كتب

عندما تكون الثورات افتراضية.. تأملات في ثورات الربيع العربي

الثورات العربية لا تختلف عن الثورات التقليدية، فقد سلكت المسار الذي اتخذته عامة الثورات نفسه، من ضغوط اجتماعية اقتصادية ومعارضة النخب، وما تلاها من غضبة شعبية ومشاركة في الآراء واستفادة من العلاقات الدولية الملائمة..
الكتاب: "ثورة بلا ثوار: كي نفهم الربيع العربي"
الكاتب: بيات آصف
ترجمة: فكتور سحاب
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت 2022
عدد الصفحات: 350

ـ 1 ـ


للتجربة الشخصية دور مهم في ضبط المفكر وعالم الاجتماع الإيراني الأميركي لمادة الكتاب "ثورة بلا ثوار: كي نفهم الربيع العربي" أكثر من البحث النظري الذي يسم الكتابات الأكاديمية عامّة. فبيات آصف اليساري الهوى والمنشغل بالفعل الثوري، لا يخف انبهاره بطابع الربيع العربي "الأكثر سلمية وانفتاحا وتعدّدية، وبمظهره الأقل قمعا"  وهو يحاول أن يدرس الثورات التي "بلا أفكار ثورية" التي تتكيف بشروط النيوليبرالية أوّل الأمر. ولكن مآله أصابه بالإحباط وخيبة الأمل.

وليس الكتاب مجرد عرض للمعلومات التاريخية حول ثورات الربيع العربي. فهاجسُ الباحث العملُ على تحليل عمليات الحشد لها والبحث في تناقضاتها وفهم ديناميتها. إنه باختصار "كتاب في النظرية الاجتماعية لفهم الحياة السياسية على نحو أفضل" وفق تعريف صاحبه. جاء حصيلة مسار كامل ومراجعات عديدة و"سنوات عديدة من التفكير في مسألة التّطور الاجتماعي والسياسي".

لقد اجتهد بيات آصف كثيرا في فهم مقومات الثورات العربية. ويبدو محقا جدا في وصفها بالثورات التي حدثت دون ثوّار أو مرساة فكرية تضمن لها الاستقرار والتوازن. لذلك سريعا ما فشل قادتها المفتقدون للكاريزما الضرورية للتأثير وتم السطو على هذه الثورات وإفراغها من محتواها.
وللباحث نصيب وافر من الحظّ فقد أسعفه بأن جعله يقيم في إيران عام 1979 مراقبا للثورة الإيرانية مشاركا فيها. ثم كان عام 2011 يقيم في القاهرة ويدرّس فيها.  وبعد قيام الثورتين عاد إليهما عودة الملاحظ المتأمّل. فأعدّ حول الثورة الأولى دراسات عاد إليها ليدرجها ضمن الكتاب في سياق المقارنة بين نوعين من الثورات وسياقين ثوريين مختلفين: سيصطلح على الأول بالنهج الرّاديكالي وسيشير إلى الثاني بثورات الربيع العربي.

ـ 2 ـ

تدفع هذه التجارب الشخصية الباحث بجلاء إلى مقاربة ثورات الربيع العربي من خلال منهج مقارن يوازن بينها وبين "الثورات الجذرية أو الكلاسيكية".  فيستدعي على سبيل المثال ثورة نيكاراغوا، التي عمل فيها السنديون على الإطاحة بالدكتاتور أناستاسيو سوموزا وثورة إيران التي أطاحت بالشاه. فيقدّر أنّ من أهمّ ما يميّز هذه الثورات الجذرية، صدورها عن خلفية فكرية ونشأتها عن وعي ثوري. فيذكّر في هذا الصّدد بالثورة الإيرانية، ضمن بداياتها ذات الخلفية الماركسية، وفق طرحه. ويشير إلى الانتفاضة الاشتراكية في اليمن التي عملت على بناء جمهورية شعبية ديمقراطية، ويستدعي الجبهة الماركسية اللينينية التي تسعى إلى قلب الحكم في مشيخة عمان، فضلا عن ثورات في أمريكا اللاتينية، تمهيدا لمقارنتها بالثورات العربية السريعة المجتثة المفتقرة للعمق الفكري.

رغم أنّ هذه الثورات الراديكالية لم تتحقّق إلاّ بعد اضطرابات، فإنها نجحت في جعل الهمّ الاجتماعي في مقدّمة أهدافها. ففي نيكاراغوا وجد الثوار أنّ النهوض بالإنسان يقتضي مقاومة الأمية، فنجحوا في تقليصها من 60 % إلى 13%. وقدّموا الخدمات الطبية للأهالي ووفروا السكن اللائق لهم وضبطوا الخطط لتمكين العمال من المصانع والمزارع. وساعدهم في ذلك البعد الكاريزماتي لقياداتهم الذي كانوا يستمدونه من مناهضة الرأسمالية ومن بحثهم عن تحقيق العدالة الاجتماعية. فلم يربكهم المحيط الرأسمالي الذي يعاديهم العداوة العميقة، خاصّة القوى الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية. فقد تبنى الرئيس رونالد ريغن حرب الكونترا ضد الثورة السندينية في نيكاراغوا. وواجهت إيران عقوبات اقتصادية ظالمة منذ نشأتها.

ويبدو إحباط الباحث جليّا حين يقارن هذه الثورات بثورات الربيع العربي رغم انبهاره بها أوّل أمرها.  فيذكر: "حين أقارن بين هذين الحدثين الثوريين لا يسعني إلاّ أن ألمس كم أنهما مختلفان اختلافا ملحوظا- ليس فقط في نمطي تحشيدهما وتنظيمهما، بل على الأخص في معنييهما ورؤيتيهما الواسعتين. وأرى أن سرعة الثورات الأخيرة وانتشارها وزخمها، لا مثيل لها، إلاّ أنّ افتقارها إلى الأيديولوجيا وميوعة تنسيقها وغياب أي قيادة جامعة أو مفاهيم فكرية لديها، أمور لم يسبق لها مثيل". ويمثل هذا الاستنتاج أطروحة الأثر التي سيعمل على تفصيلها في باقي صفحات الكتاب.

ـ 3 ـ

يفصّل الباحث القول في مشهدية هذه الثورات.. وفي طوباويتها أيضا. ويتوسّع في عرض أطوارها، باعتبار أنّ القارئ الغربي هو المستهدف الأول بمادة الأثر. فيتدرّج من حادثة محمد البوعزيزي في سيدي بوزريد التونسية إلى ساحة التحرير بمصر إلى سريان المدّ الثوري في أقطار عربية عديدة لاحقا. ولكنّنا لن نفصّل هذه المادة في عرضنا لتقديرنا أن القارئ العربي عارف بها بالضرورة.

لقد ألهم سحر ميدان التحرير الذي كان مقصدا للثوار مجموعة من حركات التمرّد على الأنظمة الحاكمة في أصقاع كثيرة من العالم حتى تحولت حركة "احتلوا"  إلى حركة اجتماعية وسياسية دولية، ضمنها تجمّع عشرات الألوف في مدريد  (حركة الساخطين) في مايو 2011. وفي أثينا نزل نحو  100 ألف يوناني إلى الشارع. وفي الولايات المتحدة الأمريكية ظهرت حركة "احتلوا وول ستريت". وانتصبت في حديقة زوكوتي، مانهاتن السفلى، بداية من 17 سبتمبر 2011. وبحلول أكتوبر 2011، بدأت احتجاجات الحركة تتوسع وتنتشر خارج نطاق منطقة وول ستريت ومدينة نيويورك لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها. ثم كان لها صدى في بريطانيا والبرازيل وغيرهما. فجمعت بين هذه الحركات مناهضة الحيف الاجتماعي وغياب العدالة الاقتصادية والديمقراطية الحقيقية.

يصف الباحث هذه التجمعات فيذكر: "لقد أكدت مشاهداتي في بارك سان جيمس في تورنتو، في تشرين الأول / أكتوبر 2011، تلك الهالة الكميونية الابتكارية، وهالة المساواة في مجالس حركات احتلوا"؛ إذ جلس الناس وغنوا، وناقشوا في السياسة، وتشاركوا في الطعام والماء، وتلاقي الأغراب وبدا أن حدود الأعراق والجندر والإثنية قد زالت وكانت الساحة المحتلة كأنها نطاق أرض (Endave) محررة، محررة من الدولة ومن المال ومن الجشع، قبل ذلك، شهد ميدان التحرير في القاهرة، ظاهرة مشابهة، لكن أشد زخما في المشاعر الكوميونية والتضامن وكذلك التضحية".

لقد ألهم سحر ميدان التحرير الذي كان مقصدا للثوار مجموعة من حركات التمرّد على الأنظمة الحاكمة في أصقاع كثيرة من العالم حتى تحولت حركة "احتلوا" إلى حركة اجتماعية وسياسية دولية، ضمنها تجمّع عشرات الألوف في مدريد (حركة الساخطين) في مايو 2011. وفي أثينا نزل نحو 100 ألف يوناني إلى الشارع. وفي الولايات المتحدة الأمريكية ظهرت حركة "احتلوا وول ستريت". وانتصبت في حديقة زوكوتي، مانهاتن السفلى، بداية من 17 سبتمبر 2011.
ولكن ماذا بعد هذه العروض المشهدية؟ على خلاف الثورات الرّاديكالية في سبعينات القرن الماضي التي كانت تقطع القطع البات مع النظام القديم وتذهب رأسا لتحقيق العدالة الاجتماعية ، لم تقطع الثورات العربية مع بنية السلطة ومنظومة الحكم القديمة (القضاء- الشرطة- الاستخبارات- الجيوش) ظلت كما هي.

هكذا ينتهي الباحث، وقد تخلّص من عامل الانبهار بالمشهدية الثورية، إلى افتقاد الثورات العربية إلى مرساة فكرية مشتركة. فالثورات التقليدية كانت توحي وتقدم البرامج بقدر ما تستوحي عملها من الخلفيات الفكرية العميقة. والثورة الانجليزية مثلا  تدين لفلاسفة السياسة المنادين بحرية التعبير (جون ميلتون) وبالعقد الاجتماعي(توماس هوبز). وللثورة الفرنسية والأمريكية والبولندية خلفياتها العميقة بدورها. أما الحدث الثوري في 2011، فلا تنسب له أي صفة عدا الطابع المدني الذي جنّبه، إلى حدّ الحرب والدّمار. والإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية لم يخدم الديمقراطية كثيرا والتداول السلمي على السلطة في هذه البلدان يواجه عسرا شديدا.

ـ 4 ـ

يناقش بيات آصف مجملا من الأطروحات حول هذه الثورات. فالباحث في العلوم السياسية جاك غولستن يرى أنّ الثورات العربية لا تختلف عن الثورات التقليدية، فقد سلكت المسار الذي اتخذته عامة الثورات نفسه، من ضغوط اجتماعية اقتصادية ومعارضة النخب، وما تلاها من غضبة شعبية ومشاركة في الآراء واستفادة من العلاقات الدولية الملائمة، وانتهت كما الثورات جميعا إلى صراع متواصل بين الراديكاليين والمعتدلين (أو المحافظين والحداثيين). ولكن المفكر الإيراني الأمريكي يجد أنّ ما تقدّم يتعلّق بالثورة بوصفها حركة.

أما وجه الاختلاف فيتمثّل في النتائج وفي الأيديولوجيا، أو الرؤية، أو خيار التنظيم خاصّة. وفي الأطروحة جيلبيرت أشقر أنّ ما حدث في مصر وتونس وليبيا هو ثورات حقيقية وتحرّر فعلي من قيود العبودية، وتأكيد للإرادة الجماعية في الساحات العامة، ونجاح في الإطاحة بالطغاة المستبدين. فهذا كلّه يمثّل أعمالا جلية من أعمال ثورة سياسية. 

ولكنها للأسف اختطفت من قبل الثورة المضادة ومنها الجماعات الدينية. ويؤكد بيار فيليوه أن عملية الاختطاف نجحت لأنّ هذه الثورات لم تمس أجهزة دولة النظام من داخل الدولة العميقة ـ أي الأجهزة السرية والخارجة على القانون في الدول، مثل الشرطة والمخابرات، التي ترى في ذاتها الجهات المؤتمنة على حماية هذه الشعوب بأي ثمن. أما بيات آصف فلا يعتقد أنّ المسألة مسألة ثورة مضادة "بل المسألة هي ما إذا كانت الثورات ثورية إلى الحد الكافي، لتجابه مخاطر الارتداد والانتكاس". ولا ينفى دور الدولة العميقة في الإبقاء على المنظومات القديمة، بعد الثورات، غير أنّه يجد في المبالغة في التركيز على هذه الدولة العميقة صرف للأنظار عن فشل الثوار. ويستشهد بدولة الشاه التي كانت تمتلك جيشا قويا وجهاز استخبارات ومستفيدين يمثلون دولة عميقة. والأصح عنده أن هذه الثورات الهشة هي "حركة عفوية حقا لم يكن يقودها سوى حكمة الحشد" كما يقول المصري وائل غنيم. وعليه ينتهي إلى أنها كانت في عمقها عملا إصلاحيا أكثر مما هي ذات بعد ثوري ينسف ما سبقه وأنها كانت متأثرة بالاتجاهات الفوضوية التي برزت في مطلع القرن العشرين لمناهضة العولمة. فكانت  ثورات بلا قيادة وبلا ثوار.

ـ 5 ـ

خلقت الحركات الدينية أكثر من إشكالية في صلب الثورات العربية. ولنفهم عمقها يعود الباحث إلى دور التيارات الإسلامية في معارضة النظم العربية منذ نهاية السبعينات وفي موقفها المناهض للتفوق الصهيوني الإمبريالي الغربي. فقد كان السياق يسمح ببروزها بعد انتكاسة فكرة القومية العربية إثر هزيمة 1967 وفقدان الدولة العلمانية التي قامت بعد الاستقلال لشرعيتها بسبب عجزها عن دفع التنمية وتفشي الفساد في مفاصلها واقتصارها على القمع للحفاظ على الحكم والانفراد به. أضف إلى ذلك انهيار المعسكر الشرقي وما صحبه من تراجع للفكر اليساري.

ظلّ الباحث أسيرا للثورات الراديكالية التي ظهرت في سبعينات القرن الماضي رغم فشل أغليها. وظل أسيرا للفعل الثوري من منطلق ماركسي. فلم يستطع أن يفكّر خارج أطره. وهذا ما جعل رؤيته أحيانا شخصيّة جدا، تفتقر إلى الرصانة التي يقتضيها البحث الأكاديمي.
وهذه الحركات في تقدير الكاتب موقف رافض للحداثة على النّمط الغربي ودعوة إلى إحياء "الأصالة الثقافية". ولكن السياق لم يخل من إكراهات. فقد كانت هذه التيارات تتحرك في سياق عالمي معاد يرى فيها حركات رجعية عنيفة ذات نزعة استبدادية. وعامّة لم تكن عنده تختلف كثيرا عن الشيوعية. والأهم من هذا كلّه أنه كان يرى فيها خطرا على "العالم الحر". وكانت النخب اليسارية المحلية تشارك اليمين الغربي أغلب هذه القناعات. وأكثر من ذلك، فقد كانت تصنفها باعتبارها عدوا أيديولوجيا. وترى تنفير الجماهير منها من أوكد واجباتها.

ـ 6 ـ

تعلن الحركات الإسلامية معاداتها للإمبريالية. ويتّخذ هذا الإعلان معنى الكفاح بحثا عن العدالة وعملا على تحرير الشعوب من إملاءات الرأسمالية. فيجعل منها هذا الطابع البروليتاري الشعبي في خطابهما حركةَ محرومين. لهذا السبب لم يكن بعض المفكرين التقدّميين يشاركون اليسار موقفه التقليدي من الحركات الإسلامية الذي ذكرناه آنفا. فمايكل هاردت و أنطونيو بيغري مقتنعان بأن ّالأصولية الإسلامية هي مقاومة ما بعد حداثية لهيمنة الحداثة الغربية. وسوزان بالك ـ مورس تجد في الفكر الانتقادي الإسلامي رأس حربة في المقاومة ضد الحداثة الرأسمالية العالمية. ويرى آخرون أن ميزة الإسلام في كونه في الآن نفسه هوية إثنية - قومية، وحركة مقاومة لإملاءات الاقتصاد الرأسمالي العالمي. .

ـ 7 ـ

ولكن هذه الحركات الاسلامية لا تمثّل اتجاها واحدا. فهي تتوزّع بين قائلين بالتدرج الإصلاحي أو الداعين إلى اعتماد الأساليب العنيفة. ومنهم من يوغل في الفكر الجاهدي الدموي كما القاعدة أو داعش. ويضيف بيات آصف إلى هذه الاتجاهات ما يصطلح عليه بالاتجاه "الما بعد إسلامي" ويصنّفها ضمن النيو أصولية. فبعض التيارات، التي وصلت إلى سدذة الحكم بعد ثورات الربيع العربي خاصّة، ليست إسلامية بالمعنى الدقيق. فقد كانت تجتهد كثيرا في تجاوز الأيديولوجيا الإقصائية الاستبدادية وتنزع إلى تبني مقولات الدولة العلمانية. ويستدلّ على ذلك بالتيار الإصلاحي في إيران والجماعات الإسلامية في تونس ومصر وحزب العدالة والتنمية في تركيا. فهذه الحركات تنزّل فكرها ضمن الأخلاق الدينية. ولكنها لا تسرف في نزعة التقوى ذات السمة السلفية.

ورغم كلّ هذا الإطراء للاتجاه "الما بعد إسلامي"، يطرح السؤال التالي: "إلى أي حدّ كان التيار الإسلامي معارضا وثوريا ومحرّرا؟".

يمكننا أن نختزل إجابته بـ"نعم" منقوصة. فيؤكّد أن كثيرا ما يُستخدم ضد اليساريين. ويُوظّف في خدمة المشاريع الإمبريالية. و"بعبارات أخرى لطالما استفادت الإمبريالية في الكثير من الحالات، من جماعات المجاهدين الإسلاميين، من أجل نشر سلطتها [ أي سلطة الإمبريالية ـ المترجم] الفجة والناعمة، في العالم. غير أن حالات الالتقاء هذه ينبغي الا تخفي مع ذلك، العداوة العميقة بين القوتين."

ـ 8 ـ

لقد اجتهد بيات آصف كثيرا في فهم مقومات الثورات العربية. ويبدو محقا جدا في وصفها بالثورات التي حدثت دون ثوّار أو مرساة فكرية تضمن لها الاستقرار والتوازن. لذلك سريعا ما فشل قادتها المفتقدون للكاريزما الضرورية للتأثير وتم السطو على هذه الثورات وإفراغها من محتواها. ومع ذلك لا بدّ أن نسجّل احترازين كبيرين. فقد ظلّ الباحث أسيرا للثورات الراديكالية التي ظهرت في سبعينات القرن الماضي رغم فشل أغليها. وظل أسيرا للفعل الثوري من منطلق ماركسي. فلم يستطع أن يفكّر خارج أطره. وهذا ما جعل رؤيته أحيانا شخصيّة جدا، تفتقر إلى الرصانة التي يقتضيها البحث الأكاديمي.