن رئيس
إيران يتمتع بنفوذ أكبر على السياسة الداخلية أكثر مما هو عليه في السياسة
الخارجية، إلا أنه سيجد عددا قليلا من الحلفاء
الإصلاحيين أو حتى المعتدلين في
النظام السياسي الإيراني لدعم أجندته. فبعد انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة في
سنة 2018، قام المتشددون والمحافظون في إيران ببناء قوتهم في كل مركز من مراكز
القوة في النظام الإيراني، والتي سيستخدمونها للحد من قدرة بزشكيان على تحقيق
إصلاحات هادفة في قضايا مثيرة للجدل مثل الإصلاحات الاجتماعية. وقد يحاول بعضهم
بنشاط تقويض أجندته بالكامل.
وعلى الرغم من أن
روحاني واجه ضغوطا مماثلة من المؤسسات غير المنتخبة في إيران، مثل القضاء ومجلس
صيانة الدستور؛ فقد فاز التحالف المعتدل الإصلاحي لروحاني بالسيطرة على البرلمان
الإيراني في سنة 2013، مما أعطاه حلفاء في البرلمان لتمرير القوانين لتنفيذ أجندته
بدلا من الاعتماد فقط على العمل التنفيذي وتعيينات مجلس الوزراء. فعلى سبيل
المثال، في عهد روحاني، مرر البرلمان إصلاحات فتحت قطاع النفط الإستراتيجي في
البلاد للاستثمار الأجنبي.
وأضاف الموقع أن
بزشكيان لن يحظى بهذا الدعم؛ حيث بدأ البرلمان للتو فترته لأربع سنوات في
27 أيار/ مايو — مما يعني أن فترة بزشكيان الأولى ستتزامن بشكل كامل تقريبا مع
برلمان يعارض سياساته.
واختتم الموقع تقريره
قائلا إنه يمكن للمرشد الأعلى علي خامنئي أن يتدخل ويساعد على توجيه مؤسسات
إيران لدعم جوانب معينة من أجندة بزشكيان الداخلية خصوصا في الجوانب الأقل إثارة
للجدل مثل السياسات الاقتصادية بدلا من السياسات الاجتماعية.
ومن المرجح أن يدخل
بزشكيان المكتب كرئيس ضعيف جدا، حتى بمعايير إيران. وسيعتمد، إلى أي مدى سيوفر
خامنئي الحماية لبزشكيان في النهاية، على تفسير خامنئي وحلفائه المقربين لنتائج
الانتخابات.