صحافة دولية

لوفيغارو: التأثير الأكبر للهجوم على حزب الله نفسي.. بنيته تتحمل الضربات

الصحيفة قالت إن الحزب بحاجة لاستعادة الردع عقب الضربات- جيتي
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن الضربات التي تلقاها حزب الله اللبناني، خلال الأيام الماضية، قد يكون تأثيرها النفسي هو الأقوى من الجانب العسكري، بسبب طبيعة بنائه وقدراته الميدانية من التسليح والبنية التنظيمية.

وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه في يوم الثلاثاء 17 أيلول/سبتمبر، كان حزب الله هدفا للعملية الأكثر فعالية وضررا في تاريخه، عندما انفجرت آلاف أجهزة البيجر التي كان يحملها أعضاؤه في وقت واحد. وفي اليوم التالي، تكرر السيناريو مرة أخرى باستخدام أجهزة الاتصال اللاسلكي.

وبعد يومين، دمرت الطائرات الإسرائيلية مبنى كاملا في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، ما أدى إلى اغتيال إبراهيم عقيل، قائد وحدة النخبة "الرضوان"، ونحو خمسة عشر عضوا آخر من عناصر الحركة. وقد خلفت الغارة الإسرائيلية، التي تم تقديمها على أنها "مستهدفة"، 45 ضحية، من بينهم 21 مدنيا على الأقل، من بينهم عائلتان كاملتان وأطفال، ولا يزال العديد من الأشخاص تحت الأنقاض.

ويعتبر إبراهيم عقيل ثاني قائد عسكري كبير للحزب اللبناني، منذ فتح جبهة دعم لحركة حماس الفلسطينية والحرب على غزة.


ووصف زعيم حزب الله حسن نصر الله هذه الأحداث بأنها "مجزرة" و"إعلان حرب". وقال حزب الله في بيان إنه رد على "استشهاد العديد من المدنيين" بإطلاق نحو مئة صاروخ متوسط المدى فادي 1 و2 صباح الأحد على مناطق مأهولة بالسكان في شمال إسرائيل وصلت إلى محيط مدينة حيفا الكبرى. ويحدد البيان الصحفي أن الأهداف كانت عسكرية: قاعدة رامات دافيد والمجمع الصناعي العسكري التابع لشركة رافائيل.

"خلافة قوية"

وبينت الصحيفة أن التحدي الذي يواجه حزب الله هو أن يظهر أن سلسلة قيادته وقدراته الباليستية لا تزال سليمة، وأن الضربات التي تلقاها لم تطح به. لقد استهدفت الهجمات المدمرة لأجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية المفخخة جميع أنواع أعضاء التنظيم.

ويتمتع حزب الله الآن بكل سمات شبه الدولة، مع خدمات الصحة والتعليم، ووسائل الإعلام، والبنوك، وبطبيعة الحال، ترسانة مستقلة ولقد تعرض العديد من الموظفين، للإصابة والقتل إضافة إلى القادة العسكريين.

وعلى المستوى العملياتي، لم يكن لعملية زعزعة الاستقرار هذه سوى تأثير جزئي، كما يعتقد العديد من الخبراء. في هذا الصدد، قال مهند الحاج علي، الخبير في مركز كارنيغي لشؤون الشرق الأوسط، إن قطع رأس وحدة الرضوان النخبوية يشكل "ضربة خطيرة، خاصة أنه يأتي بعد عشرات الاغتيالات للمسؤولين التنفيذيين منذ ما يقرب من سنة".


لكنه أوضح أن بنية حزب الله تسمح له بتحمل هذه الضربة، فهناك جيل قادم متمرس، تدرب في إيران، وتعتمد كتيبة الرضوان بشكل كبير على وحدات مستقلة من هذه القوات الخاصة.

وأضافت الصحيفة أن حزب الله لا يعتمد بشكل كامل على أجهزة الإرسال اللاسلكية في اتصالاته، والتي تعتمد إلى حد كبير على المرافق السلكية، فمن الممكن أنه قد تم اختراقه. لأن الانهيار الحقيقي يكمن في فشل الاستخبارات. كما يؤكد مهند حاج علي: "لقد ولد رواد حزب الله قبل الإنترنت، وسيتعين على الجيل الجديد أن يأخذ في الاعتبار الأخطاء الأمنية الواضحة التي سهلت الاختراقات الإسرائيلية غير المسبوقة".

تجنب حرب مفتوحة

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الثغرات ربما يكون تأثيرها النفسي هو الأقوى، إذ بنى حزب الله هيبته في صفوف قاعدته على فكرة أنه حصن ليس آمنا فحسب، بل وقائي أيضا. من هنا جاءت الدعوات من مؤيديه المباشرين لاستعادة مصداقية الحزب وقدرته على الردع بشكل أو بآخر.

وعلى الصعيد الاستراتيجي، فإن موضوع الضربات على حيفا يقع أيضا على هذا المستوى. فبينما زادت إسرائيل من ضرباتها ضد قواعدها ومنصات إطلاقها في جنوب لبنان ـ حيث تم تسجيل تفجيرات ضخمة ـ تمكن حزب الله من إطلاق صواريخ أكثر تطورا من صواريخ الكاتيوشا التي يستخدمها عادة. ويصل مدى صواريخ فادي 1 و2 إلى حوالي مائة كيلومتر. كما يمتلك التنظيم صواريخ أكثر تطورا، يمكنه إطلاقها من الأنفاق والتي كشف عن وجودها في شريط فيديو حديث.

واختتمت الصحيفة بالقول إن المختصين أجمعوا على أن أولوية حزب الله، رغم كل شيء، تكمن في تجنب حرب مفتوحة لا يريدها لا هو ولا طهران، لكنهم يقولون إن المخاطر المرتبطة بلعبة الرد التدريجي على التصعيد الإسرائيلي لم تكن أبدا بهذه الوتيرة.