ملفات وتقارير

أحدهم نام خاسرا واستيقظ في البيت الأبيض.. أحداث مثيرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية

عملاء الخدمة السرية أيقظوا ترومان من نومه لإبلاغه بفوزه- LIFE Picture
شهد تاريخ الانتخابات الرئاسية في أمريكا الكثير من الأحداث المثيرة للجدل، والتي أثرت على مسارها، فضلا عن تسببها في تعديل الكثير من القوانين، لتلافي أزمات داخلية كان يمكن أن تشعلها.

وبعض تلك الأحداث لم يؤثر على نتيجة الانتخابات، بل إنه تسبب في شكوك في العملية الانتخابية واتهامات بعدم النزاهة، والإضرار بحقوق الناخبين، ونستعرض في التقرير التالي عددا من تلك الأحداث المثيرة للجدل بتاريخ الانتخابات الامريكية:

تعادل أصوات الرئيس ونائبه

انتخابات القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، لا تمت بصلة إلى الانتخابات التي نعرفها اليوم، ففي عام 1800 وقع حدث مثير للطرافة ونفس الوقت كاد يتسبب بأزمة كبيرة في الولايات المتحدة، بعد تعادل أصوات الرئيس ونائبه.

وكان النظام الانتخابي في ذلك الحين يقوم على أن الناخب يصوت لشخصين، والحاصل على أعلى الأصوات يعتبر رئيسا وصاحب المركز الثاني يصبح نائبا للرئيس، ووفقا للنظام، تعادل توماس جيفرسون مع نائبه آرون بور، في المركز الأول، بسبب سوء التنسيق بين الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين المتحالفين في ذلك الوقت، وحصل كل منهما على 73 صوتا، فيما حصل جون آدامز عضو الحزب الفيدرالي المنافس على 65 صوتا.

وتسببت هذه الورطة، في ذهاب الانتخابات إلى مجلس النواب من أجل حسمها، وبعد ضغوط مارسها وزير الخزانة ألكسندر هاملتون، توجه دعم الفيدراليين حينها إلى جيفرسون، لترجيح كفته وتمت تسميته رئيسا وحل بور بعده في منصب نائب الرئيس.

وبسبب هذه الواقعة أضيف التعديل الثاني عشر إلى الدستور الأمريكي، والذي نص على أن الناخبين يصوتون بشكل منفصل لأعلى منصبين.

صفقة فاسدة في الرئاسة

بحلول عام 1824، ومع حل الحزب الفيدرالي، كان المرشحون الأربعة للرئاسة من توجه واحد، بخلاف ما يجري اليوم في الولايات المتحدة.

ومع إجراء الانتخابات، فاز أندرو جاكسون، بطل حرب 1812، بالتصويت الشعبي بفارق أقل من 39 ألف صوت، وحصل على 99 صوتا انتخابيا؛ وحصل وزير الخارجية جون كوينسي آدامز على 84 صوتا انتخابيا، منها 41 صوتا لوزير الخزانة ويليام كروفورد و37 صوتا لرئيس مجلس النواب هنري كلاي. وبما أن أيا من المرشحين لم يحصل على أغلبية الأصوات الانتخابية، فقد ذهبت الانتخابات مرة أخرى إلى مجلس النواب، وتم استبعاد كلاي من المنافسة لأن القانون كان ينص على بقاء أعلى ثلاثة واستبعاد الرابع.

والمثير في الأمر أن المرشح الذي جرى استبعاده، نشط خلف الكواليس، للانتقام من الآخرين، ودفع باتجاه فوز كوينسي آدامز، عبر تحريك مناطق نفوذه الانتخابية لصالحه، مقابل أن يحصل كلاي على وزارة الخارجية وهو ما حدث بالفعل.

لكن أحد المرشحين وهو جاكسون، وصف ما جرى بأنه صفقة فاسدة للفوز بالرئاسة، ليقرر حشد قوته في الانتخابات اللاحقة عام 1828، عبر حزب ديمقراطي جديد، ويطيح بآدامز من الرئاسة.

انتخابات مزقت أمريكا

لم تكن الانتخابات الرئاسية لعام 1860 مثيرة للجدل فحسب، بل مزقت أمريكا حيث، لم يكن أبراهام لنكولن، المرشح المختار للحزب الجمهوري الناشئ والمعارض القوي للعبودية، حتى على ورقة الاقتراع في معظم الولايات الجنوبية.

ووقعت صراعات بين الشق الشمالي والجنوبي من الولايات المتحدة، بسبب بورصة الأسماء المترشحة، وبفعل الفوضى في التصويت وعدم الاتفاق، لم يحصل لينكولن سوى على 40 بالمئة من الأصوات الشعبية، وكان أغلبها في الشمال، وفي أغلب الجنوب فاز بريكنريدج.

هذه الفوضى الانتخابية، تسببت بعد أسابيع قليلة من فوز لينكولن، في تصويت ساوث كارولاينا لصالح الانفصال عن الاتحاد ولحقت بها 6 ولايات جنوبية أخرى شكلت الكونفدرالية الأمريكية في عام 1861، واختارت جيفيرسون ديفيس رئيسا.

ورطة انتخابية

شهدت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1876، الحاكم الديمقراطي صامويل تيلدن ضد الجمهوري، رذرفورد ب. هايز، ورطة بسبب النزاع في 4 ولايات على عدد الأصوات.

وسبب النزاع فوز تيلد من نيويورك بـ 250 ألف بطاقة اقتراع أكثر من خصمه الجمهوري، هايز، وحصوله على 19 صوتا انتخابيا إضافيا. لكن تيلدن كان لا يزال ينقصه صوت انتخابي واحد عن الأغلبية المطلوبة 185، وظل 20 صوتا غير محسوب وظلت فلوريدا ولويزيانا وكارولينا الجنوبية قريبة جدا منه، وفي عام 1877، اتهم كل حزب للآخر بالاحتيال، بينما في ولاية أوريغون، تم إعلان أحد الناخبين غير قانوني وتم استبداله، وعلى وقع الأزمة المتصاعدة بدت نذر حرب أهلية في أمريكا.

ولنزع فتيل الحرب، لجأ الكونغرس إلى تشكيل لجنة من 15 عضوا من مجلس الشيوخ، والنواب وقضاة المحكمة العليا، تحولت الأصوات المتأرجحة لهايز كما أنه حصل على كافة الأصوات الانتخابية من الولايات المتنازع عليها، وهو ما دفع الديمقراطيين إلى عرقلة فرز الأصوات الرسمي.

وبعد مفاوضات بين الحزبين، وافق الديمقراطيون على فوز هايز، مقابل أن يزيل كافة القوات الفيدرالية من الجنوب وشروط أخرى متعلقة بحكم الولايات، وهو ما عزز سيطرة الديمقراطيين على مناطقهم، وعزز كذلك مكاسب الأمريكيين من أصل أفريقي في حقبة ما بعد الحرب الأهلية.

رصاصة لم تؤثر في الخطاب الانتخابي

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1912، وجد ثيودور روزفلت نفسه مندفعا للعودة إلى البيت الأبيض، لكن خليفته ويليام هوارد تافت، غضب بسبب هذه المساعي، ليقرر روزفلت مع أنصاره تشكيل الحزب التقدمي، لخوض الانتخابات.

وخلال ذروة الحملة الانتخابية، وأثناء إلقائه خطابا بأنصاره في ويسكونسن، أطلق شخص النار على روزفلت، باتجاه صدره مباشرة، وأصابته مباشرة لكنه أكمل خطابه حتى النهاية ونزل بعدها عن المنصة.

ورغم الفوضى التي حدثت واعتقال مطلق النار على الفور، قام أحد الأشخاص بتفحص حالة روزفلت ووجد أن الرصاصة اصطدمت بلفافة أوراق وعلبة معدنية للنظارات كانت في جيبه، ووصلت إلى صدره، وتسببت له بجرح لم يصل إلى الرئتين، وجرى تضميده على الفور، وصعد المنصة وأكمل خطابه.

لكن في النهاية، انقسمت أصوات الجمهوريين بين روزفلت وتافت، وهو ما ساعد الديمقراطي وودرو ويلسون على الفوز بالبيت الأبيض رغم حصوله على أغلبية أقل من 50 بالمئة في عدد من الولايات.

فوز غير متوقع

المؤشرات الانتخابية والسياسية، أمام الرئيس هاري ترومان، كان تشير إلى أنه سيخرج خاسرا في انتخابات عام 1948، أمام منافسه الجمهوري توماس ديوي، والذي كان قويا ومتسلحا بفوز حزبه بمجلس الكونغرس، لأول مرة خلال 20 عاما في حينه.

وحتى استطلاعات الرأي كان تشير إلى أن واحد من كل ثلاثة أمريكيين يوافق على ترومان، فضلا عن استقالة أحد وزرائه وترشحه للحصول على بطاقة الحزب وخسارته شريحة واسعة من مؤيديه بسبب دعمه لحقوق الأمريكيين من أصل أفريقي.

لكن كل هذا لم يحل دون حصول تغير دراماتيكي قلب النتائج، ففي ليلة الانتخابات، ذهب ترومان للنوم معتقدا أن الأمر محسوم وفقا لآخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب، والذي لم يتوقع فوزه، ليفاجأ بعملاء جهاز الخدمة السرية يوقظونه في الرابعة صباحا، لإخباره بفوزه بالرئاسة.

ورفع يومها ترومان الطبعة الصباحية من صحيفة شيكاغو تريبيون، والتي طبعت قبل الوقت المعتاد بسبب إضراب المطابع، وحملت يومها مانشيت "ديوي يهزم ترومان" للسخرية مما جرى.