تثار تساؤلات حول غياب التأثير المباشر للمظاهرات المستمرة في
دولة الاحتلال، على رئيس الحكومة، بنيامين
نتنياهو، وفشلها في إرغامه على توقيع اتفاق مع حركة حماس، يشمل عودة الأسرى الإسرائيليين في
غزة.
وشهدت "تل أبيب" ومناطق أخرى، السبت، مظاهرات هي الأكبر والأوسع نطاقا منذ سنوات، في محاولة للضغط على نتنياهو، ودفعه إلى توقيع صفقة لتبادل الأسرى.
وقدرت لجنة عائلات أسرى الاحتلال أعداد المشاركين بأكثر من 400 ألف متظاهر في مظاهرة "تل أبيب" وحدها.
وتتهم المعارضة ومسؤولون أمنيون وعائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق، لمنع انهيار ائتلافه الحاكم؛ في ظل تهديد وزراء اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة إذا قبلت باتفاق ينهي الحرب على غزة.
نظرة على الائتلاف الحكومي
تتكون الحكومة الائتلافية بقيادة نتنياهو من ستة أحزاب يمينية هي: الليكود (32 مقعدا)، يهدوت هتوراه (7 مقاعد)، شاس (11 مقعدا)، وحزب الصهيونية الدينية و"يشمل اندماج أحزاب دينية" (14 مقعدا).
تشغل كتلة الأحزاب اليمينية هذه، بقيادة بنيامين نتنياهو، 64 من أصل 120 مقعدًا في الكنيست، وهذا الائتلاف يعطي حكومة نتنياهو أغلبية مريحة في الكنيست بمعزل عن حزب "معسكر الدولة" برئاسة غانتس (12 مقعدا)، والذي انضم إلى الحكومة بعد إعلان حالة الطوارئ وبدء الحرب على غزة، عقب هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قبل أن ينسحب منها في وقت لاحق.
4 عوامل يستند عليها نتنياهو
وفي قراءته للمشهد، يعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حسن مرهج، في حديث خاص لـ"عربي21" أن هناك عدة عوامل لفشل
المظاهرات في الضغط على نتنياهو، وإجباره على توقيع الاتفاق المنشود، وهي:
أولا: أن نتنياهو يتمتع بحكومة مدعومة من 64 عضوا في الكنيست من أصل 120، وهذا يعطيه قدرا من الأمان بأن حكومته لن تسقط تحت أي ظرف، إلا في حال خروج أحد الأحزاب منها، لكن هذه الأحزاب لن تخرج لأن لديها مصالح حزبية، وهي ترى أن مكانها الطبيعي في حكومة يمينية.
ثانيا: حالة الانقسام الكبيرة في المجتمع الاسرائيلي، حيث إن الجماهير لم تتحرك نحو المظاهرات بأعداد كبيرة سوى منذ عشرة أيام، وتحديدا بعد مقتل الأسرى الإسرائيليين الستة في قطاع غزة. إضافة إلى أن استطلاعات الرأي كانت تعطي نسبة عالية جدا لعدم الذهاب إلى صفقة، على اعتبار أن الحرب القائمة "وجودية"، وهذه الاستطلاعات كانت تعطي راحة نسبية لنتنياهو، الذي يرى أن استعادة الأسرى فقط عبر الضغط العسكري، وكان دائما ما يكرر ذلك في خطاباته.
مقابل ذلك، تدنت نسبة المطالبين بإبرام صفقة حيث إنها لم تتجاوز الـ34 في المئة من مجموع ما رصدته الاستطلاعات، وهذا لم يكن يشكل ضغطا على نتنياهو، لكن هذا تغير خلال الأيام القليلة الماضية، ولوحظ انخراط "الهستدروت" في حلة الضغط على نتنياهو.
ثالثا: الدعم الأمريكي والغربي المطلق عسكريا وسياسيا وماليا لـ"إسرائيل".
رابعا: ترويج نتنياهو لفكرة إعادة ترسيم حدود جديدة تضمن الأمن للاسرائيليين، وهذا التوجه يحظى بتأييد كبير من المجتمع الاسرائيلي، ما جعل نتنياهو يصر على استمرار القتال على هذه الجبهات، خاصة الضفة وغزة الجبهة الشمالية.
لكن مرهج لا يستبعد أن تحدث هذه المظاهرات فرقا، في حال استمرت وازدادت أعداد المنضمين إليها، بحيث إنها ترغم نتنياهو على الرضخ لمطالبهم الرامية إلى إبرام صفقة تبادل.
"انهيار الحكومة"
يعزو رئيس سابق لجهاز الأمن العام في دولة الاحتلال "الشاباك"، تعنت نتنياهو، وإصراره على إفشال الصفقة "للحفاظ على حكومته من الانهيار".
نداف أرغمان الذي شغل منصب رئيس الشاباك بين 2016 و2021، دعا في مقابلة أجرتها معه القناة "12" العبرية إلى "وقف الحرب فورا والانسحاب من قطاع غزة وإعادة الأسرى".
وقال في حديثه: "أعتقد أن الوقت قد حان لشرح الحقيقة للإسرائيليين، وكذلك بشأن محور فيلادلفيا، ليس هناك أي صلة بين الأسلحة الموجودة في قطاع غزة ومحور فيلادلفيا".
الرئيس السابق للشاباك اعتبر أن إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا ضمن أي صفقة مع حماس "يهدف فقط إلى الحفاظ على هذه الحكومة من الانهيار". وأردف أنه "للأسف، ما يدفع نتنياهو الآن هو استمرار حكمه والحفاظ على الائتلاف، وليس أمن إسرائيل ولا وحدة مجتمعها".
وأدخل نتنياهو عقبة الإبقاء على احتلال محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة، كشرط جديد لإبرام صفقة تبادل، يرى فيه محللون وسياسيون إسرائيليون ذريعة لتعطيل الصفقة، أملا في استمرار الحرب، استجابة لموقف اليمين المتطرف.
والأربعاء الماضي، ادعى نتنياهو في مؤتمر صحفي باللغة الإنجليزية، وآخر بالعبرية مساء الثلاثاء، أنه يتم تهريب السلاح إلى غزة من خلال محور فيلادلفيا.