وصف
طبيب فرنسي بعد عودته من العمل في أحد
مستشفيات قطاع
غزة، الوضع هناك بأنه "مرعب"، نتيجة حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأشار الطبيب باسكال أندريه، الذي عاد إلى فرنسا بعد عمله في غزة في شباط/ فبراير الماضي، إلى أنه واجه "شيئا مشابها للرعب".
وقال في حديث مع الأناضول، إنه شهد العديد من القتلى والجرحى، بما في ذلك أطفال
فلسطينيون أصيبوا برصاص إسرائيلي في الرأس، عند وصولهم إلى المستشفى الأوروبي في خانيونس بقطاع غزة.
وأضاف: "شاهدنا أيضا صورا مروعة لنازحين مدنيين داخل المستشفى، تعرضوا للقصف والحرق بسبب الحرب الإسرائيلية، دون أي تدخل من أحد".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تُرتكب إبادة جماعية في قطاع غزة بدعم أمريكي، ما أسفر عن أكثر من 145 ألف بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أدت إلى وفاة العشرات من الأطفال وكبار السن، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وتواصل دولة الاحتلال ارتكاب مجازرها متجاهلةً قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وكذلك أوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
جرحى لا يجدون علاج
وأشار أندريه، إلى أن معظم مستشفيات قطاع غزة توقفت عن العمل نتيجة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال. وأوضح أنه "رغم الضغوط الدولية، لا يستطيع المرضى والجرحى في غزة مغادرة القطاع للعلاج في الخارج"، مشيراً إلى وجود ما بين 12 و16 ألف جريح فلسطيني.
وذكر أن "معظم مستشفيات غزة لم تعد قادرة على تقديم الخدمات، وتم إجلاء 3 مرضى من شمال القطاع، الذي يتعرض لحملة إبادة وتطهير منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى جنوبه في ظروف سيئة وصادمة للغاية".
كما أشار الطبيب الفرنسي، بحسب الأناضول، إلى أن "باحة مستشفى شهداء الأقصى، التي كان من المفترض أن تستقبل المرضى، تعرضت للقصف الإسرائيلي أيضاً". ولفت إلى أن "حوالي 25 عنصراً من الطواقم الطبية الأوروبية وأكثر من 100 أمريكي يعملون في غزة".
وبيّن أن "المتخصصين في الرعاية الصحية في القطاع يحتاجون إلى المساعدة، لكن العاملين في مجال الرعاية الصحية الأجانب لا يُسمح لهم بالدخول إلى غزة".
ووفقا لمدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، في مقابلة مع الأناضول في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإن "أكثر من 986 من الكوادر الصحية وأصحاب التخصصات الطبية قُتلوا، واعتُقل 310 على الأقل" بسبب الحرب الإسرائيلية.
وأكد البرش أن "الاستهداف المستمر من قبل الاحتلال للمستشفيات والمراكز الصحية أدى إلى خروج نحو 23 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة، بينما تعمل 15 مستشفى بشكل جزئي حالياً".
كما أشار إلى أن "80 مركزاً صحياً من أصل 90 دُمرت بالكامل بفعل الاستهداف الإسرائيلي، وخرجت عن الخدمة، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 130 سيارة إسعاف".
الأطباء شهود على الإبادة
وذكر أندريه، أن الأطباء العائدين من غزة "قدّموا الأدلة التي جمعوها حول الأحداث في القطاع إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحامي دولة جنوب إفريقيا"، حسب وكالة الأناضول.
وفي نهاية أيلول/ديسمبر 2023، قامت جنوب إفريقيا برفع دعوى قضائية ضد الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، مستندة إلى انتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
وأوضح أندريه: "أحضرنا شهاداتنا أيضاً إلى البرلمان الأوروبي، والبرلمان الفرنسي، ومجلس الشيوخ، حيث التقينا بالعديد من السياسيين، بالإضافة إلى عدد من وسائل الإعلام المستقلة وقلة من وسائل الإعلام الوطنية".
وأكد أنه عند قيامه وزملائه بجولة في فرنسا وأوروبا لسرد تجاربهم، مع تقديم مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية ووثائق جراحية، واجهوا صعوبة في الحصول على فرص للحديث في الفعاليات.
وشدد الطبيب الفرنسي على ضرورة القلق من الوضع قائلاً: "اليوم يجب أن نشعر بالقلق، لأن الأمر لا يتعلق بالمسلمين أو المسيحيين، بل بإنسانيتنا". وأضاف: "اليوم، يخبرنا سكان غزة بأن من يضعون القوانين في جميع أنحاء العالم لا يطبقونها ولا يمتثلون لها، بل يلتزمون الصمت حيال ما يحدث لهم".
قال الطبيب الفرنسي إن "العاملين الأجانب في مجال الرعاية الصحية بغزة لم يسمعوا أي خطاب كراهية من الفلسطينيين في القطاع أو الضفة الغربية المحتلة".
وأوضح أن الفلسطينيين أبلغوا المتخصصين في الرعاية الصحية الأجانب: "نريد العيش بسلام، ولسنا حيوانات كما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض المتطرفين من أعوانه".
وأضاف أندريه: "يقول الفلسطينيون إنهم يريدون فقط زراعة أرضهم، والعيش، والصلاة في المساجد، وتناول الطعام والشراب مثل البشر". وأشار إلى أن "هناك العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية والمواطنين الذين قرروا تقديم شكاوى ضد المسؤولين عما حدث في غزة والمتعاونين معهم الذين التزموا بالصمت".
وأكد أندريه: "إذا كنا بشرا، فلا ينبغي علينا السكوت عما يحدث في غزة، وإذا كنا نؤمن بالقانون، يجب محاكمة المسؤولين عن تلك الأحداث، والذين يمتنعون عن التعبير ويمنعون أي نوع من الفكر حول هذه القضية".