قال مراسل "بي بي سي" في أمريكا الشمالية، أنتوني روزكر، إن الطلقات التي استهدفت الرئيس الأمريكي
السابق دونالد
ترامب، ولم تصبه إلا بخدوش بسيطة، قد تمزق النسيج
الاجتماعي والأمن والسياسة الأمريكية، التي بنيت
الولايات المتحدة عليها لعقود من
الزمن.
وأشار في تقرير نشرته "
بي بي سي" إلى أن الولايات المتحدة لم تشهد أعمال عنف درامية استهدفت رئيس البلاد أو أي مرشح رئاسي، منذ أن أطلق جون هينكلي جونيور النار على رونالد ريغان عام 1981.
وتابع: "الهجوم يرجع بنا إلى الوراء، في فترة
أكثر قتامة من تاريخ الولايات المتحدة، فقبل أكثر من نصف قرن، قتل الأخوان كينيدي، وكان
أحدهما رئيسا والآخر مرشحا للرئاسة بالرصاص. وقد فقد قادة الحقوق المدنية مثل مدغار
إيفرز ومارتن لوثر كينغ جونيور ومالكولم إكس حياتهم جراء أعمال عنف سياسي.
وبحسب التقرير، ساد فترة الستينيات من القرن الماضي استقطاب
سياسي شديد وخلل وظيفي، كما هو الحال في الفترة الراهنة، في الوقت الذي كان فيه
بوسع سلاح ناري وفرد مستعد لاستخدامه أن يغيرا مسار التاريخ.
ومن الصعب في الوقت الراهن التنبؤ بالآثار التي
قد يخلفها هجوم السبت على الولايات المتحدة وخطابها السياسي. وبالفعل، ظهرت بعض
الدعوات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتهدئة الخطاب وتعزيز الوحدة الوطنية.
وفي غضون ساعات من الحادث، ظهر الرئيس الأمريكي
جو بايدن الخصم المحتمل لترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل أمام الكاميرات في
ولاية ديلاوير للإدلاء بتصريحات للصحافة.
وقال بايدن: "لا يوجد مكان في الولايات
المتحدة لهذا النوع من العنف. إنه مرض ولا يمكننا أن نكون هكذا. لا يمكننا التغاضي
عن هذا".
وتحدث الرئيس الحالي مع الرئيس السابق عبر الهاتف
بعد تلك التصريحات، وقد قطع بايدن عطلة نهاية الأسبوع على الشاطئ وقرر العودة إلى
البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء السبت.
لكن سرعان ما تسربت نتائج هذا العنف إلى
السراديب التي تشهد مباريات الملاكمة السرية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي
والتي تُعد من أهم سمات المشهد السياسي في الولايات المتحدة في العقود الأخيرة.
وألقى بعض السياسيين الجمهوريين اللوم في الهجوم على الديمقراطيين الذين استخدموا
خطاباً مروعاً عن التهديد الذي يقولون إن الرئيس السابق يشكله على الديمقراطية
الأمريكية.
وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو
جيه دي فانس، الذي يقال إنه مدرج في القائمة الأخيرة ليكون اختيار ترامب لمنصب
نائب الرئيس: "الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي
استبدادي يجب إيقافه بأي ثمن"، وذلك عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن "هذا الخطاب أدى مباشرة إلى
محاولة اغتيال الرئيس ترامب".
وقال كريس لاسيفيتا، مدير حملة ترامب، إن
"الناشطين اليساريين والمانحين الديمقراطيين وحتى جو بايدن يجب أن يحاسبوا في
صناديق الاقتراع بسبب التصريحات المثيرة للاشمئزاز" التي أدت بحسب رأيه إلى
الهجوم.
وقد يعترض الديمقراطيون على هذا الطرح، لكن
الكثير من اليساريين استخدموا لغة مماثلة للإلقاء باللوم على الخطاب اليميني في
الأشهر التي سبقت
إطلاق النار الذي كاد أن يودي بحياة عضوة الكونغرس غابي غيفوردز
في أريزونا عام 2011.
ويتوقع أن يحتل الرئيس الأمريكي السابق
دونالد ترامب دائرة الضوء فور صعوده إلى المنصة مساء الخميس المقبل بعد أن زاد
الاهتمام به إلى حد كبير بعد الحادث.
وباتت صور الرئيس السابق، وهو ملطخ بالدماء
رافعا قبضته لأعلى، رمزا يتجمع حوله أنصاره في ميلووكي. وكان الحزب الجمهوري يخطط
بالفعل لجعل القوة والرجولة الخشنة موضوعا رئيسيا للحملة الرئاسية، وهو ما قد
تساعد عليه واقعة السبت التي يتوقع أن تجدد طاقة الحملة.
وكتب إريك ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي:
"هذا هو المقاتل الذي تحتاج إليه الولايات المتحدة"، مرفقا صورة لوالده
بعد إطلاق النار بهذه الكلمات.
ويواجه الحرس الرئاسي الأمريكي أيضا تدقيقا
مكثفا بشأن طريقة تأمينه للتجمع الذي كان فيه ترامب بعد أن تمكن شخص يحمل بندقية
حديثة من الاقتراب من مرشح رئاسي رئيسي وجعله في مرمى نيرانه.