هل أصبح
التمثيل
حقا مهنة مَن لا مهنة له؟ كل المؤشرات تشير إلى أن هناك مشكلة حقيقية بين من بيدهم
الأمر وجموع الفنانين، هناك انفصام بات واضحا للعيان.
ومؤدى ذلك، أن
عددا ضخما من
الممثلين بمختلف شرائحهم، يقبعون في منازلهم ويعانون العوز وشظف
العيش، وأن هناك شِللا بعينها هي التي تعمل. وقد شكّل هذا في الماضي مشكلة أيضا
ولكن ليس بهذا الاستفحال، نظرا لتعدد نوافذ الإنتاج الدرامي من مدينة الإنتاج التلفزيوني
وقطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وقد أدى هذا إلى أنين
الممثلين الذي سرعان ما تحول إلى صراخ، لعل وعسى ينتبه
من بيده الأمر. فنجد على سبيل المثال فيديو مؤثرا ومحزنا لأحدهم وهو يشكو ويئن من
عدم العمل، وأن ابنه قد كبر ويحتاج إلى مصاريف، ولولا هذا الفيديو الذي أوضح الظرف
القاهر الذي يمر به الممثل، لما استجابت الشركة المتحدة لصرخة هذا الممثل.
ولكن إلى متى؟ فهذه
حلول فردية لا تسمن ولا تغني من جوع، ومن المفترض طرح حل جامع مانع يحفظ كرامة
جموع الممثلين ولا يريق وجوههم، وهذا الحل يتمثل في حق الأداء العلني، وهو أخد نسبة
من أرباح عرض المنتج الفني الذي اشترك به. وبالطبع يمثل هذا الإجراء القانوني حائط
سد بين الفاقة وتوفير حياة كريمة للممثل، ولعل المثال الواضح قد تم في هوليود، عندما حاول أحدهم أن يستغل الممثلين، هبت جموع الفنانين وأصرّوا على عدم الاستغلال.
وتراجع مديرو الأستوديوهات
عن قرارتهم التعسفية، وهكذا. فرفقا بأهل مهنة التمثيل، فهم أهم ما يميز القوة
الناعمة
المصرية. فعلى سبيل المثال لا الحصر بالأمس القريب، استطاع النجم الكبير
فريد شوقي أن يغير قوانين مجحفة، ففي كلمة شرف سن قانونا يسمح للمسجون على ذمة
قضية، بأن يخرج ليحضر فرحا أو مأتما لأهله وأسرته، وقد كانت هذه لمسة إنسانية كبيرة. وفي فيلم "جعلوني مجرما"، صدر قانون بإلغاء السابقة الأولى للمسجون؛ لإعطائه فرصة لبداية حياة جديدة دونما
منغصات وإحباطات، وهكذا.
وقد كانت لكاتب
هذه السطور أيضا جولة في هذا المضمار، بسبب الفيلم الذي أبرز معاناة المدمن وكيفية
التخلص من معاناته من الإدمان بالعلاج الروحي، وكان الفيلم بعنوان الشيطان يستعد
للرحيل، قصة وجيه أبو ذكري وسيناريو وحوار عصام الجمبلاطي ومن إخراج شريف يحيي.
وهكذا، ألم يكن
الممثلون هم طلائع المجتمع في السراء والضراء؟ ألم ينتفض ممثلون كحسن يوسف ويوسف
شعبان وتوفيق الدقن وغيرهم، لمؤازرة قواتنا المسلحة في اللحظات العصيبة لهزيمة 1967؟!
وألم يكن جموع
الفنانين على رأس من ذهبوا إلى الجبهة في حربنا المجيدة السادس من أكتوبر، ليرفهوا
عن جنودنا البواسل، ومنهم من أصر على ارتداء البدلة العسكرية، كالنجم محمد عوض
ونادية لطفي وفاتن حمامة وغيرهم؟
نعم، لقد كان
الممثلون حاضرون بذاتهم الفنية والمعنوية والجسدية كعنصر وطني في خدمة الأمن
القومي لمصرنا الحبيبة. ولهذا، أرجو من أولي الأمر، أن
يزيلوا العقبات من أمام أهم عنصر من قوتنا الناعمة المصرية، ألا وهو الممثل، ودمتم
بكل الخير والنجاح.