شدد الأمير المغربي والأستاذ في جامعة بيركلي الأمريكية، هشام العلوي، على أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع
غزة، أفقد الغرب "المصداقية التامة"، مشيرا إلى أن الأمر أصبح "يتعلق بحرب ثقافية وحضارية أكثر منها جيوسياسية".
وقال العلوي في مقال نشره عبر موقع "
أوريون 21" الفرنسي، وتطرق خلاله إلى الدور الغربي في الحرب على غزة ومواقف الدول العربية، إن "حرب غزة تؤدي إلى تساؤل جدي حول موقف الغرب في المنطقة".
وأضاف أن "دعم الحكومات الغربية الثابت لإسرائيل لا ينبع فقط من حسابات جيوسياسية، فهو يتشابك بشكل متزايد مع الحروب الثقافية المستمرة داخل النسيج الاجتماعي والسياسي لأمريكا وأوروبا".
و"يساوي المعسكر المؤيد لإسرائيل أي تعاطف مع القضية
الفلسطينية بمعاداة السامية، متناسيا معاداة السامية التي تتسم بها قوى اليمين المتطرف التقليدية التي تدعم إسرائيل"، بحسب العلوي.
وشدد الكاتب، على أن "اتهامات معاداة السامية الموجهة ضد النشطاء المؤيدين للفلسطينيين تهدف فقط للدفاع عن إسرائيل".
ولفت العلوي، إلى أن "الحرب في غزة تختلف عن الصراعات السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين. وترتبط القضية الفلسطينية بشكل أساسي بالحلم الذي لم يتحقق لشعب بلا دولة في تقرير مصيره. ويركز على الأرض والسيادة والتعايش وحقوق الإنسان".
وأوضح أن العدوان الجاري، "يجسد أيضا إعادة تشكيل مذهلة للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط، الذي لم يعد خاضعا للانقسامات القديمة. باختصار، لقد اجتاح الصراع فلسطين في مجالات متعددة تمتد إلى ما هو أبعد من أفقها الأولي".
وعلى صعيد دولة
الاحتلال، أشار الكاتب إلى أن "حرب غزة كانت من أنماط تتجاوز مستقبل حماس، حيث سمحت للحكومة في تل أبيب بتسريع استعمارها للضفة الغربية، وتقييد حركة العمال ورؤوس الأموال، وتقييد السلطات المحدودة بالفعل للسلطة الفلسطينية. وفي طولكرم وجنين، يقوم المستوطنون، تحت حماية الجيش، بتدمير ممنهج للممتلكات الفلسطينية".
وأضاف: "لا تستطيع حكومة بنيامين نتنياهو أن تنسحب من حرب غزة من جانب واحد، نظرا للضغوط التي يمارسها ائتلافه. فهي لا تستطيع القضاء على حماس كما أكدت الحقائق العسكرية على الأرض، ولكنها في أحسن الأحوال تضعفها. واستمرار الحرب يزيد من احتمالات امتدادها شمالا مع حزب الله، الأمر الذي يهدد بدفع الغرب إلى حرب عقيمة مع إيران. ويأمل نتنياهو، وهذا هو هدفه، في جر أمريكا إلى هذا الصراع".
وتطرق الباحث إلى مواقف الدول العربية من العدوان الوحشي على قطاع غزة، موضحا أن "السعودية استخدمت حرب غزة كفرصة مربحة لإعادة تموضعها حيث إنها توازن بين الأولويات المختلفة. وقبلت التقارب مع إيران، معتبرة أن توثيق العلاقات وسيلة فعالة لضمان أمنها".
"وطرحت السعودية إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل من أجل الحصول على اتفاقية دفاع أمريكية جديدة، بشرط أن يتضمن مثل هذا الاتفاق الثلاثي شكلا من أشكال الالتزام بإقامة دولة فلسطينية. وتشكل هذه النقطة أهمية خاصة بالنسبة لآل سعود، نظرا لدورهم كحارس للحرمين الشريفين في الإسلام، مكة والمدينة"، وفقا للكاتب.
وفي الأردن، رأى العلوي أن "المملكة الهاشمية تخشى عواقب حرب غزة: فثلثا سكانها من الفلسطينيين، وتخشى الدعوات المتطرفة من الصهاينة إلى جعل الأردن الوطن الجديد للفلسطينيين. ومع ذلك، فهي تحتاج إلى المساعدات الخارجية والحماية الأمريكية التي تأتي من معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994، التي لم تحظ بشعبية".
وفي مصر، أوضح الكاتب أن القاهرة "استغلت الصراع لاستعادة مكانتها في الشؤون الإقليمية، وقد حولت هشاشتها إلى ميزة، كما حدث في الأزمات الإقليمية السابقة مثل حرب الخليج في الفترة 1990-1991".