مرّت أكثر من عشرة أشهر على حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع
غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس وكذلك الداخل المحتل، ذهب ضحيتها مئات الآلاف بين شهيد وجريح وأسير ومغيب ، جلهم من الأطفال والشيوخ والنساء.
ويُجمع متابعون أن الدولة المارقة إسرائيل، تعدّ رأس حربة لحلف أوسع نطاقا، يشمل نظما غربية كبرى تتبنى فكرة الإبادة الجماعية وتمولها على المستويات كافة، وفي مقدمتها إدارة بايدن.
الرواية والتمويل
لم يقتصر دعم حلف الإبادة الجماعية للدولة المارقة على المنصات الإعلامية فقط ، بل تجلى بما تتلقاه إسرائيل، لا سيما خلال قتلها الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
إذ شهد العالم تصاعدا في
العدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر المروعة، بينما هرولت أغلب الدول الغربية مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا لتتبنى الرواية الإسرائيلية، وقدمت دعما عسكريا وماليا واسع النطاق، لتستمر إسرائيل في شن حربها الهمجية على الشعب الفلسطيني، بغرض الإبادة والتهجير وتدمير البنى التحتية، وكل ما يمكن أن يساعد على الحياة في غزة؛ مما يجعل هذه الدول شريكة في عمليات الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين على مدار الساعة.
ترسيخ الهيمنة
يسعى حلف الإبادة الجماعية إلى ترسيخ الهيمنة والمصالح الاستعمارية في المنطقة، جنبا إلى جنب مع دعم إسرائيل في المحافل الدولية، حيث استخدمت الدول الاستعمارية حق الفيتو لمنع أي قرار يدين السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتم تعزيز تلك السياسات الاستعمارية من خلال الضغط على المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة للتخلي عن مواقفها النقدية تجاه إسرائيل، كما حدث في تغيير موقف الأمم المتحدة تجاه الصهيونية في عام 1991.
الدعم العسكري والدبلوماسي ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لنهج استعماري مستمر منذ عام 1948.
وقد استخدمت إدارة بايدن الفيتو في مجلس الأمن أربع مرات خلال الشهور الأربعة الماضية، وأجهضت خلالها مشاريع قرارات كانت ستدين المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني. واللافت، أن الدعم العسكري والدبلوماسي، ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لنهج استعماري مستمر منذ عام 1948، ومتجذر.
زيف الإعلام
يستخدم حلف الإبادة الجماعية الإعلام كمنصة مزيفة، تُظهر في كثير من الأحيان القضايا من منظور يدافع عن الموقف الإسرائيلي، ويتجاهل الضحايا الفلسطينيين.
وخلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، برزت تقارير إعلامية في منابر مثل BBC و CNN تُظهر الصواريخ الآتية من غزة كتهديد رئيسي، بينما تُغفل أو تُقلل من شأن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بقصفها للمدنيين الفلسطينيين بطول وعرض غزة، وسقط خلالها نحو (40) ألف شهيد من المدنيين العزل، وضعفهم جرحى ومغيبون، وجلهم من الأطفال.
تغطية مثل هذه الأحداث بطريقة غير متوازنة، توضح السياسات التي تدفع تلك المنصات لتُظهر إسرائيل دائما كضحية تدافع عن نفسها، متجاهلة الواقع والحقائق والمآسي الإنسانية على الجانب الفلسطيني.
والجدير بالملاحظة، الدور الحاسم الذي تؤديه تلك الدول الاستعمارية، وخصوصا الولايات المتحدة، في دعم الجيش الإسرائيلي، من خلال تزويده بالأسلحة والمعدات العسكرية من مستودعاتها الموجودة في الأراضي المحتلة، للقيام بعمليات الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. هذا الدعم، لا يقتصر على التمويل اللوجستي، بل يشمل أيضا تحويل ملايين الدولارات لتعزيز نظام القبة الفولاذية الإسرائيلي، في مسعى لتأمين البنية الدفاعية لإسرائيل ضد صواريخ
المقاومة الفلسطينية.
هذه الخطوة ليست مجرد دعم عابر، بل تُعبر عن عمق الارتباط الاستعماري والدعم الصريح من جانب الإدارة الأمريكية لإسرائيل.
إدانة الحلف
إن الجرائم التي تُرتكب اليوم أمام الكاميرات، أزالت الستار عن الواقع المؤلم، إذ تبرز الآن، أكثر من أي وقت مضى، الضرورة الماسة للتحرك الدولي الحازم لوصم إسرائيل بالعنصرية والفاشية، وكذلك الحلف الذي تعدّ الدولة المارقة ذراعه المتقدم، فقد أظهرت هذه الحرب بجلاء أن الصمت أو اللامبالاة لم يعودا خيارا مقبولا.
لذا، يجب الضغط على المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم ضد حلف الإبادة، ردا على جرائمه وخرقه للقوانين الدولية.
إن العمل على عزل إسرائيل وداعميها يتجاوز كونه رد فعل على الظلم، إنه يمثل تحديا مباشرا للبنية الاستعمارية التي سمحت بتفشي هذه الأعمال وتجاهلت معاناة الشعوب، لذلك، سيعدّ هذا الضغط خطوة جوهرية لكل دول الجنوب نحو إنهاء النفوذ الاستعماري الغربي في العالم.
القدس العربي