خلص كاتب بريطاني معروف ومختص بشؤون الشرق الأوسط إلى أن
إسرائيل هي التهديد الأكبر لأمن واستقرار الأردن، مستعرضاً كيف يتبنى المسؤولون الإسرائيليون على اختلاف توجهاتهم فكرة حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، بما في ذلك التهديد المستمر بالتهجير القسري للفلسطينيين إلى الأردن.
وشرح الكاتب والخبير في شؤون الشرق الأوسط
ديفيد هيرست كيف تُشكل إسرائيل التهديد الأكبر لأمن واستقرار الأردن، كما أكد أن كل الأدلة والقرائن تشير إلى أن تل أبيب تريد أن يتم إقامة الدولة الفلسطينية على حساب الأردن وليس في الضفة الغربية أو غزة، ويؤكد بأن هذا المشروع الإسرائيلي يعود إلى سنين طويلة ماضية ولا علاقة له بالجولة الأخيرة من الصراع والتي بدأت بعد السابع من أكتوبر 2023.
وقال هيرست في المقال الذي ترجمته "
عربي21" بشكل كامل إن "أكبر خطر يهدد الأردن يوجد داخل الرؤوس الإسرائيلية. إن لديهم فكرة بأن (الأردن هو فلسطين)، وقد تعددت الصور التي تم التعبير بها عن ذلك، بما في ذلك خطة آلون، والتي اكتسبت اسمها من السياسي الإسرائيلي إيغال آلون، التي تدعو إلى قيام إسرائيل بضم مساحات واسعة من الضفة الغربية، بينما يتم ضم ما يتبقى منها إلى الأردن، وتجد هذه الخطة قبولاً لدى من يعتبرون أنفسهم معتدلين داخل الطيف السياسي الإسرائيلي".
ويضيف هيرست: "أما حزب الليكود فقد طالب بأن تستولي إسرائيل على كل الضفة الغربية، وإعلان أن الأردن، بكل بساطة، هو الدولة الفلسطينية. ومؤخراً أثار الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب فكرة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية. وأما النسخة الأكثر توحشاً من هذه الخطة فتتمثل بالتهديدات المباشرة التي يوجهها المستوطنون إلى القرى والبلدات الفلسطينية داخل الضفة الغربية المحتلة بأن على سكانها المغادرة أو التعرض للحرق".
ويقول هيرست إن "
الخيار الأردني" لم يسبق أن اختفى من الخطاب الإسرائيلي، حيث في عام 2010 الذي كان العام الأكثر أمناً وسلاماً بالنسبة لإسرائيل، تقدم ما يقرب من نصف أعضاء الكنيست الـ120 بمقترح لمناقشة ما أطلقوا عليه "دولتين لشعبين على جانبي نهر الأردن"، بما يعني الطرد الجماعي للفلسطينيين نحو الأردن. ويقول هيرست: "لقد كان واضحاً في ألفاظ ذلك القرار حظر قيام دولة فلسطينية في المستقبل".
ويتابع هيرست: "ما من أردني إلا ويعي ما الذي تعنيه عبارة (على أي قطعة أرض غربي نهر الأردن).. إنها تعني أن المكان الوحيد الذي يُمكن أن تسمح إسرائيل بقيام دولة فلسطينية فيه هو الأردن".
ويؤكد هيرست أن وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير "يتعمد النيل من ولاية المملكة الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس، حيث أدلى بتصريح يقول فيه بأن الصلاة اليهودية مسموح بها داخل المسجد الأقصى، وكل ذلك لا يخدم سوى غاية واحدة، ألا وهي دفع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين إلى إخلاء بيوتهم والتوجه شرقاً"، بحسب ما يؤكد الكاتب البريطاني.
وكان الملك عبد الله الثاني قد أعلن قبل أيام أن المملكة "لن تقبل بأن يصبح مستقبل المنطقة رهينا لسياسات حكومة إسرائيلية متطرفة"، في إشارة إلى حالة الغضب من السياسات الإسرائيلية التي تريد تدمير أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية التاريخية غربي النهر.
ويرى هيرست بأن السياسات الإسرائيلية خلقت تياراً قوياً داخل الديوان الملكي الأردني يرى في إسرائيل التهديد الأساس والمباشر للأمن والاستقرار في المملكة، وهو الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي مؤخراً، عندما لم يتردد طوال الوقت ولم يتزحزح، بل ظل باستمرار يدق جرس الإنذار.
وقال الصفدي إن دفع إسرائيل الفلسطينيين نحو الخروج من غزة يمكن أن يجر المنطقة نحو هاوية صراع إقليمي. بل إن الصفدي وصف إسرائيل بالدولة المارقة بعد اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران قبل أسابيع.
ثم بعد أن جدد نظيره الإسرائيلي، وزير الخارجية إسرائيل كاتز، دعوته إلى بناء جدار على امتداد الحدود مع الأردن لمنع "التهريب" عبر الحدود، قال الصفدي: "لا المزاعم المفبركة ولا الأكاذيب التي ينشرها المسؤولون الإسرائيليون المتطرفون، بما في ذلك تلك التي يستهدفون بها الأردن، بإمكانها أن تخفي حقيقة أن عدوان إسرائيل على غزة، وانتهاكاتها للقانون الدولي، وانتهاكها لحقوق الشعب الفلسطيني، هي التهديد الأكبر للأمن والاستقرار في المنطقة".
كما يلفت هيرست إلى أن الملكة رانيا تعتبر أحد الأصوات البارزة في هذا التيار أيضاً، فقد نددت في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" بالتجويع الجماعي لأهل غزة واصفة إياه "بالعار".