في الوقت الذي ما زال فيه الإسرائيليون
يرصدون آثار وتبعات هجوم
حماس في السابع من أكتوبر، وبعد أكثر من عام على العدوان الجاري
على
غزة، فقد اجتهدت العديد من المحافل الإسرائيلية في رصد ما تعتبره تحديات تواجه الحركة
في المرحلة الحالية والمستقبلية في ضوء استمرار سيطرتها على غزة، رغم الضربات القوية
التي تلقتها خلال الحرب الجارية.
ويزعم مايكل هراري السفير والدبلوماسي السابق
أن "حرب "السيوف الحديدية" التي شنتها قوات الاحتلال على غزة تضع حماس
في واحدة من أصعب أوقاتها، إن لم تكن الأصعب على الإطلاق، فهي تقف على مفترق طرق استراتيجي
سيحدد مسارها ومستقبلها للسنوات القادمة، وباتت تواجه أربعة تحديات رئيسية".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
معاريف"،
وترجمته "عربي21" أن "التحدي الأول الذي يواجه حماس بعد أكثر من عام
على الحرب الإسرائيلية عليها يتعلق باليوم التالي في غزة، فقد استنفد هذا المفهوم خلال
العام الماضي، ولكن سيتعين على إسرائيل في نهاية المطاف أن تقرر طبيعة السيطرة على
القطاع، على افتراض، غير مؤكد حتى الآن، أنها لن تفرض حكماً عسكرياً، ولن تشارك بشكل
مباشر في الإدارة من القطاع".
وأوضح أن "هناك أفكارا كثيرة تتطاير
في الهواء، ليس بينها أن يأتي طرف خارجي، عربي أو دولي، ليتولى المهمة في غزة، وبالتالي
فإن الصيغة التي سيتم الحصول عليها في النهاية ستحدد الخطوط العريضة التي ستكون عليها
إسرائيل بطريقة أو بأخرى قادرة على الهضم، تحت مظلة السلطة
الفلسطينية، مع أن حماس
ستكون قادرة على التعايش مع عودة السلطة للسيطرة المدنية على القطاع، على أمل أن تتمكن
بمرور الوقت من تعزيز سيطرتها. والحركة، على غرار حزب الله، تدرك جيداً أنه يتعين عليها
أن تدفع ثمناً يتعلق بالحكم في غزة في الإطار الزمني القريب، على أمل تحقيق أيام أفضل، من
وجهة نظرها".
وأشار إلى أن "التحدي الثاني الذي
تواجهه حماس يتعلق بالعلاقة بين الداخل والخارج فيها، التي شهدت تغيرات كثيرة، لكن
مركز القوة انتقل في السنوات الأخيرة إلى الداخل من خلال وجود يحيى السنوار وقيادته
للذراع العسكرية في الميدان، حيث إنه ركز الكثير من القوة في أيديهم، وتجلت بشكل درامي في
السابع من أكتوبر، لكن مقتله، والضربة العسكرية للحركة، أجبرتها على نقل المركز خارج
الأراضي الفلسطينية، وسيُظهر الزمن مدى نجاح خالد مشعل ورفاقه في استعادة القيادة، مع
أنه من الواضح تماما أن ميزان القوى سيميل الآن لصالحهم".
وأكد أن "التحدي الثالث للحركة يتعلق
بتوجهها المستقبلي، فقد بذلت دائما جهدا كبيرا لتجنب "الرعاية الخارجية"
التي من شأنها أن تلحق ضررا أساسيا بحرية عملها، ولذلك باتت العلاقة مع إيران، عبر
حزب الله، وثيقة جداً في السنوات الأخيرة، ونتائجها معروفة، والآن يطرح السؤال عن أي
طريق ستختاره الحركة، علما بأن هوية البلد المضيف لقيادتها سيساهم في اتجاهها الجديد".
وأضاف أن "ذلك لا يعني بالطبع قطع
حماس لعلاقاتها مع إيران، لكن سيتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستعود للارتباط الأيديولوجي
مع جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما إن وصلت ضيافتها إلى تركيا أو الجزائر أو بقيت
في قطر، وكل ذلك سيؤثر على مسار الحركة".
وختم بالقول إن "التحدي الرابع الذي
يواجه حماس في المستقبل القريب يتعلق بالضفة الغربية، فالدعم الواسع الذي تتلقاه في
الساحة الفلسطينية لم يتلاش رغم الحرب الدائرة، ولكن يبقى أن نرى العواقب المترتبة
على ذلك، لكن الواضح أن الحركة ستسعى للحفاظ على قوتها بالضفة، بل وربما تقويتها، وسيعتمد
الكثير على شكل العلاقات التي ستنشأ مع السلطة الفلسطينية".
ويرى هراري أن "إسرائيل ستكون اللاعب
الرئيسي في مدى تحقق هذا التحدي الأخير، لأن مخطط السيطرة في القطاع سيؤثر على الكيفية
التي ستحاول بها حماس استعادة قوتها، ويجب أن نتذكر أن إسرائيل بذلت قصارى جهدها في
السنوات الأخيرة لمنع أي تقدم نحو حل الدولتين، من خلال استمرار الانقسام الفلسطيني
بين غزة والضفة، صحيح أنه غير متوقع تغير الموقف الإسرائيلي في ما يتعلق بالدولة الفلسطينية،
لكن إدارة ترامب الثانية تدرس الآن خياراتها، ولذلك فإنه ما زال من الصعب، ومن السابق لأوانه
تقييم مدى تأثير الأمور على مكانة حماس، واحتمالات تعافيها".