دعت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء،
السلطات
التونسية إلى الإفراج الفوري عن 97 عضوا من حزب حركة النهضة الإسلامية
المعارض جرى إيقافهم يومي 12 و13 أيلول/سبتمبر الجاري، للتحقيق معهم في تهمة
التآمر على أمن الدولة وتهم أخرى بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
وقالت المنظمة في بيان لها اليوم نشرته على
موقعها الرسمي على الأنترنت: إن الموقوفين تم إحضارهم أمام فرقة الإرهاب للتحقيق
وحرموا من الاتصال بمحاميهم لمدة 48 ساعة، من دون أن توضح أسباب الإيقافات الجديدة
أو الجرائم التي نسبت للموقوفين.
ويقبع قياديون من الصف الأول للحركة من
بينهم مؤسسها راشد الغنوشي في السجن، منذ نحو 18 شهرا بتهم ترتبط بالإرهاب والتحريض
ضد السلطة وفساد مالي. ويقول الحزب إنها "تهم سياسية وملفقة".
وقالت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة
العفو الدولية في بيان صحفي للمنظمة: "تشن السلطات التونسية هجوما واضحا قبل
الانتخابات على أسس حقوق الإنسان وسيادة القانون، دون احترام التزامات البلاد
الدولية في مجال حقوق الإنسان وتقوض المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. يتعين
عليها أن تضع حدا لهذا التراجع الصارخ في مجال حقوق الإنسان وتضمن احترام حقوق
الجميع في البلاد قبل وأثناء وبعد الانتخابات المقبلة".
ويجري التحضير للانتخابات الرئاسية في تونس
وسط مناخ متوتر بسبب استبعاد الهيئة العليا للانتخابات لثلاثة مرشحين رغم صدور
قرار من المحكمة الإدارية بتثبيتهم.
ووفق بيان "العفو الدولية"، فقد
"واصلت السلطات الاحتجاز التعسفي للمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق
الإنسان، وتهميش المرشحين الرئاسيين، وتجاهل قرارات المحاكم الإدارية بإعادة إدراج
مرشحين رئاسيين، في حين استُخدم نظام العدالة الجنائية كسلاح لإسكات المعارضة
السلمية".
وقالت كالامار، الأمينة العامة لمنظمة
العفو الدولية: "تشن السلطات التونسية هجومًا واضحًا قبيل الانتخابات على
ركائز حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتتقاعس عن الوفاء بالتزامات البلاد الدولية
في مجال حقوق الإنسان، وتقوض المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. ويجب عليها وضع
حد لهذا التراجع الفظيع في مجال حقوق الإنسان، وضمان احترام حقوق الجميع في البلاد
قبل الانتخابات المقبلة وأثناءها وبعدها".
وحذرت "العفو الدولية" مما أسمته
بـ "تقويض القضاء وسيادة القانون"، وقال البيان: "وافقت الهيئة
العليا المستقلة للانتخابات، وهي المؤسسة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات منذ 2011،
والتي رشح الرئيس قيس سعيّد أعضاءها مباشرة منذ 2022، على ثلاثة مرشحين فقط
للانتخابات الرئاسية، بمن فيهم الرئيس الحالي قيس سعيّد. وطعن العديد من المرشحين
الذين لم تتم الموافقة عليهم في القرار أمام المحكمة الإدارية، صاحبة الاختصاص
الحصري في النظر بالنزاعات المتعلقة بالترشح للانتخابات. وكسب ثلاثة منهم، وجميعهم
من مرشحي المعارضة، وهم عماد الدايمي والمنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي،
الاستئناف وقضت المحكمة بإعادة إدراجهم كمرشحين. ومع ذلك، رفضت الهيئة العليا
المستقلة للانتخابات في 1 سبتمبر/أيلول حكم المحكمة الملزم ورفضت تنفيذه".
وأضاف البيان: "انتُقد قرار الهيئة
العليا المستقلة للانتخابات بتجاهل حكم المحكمة على نطاق واسع من قبل منظمات
المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمجتمع القانوني لتقويضه استقلالية القضاء
وسيادة القانون".
وأشار البيان إلى مضايقة المعارضين السياسيين،
وقال: "في 1 سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات التونسية العياشي زمال، أحد
المرشحين الذين وافقت عليهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في البداية،
واتهمته بـ "تقديم تبرعات للتأثير على الناخبين" بموجب المادة 161 من
قانون الانتخابات بعد مزاعم بأنه دفع ثمن تزكيات لترشحه. وفي 5 سبتمبر/أيلول، أمرت
المحكمة بالإفراج المؤقت عنه، ولكن أعيد اعتقاله بعد أن كان على وشك مغادرة السجن
في وقت لاحق من ذلك اليوم. ونُقل إلى جندوبة، وهي منطقة في شمال غرب تونس، حيث جرى
التحقيق معه وإصدار مذكرة اعتقال جديدة بحقه قبل إعادة اعتقاله بموجب اتهامات
مماثلة. ومنذ ذلك الحين، قُدِّم المزيد من الشكاوى ضده، وهو محتجز الآن بموجب خمسة
أوامر إيقاف تحفظي تتعلق جميعها بنفس الاتهامات".
وأضاف: "لا يزال السياسيون الآخرون
الذين قدموا ترشيحاتهم للسباق الرئاسي ولم توافق عليهم الهيئة العليا المستقلة
للانتخابات يواجهون مضايقات قضائية، وفي بعض الحالات محاكمات تؤدي إلى إدانتهم.
ففي 5 أغسطس/آب، حكمت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة على خمسة مرشحين محتملين
للرئاسة بالسجن ثمانية أشهر، وبحظر الترشح للمنصب مدى الحياة بتهمة "تقديم
تبرعات للتأثير على الناخبين". وفي 8 سبتمبر/أيلول، أيّدت محكمة الاستئناف
بتونس إدانة اثنين منهم والحكم الصادر بحقهما، وهما عبد اللطيف المكي ونزار الشعري".
ووفق بيان "العفو الدولية"، فإن
"الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحاول تقييد التغطية الإعلامية المستقلة
للانتخابات. ووفقًا للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تلقت أربع محطات إذاعية
خاصة تنبيهات خطية من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول التقارير والتعليقات
التي بثتها محطاتها فيما يتعلق بالعملية الانتخابية منذ نهاية يوليو/تموز.
وقالت أنياس كالامار: "ليس دور الهيئة
العليا المستقلة للانتخابات مراقبة عمل وسائل الإعلام. فالاعتمادات الممنوحة
للصحفيين والمراقبين تهدف إلى تسهيل الوصول خلال المراحل المختلفة للانتخابات،
وليس ممارسة السيطرة على تغطية الانتخابات وتقييد حرية الإعلام".
كما قدمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
عدة شكاوى جنائية ضد أعضاء من المعارضة السياسية والمنتقدين مما أدى إلى إدانات
وأحكام بموجب المرسوم 54 بتهمة "نشر معلومات كاذبة". ويشمل ذلك رئيسة
حزب المعارضة عبير موسي، التي حكم عليها بالسجن لمدة عامين في قضية، وتواجه تهمًا
في قضيتين أخريين رفعتهما ضدها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وفي تطور منفصل، قالت مجلة جون أفريك في 4
سبتمبر/أيلول إن السلطات التونسية منعت توزيع عدد شهر سبتمبر/أيلول في تونس، على
ما يبدو بسبب مقال ينتقد الرئيس قيس سعيّد، بعنوان "الرئيس الفائق".
ورفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
طلبات الاعتماد التي قدمتها المنظمة غير الحكومية لمكافحة الفساد "أنا يقظ" - IWatc أو منظمة
مراقبون غير الحكومية للمراقبة، وهما منظمتان تونسيتان تراقبان الانتخابات منذ
2014.
وفقًا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات،
فقد تلقت إشعارات من السلطات بأن المنظمتين غير الحكوميتين تتلقيان تمويلًا
أجنبيًا مشبوهًا، مضيفةً في وقت لاحق أنهما تلقيتا تمويلًا من "دول لا تقيم
تونس علاقات دبلوماسية معها"، وأحالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
هاتين المنظمتين غير الحكوميتين إلى النيابة العمومية للتحري.
وأشار بيان "العفو الدولية" إلى
أنه ووفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، يجب أن تتمتع الجمعيات بحرية التماس
وتلقي التمويل من مصادر مختلفة، محلية ودولية على حد سواء، دون قيود لا مبرر لها.
واختتمت أنياس كالامار حديثها بالقول: "إنها
لمهزلة أن نشهد تآكل مؤسسات الدولة التي بنيت منذ 2011. يجب على الهيئة العليا
المستقلة للانتخابات وجميع مؤسسات الدولة التمسك بسيادة القانون واحترامها، وألا
تصبح أدوات لفرض قيود على عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة".
ومنذ عام 2022، شنت السلطات موجات متعاقبة
من
الاعتقالات استهدفت الخصوم السياسيين والمنتقدين المتصوَّرين للرئيس قيس سعيّد.
وتعرّض أكثر من 70 شخصًا، من بينهم معارضون سياسيون، ومحامون، وصحفيون، ومدافعون
عن حقوق الإنسان ونشطاء للاحتجاز التعسفي أو الملاحقات القضائية أو كليهما منذ
نهاية 2022.
ولا يزال العشرات رهن الاحتجاز التعسفي على
خلفية ممارسة حقوقهم المكفولة دوليًا، مثل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي
وتكوين الجمعيات والانضمام إليها.
إقرأ أيضا: حملة اعتقالات واسعة في صفوف أعضاء حركة النهضة التونسيةك