كانت
الطفلة فاطمة عبد الله تراجع دروسها
بعد عودتها من أول يوم دراسي في بلدة سرعين الفوقا بمحافظة البقاع شرق
لبنان، متحمسة
لعام جديد يملؤه الأمل رغم شبح الحرب الذي يخيم على البلاد.
لم تعلم فاطمة (8 أعوام) أن لحظات الأمل
تلك ستنقلب إلى فاجعة بطرفة عين، فجأة انفجر جهاز الاتصال "
البيجر" الخاص
بوالدها وهي تحمله، ليخطف عمرها الذي لم يتجاوز عمر الزهور وينسف أحلامها البريئة.
فاطمة كانت واحدة من 12 ضحية فقدوا حياتهم،
الثلاثاء، إثر تفجير آلاف من أجهزة "بيجر" اللاسلكية بحادثة نادرة مؤلمة
هزّت لبنان والعالم، حيث يعيش الناس أصلاً في صراع مرير بسبب انتهاكات "إسرائيل"
التي تهدد باجتياح لبنان.
أصدقاؤها وأقاربها يتذكرون فاطمة بقلوب
مليئة بالحزن، ويصفونها بالطفلة الذكية المحبوبة التي كانت تحلم بمستقبل مشرق.
خالتها فاطمة (48 عاما) التي تحمل ذات الاسم،
تحدثت للأناضول بحسرة كبيرة عن اللحظات الأخيرة لابنة أختها.
تقول إن فاطمة كانت تدرس بمفردها في المطبخ،
بينما كان أخوها وأبواها خارج المنزل، وفجأة سُمع صوت انفجار من الداخل، ليدخلوا المنزل
ويجدوا ابنتهم ملقاة على الأرض.
وتضيف وهي تحاول أن تستجمع قواها من ألم
الفقد: "كانت فاطمة عائدة من أول يوم دراسي لها، مفعمة بالحماس، كانت متفوقة ومحبوبة
من الجميع".
صديقها علي عبد الله، ذو السنوات التسع
يتذكر أيضا اللحظات الأخيرة قبل وقوع الكارثة.
يقول: "فاطمة كانت جالسة على الكنبة
(الأريكة) تدرس عندما رن جهاز البيجر، حملته لتوصله إلى والدها الذي كان خارج المنزل،
لكنه انفجر بين يديها".
تحولت فاطمة إلى رمز للألم الذي يعانيه
لبنان، وتفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع قصتها، وتداول ناشطون اسمها وصورها،
حتى باتت الوجه الأبرز لضحايا التفجيرات.
واليوم ودعت بلدة سرعين الفوقا في البقاع
(شرق) فاطمة في مراسم عزاء مؤثرة.
والأربعاء، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس
الأبيض أن من بين القتلى الطفل محمد بلال كنج، البالغ من العمر 11 عاما.
وحمّلت الحكومة اللبنانية و"
حزب الله"
إسرائيل المسؤولية عن تفجير آلاف من أجهزة "بيجر"، وتوعدها الحزب بـ"حساب
عسير"، ردا على مقتل 12 شخصا بينهم طفلان، وإصابة نحو 2800 جريح.
و"البيجر" جهاز اتصال إلكتروني
لاسلكي صغير محمول يستخدمه مدنيون وعاملون بالمجال الصحي وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات
أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، ويعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل نصية واتصالات
وإشارات صوتية وضوئية.
وبخلاف جهاز "البيجر"، وقعت اليوم
تفجيرات أخرى بأجهزة من نوع "أيكوم"، يجري استخدامه حصرا لعمليات الإسعاف
التي تجري في جنوب لبنان والذي يشهد مواجهات عسكرية بين "حزب الله" و"إسرائيل"
منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومنذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر تتبادل فصائل
لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل، مما أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم
بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها
إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، ما خلف أكثر من 136 ألف قتيل وجريح
فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة
قاتلة.
تجدر الإشارة إلى أن "إسرائيل"
تحتل منذ عقود أراضي في لبنان وسوريا وفلسطين.