قضايا وآراء

ماذا خسر العرب والمسلمون بغياب الإخوان المسلمين؟

- أ ف ب
أين الإخوان المسلمون مما يجري في غزة والمنطقة؟

لماذا لا يتحرك الإخوان لإنقاذ الأمة من الهوان الذي تعيش فيه؟

لماذا لا يثور الإخوان أو يساعدون الشعوب على الثورة ضد الاستبداد؟

أين دور الإخوان في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وهي التي تعتبر أكبر منظمة مجتمع مدني في المنطقة؟

لماذا لا يرسل الإخوان "قوافل المجاهدين" من أجل تحرير فلسطين؟

هذه عينة من الأسئلة التي أتلقاها أنا وغيري عبر البرامج الحوارية أو البث المباشر أو اللقاءات المباشرة مع بعض المثقفين من مصر وغيرها، وكأن الحال يخفى عليهم، أو كأنهم يعرفون ولكن يتحسرون على هاتيك الأيام الخوالي التي كان الإخوان فيها في الطليعة والمقدمة عند كل حدث جلل يحدث للأمة.

يعلم الجميع أن الإخوان قد تلقوا ضربات هائلة على مر التاريخ، ولعل آخرها انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 الذي دُبر بليل؛ وكان البعض يظنه انقلاب الجيش على السلطة المنتخبة ولكن ثبت أنه انقلاب مشايخ وممالك الخليج النفطي بالتعاون والتنسيق مع دولة الاحتلال. لم يكن الأمر خافيا ولكنه لم يكن واضحا كل ذلك الوضوح آنذاك، فدولة الكيان كانت هي المايسترو التي حركت الأحداث من وراء ستار وكان عرب الخليج هم كيس النقود الذي أغوى الجنرالات، وقامت السعودية بتبني الانقلاب فور حدوثه وتولت مهمة ترويض أمريكا وأوربا حتى لا يتخذ أي منها قرارا ضد الانقلاب والانقلابيين.

الإخوان قد تلقوا ضربات هائلة على مر التاريخ، ولعل آخرها انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 الذي دُبر بليل؛ وكان البعض يظنه انقلاب الجيش على السلطة المنتخبة ولكن ثبت أنه انقلاب مشايخ وممالك الخليج النفطي بالتعاون والتنسيق مع دولة الاحتلال. لم يكن الأمر خافيا ولكنه لم يكن واضحا كل ذلك الوضوح آنذاك، فدولة الكيان كانت هي المايسترو التي حركت الأحداث من وراء ستار وكان عرب الخليج هم كيس النقود الذي أغوى الجنرالات

مرت الأيام وبعد كيل الاتهامات للإخوان على مدار عقد من الزمان أو يزيد بأنهم فرطوا في الثورة وأنهم باعوا البلد، وأنهم كانوا سذجا لدرجة أن عسكريا مثل السيسي ضحك عليهم وانقلب وقتل وسحل وسجن عشرات الألوف منهم، الآن تبين للجميع أن الإخوان لا يزالون في الصورة، وأن مواجهة الاستبداد تستدعي عودة الإخوان وأن مواجهة الاحتلال الصهيوني تستدعي عودة الإخوان، وأن استعادة الحياة السياسية السليمة يتطلب عودة الإخوان، وأن إعادة إحياء المجتمع المدني لا بد لها من وجود الإخوان، وأن إعادة الحراك الطلابي والنشاطات الجامعية ليس له من سبيل بدون وجود الإخوان، وأن نصرة قضايا الأمتين العربية والإسلامية تحتاج حتما إلى عودة الإخوان ليكونوا في الطليعة أو في القلب من حراك الشعوب العربية، وأن مواجهة المشروع الصهيوني الغربي والعربي المتصهين ينقصها وجود الإخوان لأن لهم استراتيجية واضحة منذ تأسيس الجماعة في عام 1928، وأن استعادة التوازن السياسي لن يحدث سوى بعودة قوة الإخوان في الشارع العربي السياسي لأنهم رمانة الميزان ولهم في ذلك خبرة وتاريخ طويل من النضال.

ينسى كثيرون أن الحرب على جماعة الإخوان المسلمين بدأت منذ اللحظة الأولى لنشأتها على يد الشيخ حسن البنا في شباط/ فبراير 1928، ولا تزال الحرب مستمرة حتى يومنا هذا.

هذه الحرب لها هدف استراتيجي واحد وأهداف مرحلية متعددة ووسائل متنوعة وأشكال مختلفة ومواقيت متغيرة وأماكن متناثرة متنوعة الوسائل ومتعددة الأشكال ومتغيرة الأزمنة والأمكنة، وبكل اللكنات والألسنة، ومع ذلك فهي على عظم شأنها لا أقول قليلة التأثير ولكن تأثيرها سيكون محدودا رغم كلفة تلك الحرب ماليا واقتصاديا وسياسيا حتى على من شنوها.

الحرب بدأت على الإخوان حين عرف الجميع، الشعوب والحكومات، أن الإخوان يدعون إلى التغيير، هنا قامت الدنيا ولم تقعد فالتغيير له كلفة وله ثمن وله نتيجة أيضا، لكن القوم لا يريدون دفع الثمن مقدما في انتظار النتيجة.

الحكومات رأت أن دعوة الإخوان غرضها إبعادهم عن السلطة والأمر لم يكن كذلك، فالإخوان يدعون الحكومات لتحسين أداء السلطة ويلحّون على ذلك وينصحون  ويشتبكون لأن هذا هو دور الشعوب؛ أن تأخذ بيد من يحكمها أو تأخذ على يديه، لا أن تجلس مكانه لتدير شؤون البلاد، لكن الحكومات صدرت لشعوبها رواية أخرى وقالت إن الإخوان يريدون عزل الحكام ونقض بيعة الشعوب لهم وبالتالي فهم خوارج يجب قتالهم ونفيهم وسجنهم وإبعادهم.

الشعوب هي الأخرى ترى أن كلفة التغيير عالية، خصوصا وأن المطلوب من هذه الشعوب أن تنهض بالأمة وتتقدم إلى الأمام لا أن تركن إلى الدعة والنوم والكسل، رأت الشعوب أن استفزازها وقض مضاجعها مؤلم وأن نتائج التغيير قد لا تُلمس بين ليلة وضحاها، فربما آثرت تلك الشعوب أن تبقى كما هي وتتهم الإخوان بأنهم متمردون ومتعجلون ويسعون لتسخير الناس لخدمة مشروعهم.

تفاعلت بعض الحكومات إيجابيا وبحذر مع دعوة الإخوان وتركت لهم مساحة من العمل تحت رقابة الأجهزة وتحت سمع وبصر المخالفين والمؤيدين وحتى المحايدين، ولم تستطع أي حكومة محترمة إدانة ما يقوم به الإخوان بل إن بعض الحكومات وبعض الرؤساء كالوا المديح للإخوان ودورهم في المجتمع.

تفاعلت معظم الشعوب مع دعوة الإخوان وانتشرت الدعوة بفضل الله بين الناس، فارتفع منسوب الغيظ والحنق عند أعداء الأمة الذين يفضلونها (أي الأمة) نائمة مسترخية لاهية لا تدري ما يُفعل بها.

حين وقع انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 في مصر، لم يكن الهدف هو تغيير النظام فحسب، بل شُنت حرب على الإخوان المسلمين كفكرة إسلامية، وهذا ما قاله وكرره قائد الانقلاب مرارا بهجومه على الفكر الذي يجب أن يحارَب وتبعه في ذلك زُمرة من الإعلاميين ومن الليبراليين والعلمانيين الذين كانوا ولا يزالون يرون في الإخوان كفكرة حائط صد يحول بينهم وبين هدم المجتمع وتفكيك أوصاله والنيل من الأصول الراسخة للإسلام في مصر والمنطقة.

لو تتبعنا الخطوات التي اتُخذت بعد الانقلاب على مستوى مصر وبعص الدول العربية سوف نكتشف حقيقة أن الأمر لا يتعلق بالإخوان والسلطة ولا الإخوان والدولة، بل يتعلق بالإخوان كفكرة إسلامية يراد انتزاعها من جذورها تماما وإلا فلماذا..

1- تم تغيير المناهج التعليمية لتخدم فكرة فصل الدين عن المجتمع وعن السياسة؟

2- محو كل الآيات التي تتحدث عن اليهود وعن الجهاد؟

3- استبدال التربية الوطنية بمادة الدين الإسلامي من المقررات؟

4- السيطرة على وزارة الأوقاف بحيث تتم إدارتها من جانب مؤسسات أمنية مثل أمن الدولة والأمن الوطني؟

5- تغيير ثقافة الأئمة والخطباء من خلال توحيد خطبة الجمعة التي تُكتب مركزيا وتنص على موضوعات تخدم النظام لا الدين؛ والسلطة لا الناس والمجتمع؟

6- مجازاة كل إمام أو خطيب يدعو على الظالمين والمفسدين والطغاة والبغاة، ومعاقبة من يخالف ذلك بالفصل أو الحرمان من اعتلاء المنابر؟

7- الدفاع عن الإلحاد والملحدين؟

8- تصدير علي جمعة وسعد الدين الهلالي وأسامة الأزهري إعلاميا كمرجعية دينية للشعب؛ بدلا عن مراجع الأمة وشيوخها المعروفين أمثال الغزالي والقرضاوي ومحمد عمارة؟

9- السماح بتشكيل مؤسسات تهاجم الإسلام والمراجع الإسلامية وتنال من الصحابة والتابعين ورواة الحديث على غرار مؤسسة "تكوين" التي تشكلت من أنصاف مثقفين وأشباه مفكرين مثل زيدان واسلام البحيري وفاطمة ناعوت، والحمد لله فقد ظهرت بوادر الانقسام والتفكك من داخل هذه المؤسسات التي تشبه المساجد الضرار.

10- استبدال مشايخ السلطان بالشيوخ والوعاظ المخلصين؟

11- ظهور دعوات تبرئ الحاكم من كل عيب كما لو كان نبيا؟

12- تحت شعار التجديد؛ تم النيل من أئمة الأمة وفقهائها ورواة الأحاديث أبو هريرة وابن تيمية والبخاري ومسلم وحتى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم؟

13- الدفع بالفنانات والراقصات للحديث عن الدين وأهمية تغيير الخطاب الديني؟

لقد ترعرع الفساد الأخلاقي والتبديد الديني في بلاد العرب في غيبة من صوت الإخوان الذي أريد له أن يختفي وحاولوا مرارا حنقه، ولكن يأبى الله ذلك.

أما فيما يخص الحرب على غزة، فهل كان وجود الإخوان سيغير من الأمر شيئا؟ يعني هل كان سيمنع الحرب مثلا؟

تحرك الإخوان بحرية ولو محدودة في البلاد العربية كما كان الحال قبل انقلاب 3 يوليو 2013 المشؤوم كان سيحدث فارقا كبيرا في المشهد الممتد لما يزيد عن عام كامل من الحرب الضروس على أهلنا في فلسطين وتحديدا في غزة

الإجابة هي أن تحرك الإخوان بحرية ولو محدودة في البلاد العربية كما كان الحال قبل انقلاب 3 يوليو 2013 المشؤوم كان سيحدث فارقا كبيرا في المشهد الممتد لما يزيد عن عام كامل من الحرب الضروس على أهلنا في فلسطين وتحديدا في غزة وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر:

1- المظاهرات العارمة التي بكل تأكيد تمثل عامل ضغط على متخذ القرار في العالم العربي والإسلامي.

2- إقامة المؤتمرات وجمع التبرعات المليونية.

3- إرسال الوفود الشعبية إلى قطاع غزة.

4- الضغط على السفارات الأجنبية الموجودة في بلادنا.

5- تفاعل المتحدثين باسم الإخوان عبر المنافذ الإعلامية المتاحة.

6- تقديم الأسئلة البرلمانية واستجواب وزراء الخارجية والدفاع وغيرهم للتحرك من أجل وقف الحرب.

7- تظاهر البرلمانيين أمام السفارات والقنصليات والبعثات العربية والأجنبية، وطلب عقد اجتماعات معهم لشرح خطورة الموقف والذهاب إلى الحدود ودخول غزة وكسر الحصار.

8- المطالبة بسحب السفير وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

9- استقبال واستضافة متحدثين من غزة وفلسطين في النقابات العامة والفرعية.

10- جمع التبرع من أجل الإغاثة وتقديم الدعم المطلوب لنصرة غزة.

هذا غيض من فيض خسرته الأمتان العربية والإسلامية بسبب غياب الإخوان المسلمين، فهل آن أوان العودة من جديد؟