أعاد قرار الحكم الصادر ضد المواطن السعودي أسعد الغامدي بالسجن 20 عاما، بسبب تغريدات قديمة له عبر موقع "إكس"، التذكير بتصريح سابق لولي العهد الأمير
محمد بن سلمان.
وفي أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، وجه المذيع الأمريكي بريت باير، سؤالا لابن سلمان خلال ظهوره على شاشة "فوكس نيوز"، حول رأيه بحكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب، ضد المواطن محمد الغامدي، بسبب تغريدات تنتقد الأوضاع في البلاد.
وقال ابن سلمان حينها: "للأسف هذا حقيقي، وهو أمر لا يعجبني"، وتساءل المذيع: "ألا يمكنك تغييره؟"، ليجيب الأمير محمد بن سلمان: "نحن نقوم بأفضل ما لدينا لفعل ذلك، لقد أضفنا بالفعل بعض القوانين، وغيرنا عشرات القوانين الأخرى، وهناك في القائمة أكثر من ألف قانون ولدي 150 محاميا في مجلس الوزراء، لذلك أحاول إجراء التغييرات حسب الأولويات بشكل يومي".
واستدرك بأنه لا يستطيع إجبار قاض ما على تغيير حكمه؛ لأن ذلك يعد تعديا على سيادة القانون.
ما الجديد؟
بعد نحو 10 شهور من تصريحات محمد بن سلمان، أصدرت ذات المحكمة حكما بالسجن 20 سنة ضد أسعد الغامدي، الشقيق الأصغر لمحمد الغامدي.
والأخوان الغامدي هما شقيقان للمعارض البارز في لندن، سعيد بن ناصر الغامدي.
ويظهر الحكم على أسعد الغامدي، وعدم مراجعة حكم الإعدام ضد محمد الغامدي، تجاهلا لتوجيهات ابن سلمان للقضاة، بحسب صحيفة "
الغارديان".
وكانت السلطات
السعودية اعتقلت أسعد الغامدي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 في مداهمة ليلية لمنزله في حي الحمدانية بجدة، أمام أعين زوجته وأطفاله. وصادرت قوات الأمن الأجهزة الإلكترونية، ونهبت كل غرفة في المنزل.
ولم يتم إخباره بأسباب اعتقاله أو بالتهم الموجهة إليه لمدة عشرة أشهر على الأقل، كما حُرم من الاستعانة بمحام لمدة عشرة أشهر. وقضى ما يقرب من ثلث تلك الفترة في الحبس الانفرادي. وهو يعاني من الصرع، وتعرض لإغماءات عديدة في السجن.
وبعد ثماني جلسات، أُدين في 29 أيار/ مايو من هذا العام، أي بعد عشرة أشهر من صدور حكم الإعدام على شقيقه.
"جرائم ضد الإنسانية"
في تقرير صدر هذا الأسبوع، أبلغت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي، السلطات السعودية أن الاحتجاز على نطاق واسع أو ممنهج قد يشكل جرائم ضد الإنسانية.
وقالت المجموعة؛ إن محمد الغامدي احتجز لممارسته حقه المشروع في حرية التعبير، وأن اعتقاله "يتعارض تماما مع قانون حقوق الإنسان".
وقالت المجموعة؛ إنه ينبغي الإفراج عنه فورا ودفع تعويض له. كما أوصت الحكومة السعودية بمراجعة قوانينها لمكافحة الإرهاب واستقلال القضاء.
"فتنة ونشر فوضى"
وقالت الحكومة السعودية في ردها على فريق العمل؛ إن محمد الغامدي مذنب بالتحريض على الفتنة ونشر الفوضى والإخلال بالأمن العام، وقد نظرت محكمة جنائية متخصصة في قضيته في محاكمة عادلة وعلنية.
وقالت السعودية؛ إنها تتمتع بالحق بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في احتجاز المشتبه به في الحبس الانفرادي.
وقال
سعيد الغامدي شقيق محمد وأسعد؛ "إن قرار مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي بشأن محمد الغامدي جيد للغاية وأنا أقدره بشدة، لكن الحكومة السعودية لديها تاريخ في تحدي القانون الدولي".
وتابع: "أعتقد أن اعتقال إخوتي والأحكام الجائرة التي صدرت بحقهم جاءت بسبب نشاطي، فقد طلبت مني السلطات السعودية عدة مرات العودة إلى السعودية، ولكنني رفضت ذلك، ومن المرجح جدّا أن يكون هذا الحكم الذي صدر بحق إخوتي انتقاما لنشاطي، وإلا لما كانت هذه التهم تحمل مثل هذه العقوبة القاسية".
"لا نية للإصلاح"
قالت منظمة سند لحقوق الإنسان؛ إن السعودية ليس لديها أي نية لإصلاح سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وتشير الوثائق إلى أن أسعد الغامدي متهم بـ"الطعن في دين وعدالة الملك وولي العهد"، والسعي إلى الإخلال بالنظام العام، و"نشر أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة"، وتنص الوثائق على أنه تم اعتقاله "لنشره منشورات تضر بأمن الوطن على مواقع التواصل الاجتماعي".
وانتقدت التغريدات التي استخدمت كدليل ضده مشاريع تتعلق برؤية 2030، برنامج الأمير محمد لتنويع اقتصاد البلاد، بما في ذلك الافتقار إلى الاستثمار في جدة.
ومن بين التهم، نعي الغامدي في تغريدة للإصلاحي والحقوقي البارز عبد الله الحامد، أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية "حسم"، الذي توفي داخل السجن عام 2020.
وشنت السلطات السعودية منذ أيلول/ سبتمبر 2017 حملة اعتقالات وملاحقات استهدفت العشرات من العلماء والمفكرين، والدعاة البارزين والأكاديميين وغيرهم.