ملفات وتقارير

عام من الإدانة والخذلان ودعم الاحتلال.. الموقف الرسمي العربي من حرب غزة

الموقف العربي تجاه العدوان لم يتعد الإدانة والاستنكار- إكس
منذ بداية عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كان الموقف الرسمي العربي محط انتقادات واسعة، فهو لم يرق بنظر الكثيرين إلى مستوى الجرائم وحجم الحدث في غزة.

منذ اليوم الأول للعدوان كان الموقف العربي هشا بشكل عام، إذ اكتفى بالتنديد والدعوة للتهدئة، وشذت عن ذلك بعض الدول التي أدانت المقاومة صراحة مثل الإمارات.

ومع استمرار العدوان بدأت شيئا فشيئا تتكشف حقيقة دور بعض الدول العربية في العدوان، رغم نفيها المتكرر المشاركة فيه أو حتى دعم دولة الاحتلال.

في هذا التقرير تستعرض "عربي21" أبرز انعطافات الموقف الرسمي للدول العربية خلال العدوان المستمر على القطاع منذ عام.

بين المتابعة والإدانة
اقتصرت مواقف بعض الدول العربية على المتابعة والدعوة لضبط النفس عقب المشاهد الأولى لعملية طوفان الأقصى، بينما حملت كل من العراق وليبيا والجزائر وتونس والسودان وموريتانيا الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية التصعيد.

الجامعة العربية
أدانت الجامعة العربية ما قالت عنه "قتل المدنيين" من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي واستهدافهم والتأكيد على ضرورة حمايتهم وأيضا على ضرورة إطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين.

الإمارات
من جانبها شنت الحكومة الإماراتية هجوما عنيفا على حركة "حماس"، بسبب عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان؛ إنها "تدعو إلى حماية المدنيين، وأن الأولوية العاجلة إنهاء العنف وحماية المدنيين".

البحرين
ونسخة من تصريح الإمارات أدان ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 عملية طوفان الأقصى واصفا إياها بـ"البربرية".

وقال الأمير البحريني، "أدين حماس بشكل لا لبس فيه وهذا يدل على أنني أقف في صف المدنيين الأبرياء وليس في صف المواقف السياسية".

وأضاف أن هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول كانت "بربرية ومروعة، لقد كانوا عشوائيين، قتلوا النساء والأطفال والشيوخ واستهدفوا منشآت مدنية ومواقع عسكرية، وفوق كل ذلك يبدو من المقبول الآن أن تختطف رهائن وتذهب بهم بعيدا وتتحدث عن الأمر وكأنه عمل من أعمال الحرب".

السعودية
بدوره أدان وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، العملية وعبر عن تألمه على قتلى الاحتلال، في عملية طوفان الأقصى.

وقال الفالح خلال مؤتمر بلومبيرغ الاقتصادي: "إنه من المؤسف أننا نلتقي الآن حيث تتصاعد أزمة حول العالم، خاصة في الشرق الأوسط، من حيث جئت أنا حيث فجعنا وتألمنا من المعاناة على المستوى الإنساني في غزة بنفس مستوى ما تألمنا به من أجل من فقدوا حياتهم على الجانب الآخر في السابع من أكتوبر".

ورد الفالح بسخرية، على سؤال في المؤتمر، بشأن إمكانية لجوء السعودية للتلويح بورقة أسعار النفط، مقابل وقف العدوان على غزة، وقال بعد أن ضحك: "أنا لست مخولا بالأمر، ويمكنني أن أخبرك أن هذا ليس مطروحا على الطاولة، المملكة العربية السعودية تحاول إيجاد السلام من خلال النقاشات السلمية".

السعودية وقطار التطبيع
ويبدو الموقف السعودي، نابعا من تعرقل اتفاقية التطبيع مع الاحتلال بسبب عملية طوفان الأقصى، حيث كان الجانبان يقتربان بشكل كبير من إعلان الاتفاق المدفوع من بايدن، إلا أن تطور الأحداث في غزة حال دون ذلك.

ومرارا كرر المسؤولون السعوديون أن الرياض لن تطبع علاقتها بـ "إسرائيل" دون اتخاذ خطوات حقيقية باتجاه قيام الدولة الفلسطينية.


أهداف مشتركة مع الاحتلال
ورغم تصاعد العدوان وتوحش الاحتلال لم يخرج الموقف العربي من مربع الإدانة والتنديد، لكنه في ذات الوقت كان مغايرا على الأرض، بدءا من الجسر البري وصولا للمشاركة الفعلية في حصار غزة.

تدمير المقاومة
أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023 صرح عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، موسى أبو مرزوق، علانية بحقيقة مواقف بعض الزعماء العرب والسلطة الفلسطينية، من حماس والعدوان على غزة.

وقال أبو مرزوق، خلال استضافته في قناة "الجزيرة" إن قيادات عربية طالبت الغرب بتدمير حركة حماس والخلاص منها، مبينا "أن قادة عربا قالوا للدول الغربية اقتلوهم هذا فضلا عن وصول قذائف تقصف بها المقاومة تنطلق من بلاد عربية".

وبالإضافة لشهادة أبو مرزوق، أكد الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أن هناك قادة عربا يرغبون بالقضاء على حماس وليس فقط إسرائيل والولايات المتحدة.

وأضاف روس، في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، "إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أن عليها هزيمة حماس" مضيفا: "خلال الأسبوعين الماضيين، عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم إنه لا بد من تدمير حماس في غزة".

ونقل عن المسؤولين العرب قولهم، "إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإن ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة، ويعطي نفوذا وزخما لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي".

وذكر الدبلوماسي الأمريكي، "أن أولئك الزعماء العرب الذين تحدثوا إليه صرحوا له بموقفهم على انفراد بينما مواقفهم العلنية على خلاف ذلك، لأنهم يدركون أنه مع استمرار انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سوف يغضبون".

الجسر البري
منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي كشفت وسائل إعلام عبرية، أن الإمارات ودولة الاحتلال وقعتا اتفاقا لتشغيل جسر بري، بين ميناءي دبي وحيفا، مرورا بالأراضي السعودية والأردنية، بهدف تجاوز تهديدات الحوثيين بإغلاق الممرات الملاحية.

ونفى الأردن صحة التقارير الإسرائيلية، إذ نقلت وكالة الأنباء الرسمية "بترا" عن مصادر في وزارتي النقل والصناعة والتجارة، قولهم إن هذه الأنباء "لا صحة لها أبدا".

لكن ما نفته عمان على الإعلام كان واقعا على الأرض، إذ قال مذيع القناة 13 العبرية مطلع العام الجاري، إنه "لأول مرة وتحت غطاء من السرية، يتم افتتاح خط تجاري جديد، يلتف حول الحوثيين"، عن طريق السعودية إلى دولة الاحتلال، ويعمل بأقصى طاقته.
وقام مراسل القناة، أمير شوعان، بزيارة المكان، حيث كشف عن الممر البري الذي أنشئ من الخليج العربي، مرورا بالسعودية والأردن ونهاية في دولة الاحتلال، بواسطة الشاحنات. 

وذكر المراسل في تقريره، أنه في الأسابيع الأخيرة، ومن وراء الحوثيين، بدأت تجربة لنقل البضائع عبر الممر البري وليس عبر البحر، مبينا أن شكل المكان يعتبر الأكثر سرية.
وأشار إلى أن الشاحنات القادمة من الخليج عن طريق السعودية تصل إلى معبر الأردن، في مسار التفافي حول الحوثيين كما وصفه المراسل شوعان. 


وحول كيفية النقل، ذكر أن السفن التجارية تصل إلى الخليج العربي، ومن هناك تنقل البضائع عبر الشاحنات الخارجة من دبي، ثم تمر عبر السعودية والأردن، لتصل عبر المعبر الأردني إلى دولة الاحتلال.


مشاركة مصر بالحصار
منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، فجر محامي الدفاع عن دولة الاحتلال الإسرائيلي قنبلة سياسية أمام محكمة العدل الدولية، حين حمل السلطات المصرية، المسؤولية عن نقص دخول المساعدات إلى قطاع غزة.

وقال أحد أعضاء فريق الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي خلال مرافعته، إن مصر هي المسؤولة عن معبر رفح، وبإمكانها إدخال المساعدات، وهي من تتحمل تفاقم الأوضاع في غزة.

وزعم المحامي خلال مرافعته أمام المحكمة أن "إسرائيل لم تمنع دخول المساعدات"، وأن مصر كان بإمكانها إدخال المساعدات إلى غزة من اليوم الأول للحرب.

من جهته، نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، مزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلي، قائلا في بيان له، إن تهافت وكذب الادعاءات الإسرائيلية يتضح في أن كل المسؤولين الإسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير "الدفاع" ووزير الطاقة، قد أكدوا عشرات المرات في تصريحات علنية منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة وخاصة الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التي تشنها دولتهم على القطاع.

وفي محاولة لتدارك الأمر خرج رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي قائلا، إن معبر رفح بين مصر وقطاع غزة مفتوح 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، لكن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل للسماح بدخول المساعدات تعرقل العملية.

وأضاف السيسي أن هذا جزء من كيفية ممارسة الضغط بخصوص مسألة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة. 


القمم العربية الإسلامية
خلال العدوان على غزة عقدت قمتان عربية وأخرى إسلامية.

ودعا زعماء الدول العربية والإسلامية في البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي انعقدت خلال تشرين الثاني/ نوفمبر في العاصمة السعودية إلى وقف الحرب على قطاع غزة، ورفضوا توصيف الحرب الانتقامية الإسرائيلية على أنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.

كما حث الزعماء على كسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع.

وأدانت القمة في بيانها الختامي العدوان الإسرائيلي على غزة، و"جرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري".

ودعا زعماء العالمين العربي والإسلامي جميع الدول إلى "وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل".

وعن تلك القمة قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن هناك دولا عربية عديدة تريد إنهاء حركة حماس.

وأضافت،  "إن من السهل تجاهل اللقاء بأنه مجرد دكان كلام تعقده الجامعة العربية عادة، حيث شجب عدد من القادة المعايير المزدوجة للغرب وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، وهذا كلام صحيح، لكنهم فعلوا هذا في القمة التي شارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعدّ من أكبر مجرمي الحرب في القرن الحالي".

وبينت، "أن أجزاء من البيان الختامي تحمل مفارقة، فبدلا من كسر الحصار، ساعدت مصر على استمراره ولعقدين تقريبا، ولا دولة من دول منظمة التعاون الإسلامي تبيع السلاح للاحتلال، مع أن بعض دولها تشتري السلاح منه".
 
قمة البحرين
وفي أيار/ مايو الماضي، اختتمت القمة العربية في البحرين، حيث دعا القادة العرب، إلى نشر قوات دولية "في الأرض الفلسطينية المحتلة" إلى حين تنفيذ حل الدولتين.

كما أدان البيان الختامي للقمة "بشدة التعرض للسفن التجارية بما يهدد حرية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول العالم وشعوبه"، مؤكدا التمسك بـ"ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي".

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع