بورتريه

الشيخ هادي.. صوت العقل في شرق آسيا (بورتريه)

يمثل الشيخ هادي تيار الإخوان المسلمين في منطقة متعددة الثقافات والديانات والأصول العرقية- عربي21
صوت إسلامي متمكن وجريء في جنوب شرق آسيا.

يعتبره الكثيرون المدافع الصلب عن التوجه الإسلامي لبلاده ماليزيا.

يمثل تيار الإخوان المسلمين في منطقة متعددة الثقافات والديانات والأصول العرقية.

كان حاضرا منذ أن تسلم رئاسة حزبه في جميع الملفات والقضايا التي واجهتها الأمة الإسلامية وبشكل خاص في منطقتنا العربية.

الشيخ عبد الهادي أوانج، أو الشيخ هادي، مولود في عام 1947 بمنطقة مارانج الساحلية في تيرينجانو بماليزيا.

حصل على بكالوريوس من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في عام ١٩٧٣، والماجستير من جامعة الأزهر بالقاهرة عام ١٩٧٥، حيث تعرف على جماعة الإخوان المسلمين بشكل أكثر عمقا، رغم أن بداية تعرفه بالجماعة كانت وهو في السعودية حين التقى بشخصيات من علماء الإخوان ودعاتهم، منهم الشيخ محمد الصواف من العراق، والدكتور محمد السيد الوكيل من مصر، وكذلك الشيخ سعيد حوى من سوريا، وغيرهم كثيرون.

وبعد عودته إلى ماليزيا واصل عمله في الحزب الإسلامي مستفيدا مما تلقاه في مدرسة الإخوان المسلمين التي يرى أنها "مدرسة تربوية شاملة".

عندما خرج الحزب الإسلامي الماليزي من الحكومة عام 1978، كلف هادي بمهام رئيس قسم التربية للحزب فقام بتطبيق خبراته وقراءته في الحزب وفقا للواقع في ماليزيا.

وما لبث أن انتخب في برلمان ترينجانو عام 1982، ثم عضوا في البرلمان المركزي لماليزيا عام 1990، ثم أصبح رئيسا لوزراء ترينجانو في أعقاب نجاحه في الانتخابات البرلمانية في عام 1998.

انتخب في عام ٢٠٠٢ رئيسا للحزب الإسلامي الماليزي (باس)، ثم أصبح واليا لولاية ترينجانو ما بين عامي 2000 و2004 ، وهو عضو مجلس أمناء مؤسسة القدس، ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

ولأنه يحظى بثقة دوائر صنع القرار في بلاده وخارجها فقد اختارته الحكومة مبعوثا خاصا لرئيس الوزراء الماليزي للشرق الأوسط.

خاض الحزب تجربة ائتلافية مع بعض القوى السياسية في ماليزيا، وهي تجربة قديمة وناجحة تعود إلى ما قبل الاستقلال في مواجهة الاستعمار البريطاني، حيث قام الحزب بالتحالف مع القوى السياسية العلمانية المعارضة من اليمين واليسار ضد الجبهة الوطنية التي ساندها الاستعمار البريطاني (الحزب القومي الملاوي "أمنو" والحزب القومي الصيني والحزب القومي الهندي)، ونجح في تنصيص الإسلام دينا للدولة في الدستور، ورغم أن هذا النص صيغ بحسب التفسير العلماني، وذلك بسبب قوة نفوذ الاستعمار البريطاني حينها ومساعدة القوى العلمانية؛ لكنه يكفي أن يكون أساسا للتغيير بعد ذلك.

وللحزب حاليا 91 عضوا في المجالس التشريعية، وله 18 من أصل 222 مقعدا في البرلمان.

يبدو الشيخ هادي مسكونا بالشأن الإسلامي فقد سبق له أن وجه رسالة مفتوحة إلى البلدان العربية والإسلامية، دعاهم فيها إلى الرجوع للإسلام من جديد، مذكرا إياهم بتأثير مخططات معاهدة سايكس بيكو الاستعمارية على الدول العربية والإسلامية، داعيا إلى الوحدة والتآخي والتصالح وقطع دابر الفتنة بين الأشقاء، و"الوحدة  بين الأشقاء فريضة شرعية وضرورة واقعية" بحسب اجتهاده.

وينبه هذا القيادي الإسلامي الذي صدرت له أكثر من 10 كتب منها "الصراع بين الإسلام والعلمانية في ماليزيا"، و"نظام الحكم في الإسلام"، من محاولة فصل الدين عن الدولة لفصل قبلة الصلاة عن قبلة السياسة، داعيا لعدم تهميش قضية فلسطين والقدس والأقصى.

ولم يفوت الحزب الإسلامي تحت قيادة هادي أية أحداث أو قضايا تهم الأمة إلا وشارك فيها مبديا رأيه بشكل صريح وواضح واضعا النقاط على الحروف، وعلى سبيل المثال، وعلى وقع التطبيع العربي مع الاحتلال، فقد تبنى الحزب قرارا بالإجماع يدين التطبيع مع الاحتلال ويندد بموقف الجامعة العربية من قضية التطبيع، ودشنت "الجامعة الإسلامية" حملة أكاديمية لتوعية الطلاب بمخاطر التطبيع.

وذهب مجلس العلماء التابع للحزب إلى تحريم إقامة علاقات مع الاحتلال وتجريم التطبيع، واعتبر أن مواقف الدول المطبعة "عدوان على الأمة الإسلامية وخيانة لها".

يقدم الشيخ هادي رؤية عميقة بالتاريخ حين يتحدث عن خطط الاحتلال الإسرائيلي التوسع عبر العدوان على مناطق أخرى في العالم العربي، فهو يرى أن ذلك سيؤدي إلى سقوط دولة الاحتلال وزوالها "تماما كما حدث للزعيم النازي أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية".

يوضح فكرته أكثر بالقول: "لي قراءة سياسية تاريخية، وهي أن سبب سقوط هتلر في الحرب العالمية الثانية هي توسعة الولايات التي سيطر عليها، ثم ضعف الدفاع عنها".

وشدد على أن "إسرائيل لا تستطيع أن تكون أكبر من مساحتها الآن، لو قامت بالتوسعة، فسيكون هذا سبب سقوطها".

أوانج، يقدم مقاربة حول الصمت العربي والإسلامي لما يجري في فلسطين وفي لبنان تؤكد أن "ما يحدث في العالم الإسلامي اليوم هو أن الدول الإسلامية لا تزال تحت نفوذ استعماري رغم استقلالها بالاسم فقط، والدليل ما يحدث في فلسطين". 

يبدى عبد الهادي أوانج إعجابه بالمقاومة في غزة بقوله: "ما حدث في غزة أعجبنا جدا، فالمقاومة الإسلامية باستطاعتها مواجهة إسرائيل لمدة سنة، بينما دول وحكومات استسلمت في ستة أيام"، في إشارة إلى حرب  حزيران/ يونيو عام 1967.. منوها إلى أن كل المحاولات لتهجير سكان غزة إلى مصر أو الأردن أو دول مجاورة فشلت. "الحمد لله أهل غزة صامدون ومستقيمون على حقوقهم، وهذا من قوة الإيمان"، وفق تصريحات صحفية حديثة له.

الشيخ هادي، ليس عالما إسلاميا فقط، وسياسيا ماليزيا يمارس العمل السياسي منذ ستينيات القرن الماضي حين ساهم مع رفاقه في تأسيس الحزب الإسلامي الماليزي الذي لا يزال رقما صعبا ومؤثرا في الساحة الماليزية، لكنه يمثل صوتا معتدلا وعاقلا ومسموعا حتى من قبل مؤسسة الحكم الملكية في البلاد، وفي العالم العربي حيث يحظى باهتمام لافت ومتابعة كبيرة.