أعلن
الاحتلال الإسرائيلي عن اغتيال خمسة مقاومين
فلسطينيين بينهم قائد كتيبة
طولكرم المكنى بـ"أبي شجاع"، فيما واصلت القوات اجتياحها لمدينتي جنين وطولكرم لليوم الثاني على التوالي في عملية عسكرية وصفت بالأوسع منذ عام 2002.
محمد جابر المعروف بكنية "أبي شجاع"، هو قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وأحد مؤسسيها، والذي حاولت قوات الاحتلال اغتياله أكثر من مرة، بينما سعت السلطة الفلسطينية إلى اعتقاله.
ولد أبو شجاع عام 1998 في مخيم
نور شمس بمحافظة طولكرم، وهو من عائلة فلسطينية مهجرة عن مدينة حيفا خلال أحداث النكبة عام 1948، وعاش ونشأ في المخيم برفقة خمسة من الأشقاء.
ولم يتمكن أبو شجاع من استكمال دراسته بسبب الظروف الصعبة، وبدأ في العمل المقاوم في وقت مبكر من حياته، وتعرض للاعتقال أول مرة وعمره 17 عاما فقط، ويوصف إسرائيليا بأنه أحد أكثر الرجال المطلوبين في الضفة الغربية وأنه "شخص زعزع الاستقرار في شمال الضفة الغربية".
وبعد ذلك تعرض للاعتقال مرتين قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في سجون الاحتلال، إلى جانب اعتقاله في سجون السلطة الفلسطينية مرتين.
ساهم أبو شجاع بشكل كبير في تأسيس كتيبة طولكرم في آذار/ مارس 2022 إلى جانب قائدها الأول سيف أبو لبدة، ومجموعة من الشباب، ومن ثم تولى قيادتها بعد استشهاد أبو لبدة في 2 نيسان/ أبريل من العام ذاته.
وبعد أن تولى محمد جابر قيادة الكتيبة توسعت وانضم إلى صفوفها العديد من الشباب المقاومين، وقُدر عدد عناصرها في أيلول/ سبتمبر 2022 بحوالي 40 فردا.
"الشهيد الحي"
ظهر أبو شجاع بشكل لافت في نيسان/ أبريل الماضي، خلال تشييع جثامين شهداء مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، وذلك بعد أيام من إعلان اغتياله في اجتياح إسرائيلي واسع للمخيم.
وجرى تداول مقطع فيديو مصور لـ "الشهيد الحي"، وهو يسير محاطا بالمسلحين في الجنازة، ما أثبت أنه حي، بخلاف ما جرى تناقله عن استشهاده واحتجاز الاحتلال جثمانه مع شهداء آخرين خلال اقتحام المخيم.
وخلال ذلك الاقتحام الذي امتد لأكثر من 50 ساعة في طولكرم ومخيم نور شمس، فإنه استشهد 14 فلسطينيا لم تعرف هويتهم بشكل دقيق إلا بعد انسحاب الاحتلال.
ومع دخول المواطنين وسيارات الإسعاف إلى أزقة المخيم وحاراته المدمرة، وانتشال جثث الشهداء، لم يصدر ما يؤكد أن جثة أبي شجاع بينهم، في حين نقلت مقاطع مصورة لأفراد من الكتيبة المقاومة تأكيدهم أن قائدهم لم يستشهد، وأن لديهم ما يثبت ذلك، وهو ما أكده مقطع صوتي نُسب إلى الشاب العشريني نفسه، يقول فيه بأنه على قيد الحياة، وأنهم مستعدون للتصدي للاحتلال وجنوده.
وبين إعلان استشهاد ثم نفيه، ظلت المعلومات المتناقلة حول بقائه على قيد الحياة محض شك، خاصة أن الاحتلال لم ينفِ ولم يؤكد أي معلومة حول ذلك إلا بعد انتهاء العملية.
وظهر أبو شجاع بعدها محمولا على أكتاف المقاومين المسلحين وبين المواطنين، وتنقل بين صفوفهم مودعا رفاقه الشهداء، حاملا بندقية وأخذ يطلق الرصاص بالهواء تحية لهم وتحديا للاحتلال الإسرائيلي.
وخلال التشييع قال أبو شجاع: "رسالتنا للاحتلال أننا نتحداه، ونحن على درب الشهداء، والحالة الوطنية لن تنتهي حتى النصر.. الاحتلال لم ولن ينجح في اغتيالي معنويا أو نفسيا رغم كل محاولاته، نحيي المجاهدين بكل مكان في الضفة وغزة والشتات، ونتمنى من جميع الشرفاء ألا يخذلونا".
ملاحقة السلطة
في تموز/ يوليو الماضي، تمكّن المواطنون من إخراج قائد كتيبة طولكرم من المستشفى، بعد أن وصل مصابًا في يده، في حين حاولت أجهزة السلطة الفلسطينية اعتقاله من هناك.
وحينها، حدثت مناوشات بين المواطنين وأجهزة السلطة الفلسطينية بعد وصول قائد كتيبة طولكرم إلى المستشفى مصابًا في يده نتيجة انفجار قنبلة محلية الصنع، بحسب ما أفادت به المصادر المحلية.
وكانت الأجهزة الأمنية قد وصلت بعد مجيء الجريح أبي شجاع إلى المستشفى، وقامت بمحاصرته، بينما صدرت دعوات للنفير العام في مخيمي نور شمس وطولكرم، لمنع اعتقال قائد كتيبة طولكرم، وبالفعل توافَد الأهالي إلى المستشفى.
ماذا قال عن غزة؟
وتداول العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي منشورات لحساب يحمل اسم أبو شجاع جابر على منصة فيسبوك، وجاء فيه الحديث عن المجازر في قطاع غزة: "لا أظن أن يتعافى قلبي على الاطلاق، وسأبقى أشعر بالتقصير مدى الحياة، رغم أنني لا أملك فعل شيء ولم أفعله ولكن لا يمكنني أيضآ طرد شعور سيء ينتابني كلما رأيت تضحيات الآخرين وما أصابهم، أرى اعتقالي ومطاردتي وخسارتي لمنزلي وبعدي عن أهلي وفقد اخي محمود وعدد من المقربين مني أمور عابرة مقابل طفل فقد أمه، أو أب فقد طفله، أو أسير سيمضي في زنزانته عقود ويحرم منه أبنائه".
وجاء في المنشور أيضا "لكن أواسي نفسي أن الله سلمني لغاية، وأنني لم اختر التراجع بل اخترت دوم الأخذ بالعزيمة ورغم ذلك لا زلت بينكم، وأواسي نفسي بأن واجبنا إن خرجنا من هذه الحرب على قيد الحياة أن نكون على قدر المسؤولية وأن نكون قوة لمن حولنا .. وأن نبقى الأوفياء لمن ضحوا وقدموا.. هذا عهد في رقابنا ، أسأل الله أن يمكننا من الوفاء به".