تُجري
إيران محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا
الجمعة لبحث برنامجها النووي، وذلك بعد قرار مثير للجدل من الوكالة الدولية للطاقة
الذرية التي انتقدت طهران على عدم تعاونها في قضايا نووية حساسة.
وتأتي هذه
المحادثات في وقت حساس، حيث تسعى إيران لتجنب ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة
والدول الأوروبية، التي فرضت عليها عقوبات مشددة في أعقاب انسحاب واشنطن من
الاتفاق النووي في عام 2018.
واعتمد مجلس حكّام
الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي، قرارا ينتقد رسميا إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
تحدت طهران
القرار، لكن المسؤولين الإيرانيين عبروا مذاك عن استعدادهم
للتعاون مع الأطراف الأخرى قبيل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت
الأبيض، بعدما اتبعت إدارته في ولايته الأولى سياسة "الضغوط القصوى" على
الجمهورية الإسلامية.
ومن المقرر
أن يمثل الدبلوماسي الإيراني ماجد تخت رافانشي، وهو المساعد السياسي لوزير
الخارجية عباس عراقجي، إيران في محادثات الجمعة.
وسيجتمع قبل
ذلك مع موفد الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية
"إرنا".
وتبنى مجلس
حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 بلدا قرارا
الأسبوع الماضي يدين إيران لعدم تعاونها في المسائل النووية.
واقترحت
القرار الذي عارضته إيران بشدة، كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.
وردا على
ذلك، أعلنت إيران وضع "أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة" مصممة
لزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصّب، في الخدمة.
ويأتي إعلان
إيران عن استعدادها للاجتماع مع الدول الأوروبية الثلاث قبل أسابيع فقط من عودة
ترامب المقررة إلى البيت الأبيض.
وخلال ولايته
الأولى، ركّز ترامب على فرض عقوبات مشددة على إيران عقب انسحاب الولايات المتحدة
الأحادي من اتفاق 2015 النووي التاريخي بعد ثلاث سنوات على التوصل إليه.
هدف هذا
الاتفاق بين طهران والقوى الرئيسية لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على إيران
مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لمنعها من تطوير سلاح ذري.
وردا على
الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، خفضت طهران مستوى امتثالها للاتفاق ورفعت نسبة
تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهو مستوى قريب من نسبة 90 في المئة التي
يتطلبها تطوير قنبلة ذرية، ونفت طهران
مرارا أن تكون تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
وبالنسبة
لطهران، يتمثّل هدف محادثات الجمعة بتجنّب سيناريو "كارثة مزدوجة"، يمكن
أن تواجه على اثره ضغوطا جديدة من ترامب والدول الأوروبية على حد سواء، بحسب
المحلل السياسي مصطفى شير محمدي.
ولفت المحلل
إلى أن الدعم الأوروبي لإيران تراجع على وقع الاتهامات للجمهورية الإسلامية بدعم
روسيا عسكريا في غزوها لأوكرانيا.
ونفت إيران
هذه الاتهامات وتأمل بإصلاح العلاقات مع أوروبا، فيما تواصل تبني موقف حازم.
"التزامات
قانونية"
حضّ قرار
الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران على "الإيفاء بالتزاماتها القانونية"
المنصوص عليها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تمّت المصادقة عليها
عام 1970 وتلزم الدول المنضوية فيها بالإعلان عن المواد النووية لديها وإبقائها
تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وردا على
ذلك، قال وزير الخارجية عباس عراقجي الذي لعب دورا محوريا في المفاوضات النووية
عام 2015، إن إيران ستضع في الخدمة "آلاف أجهزة الطرد المركزي المتطورة".
تعمل أجهزة
الطرد المركزي على تدوير غاز اليورانيوم بسرعة كبيرة لزيادة نسبة المادة
الانشطارية (يو-235).
وتصر إيران
على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن الوكالة الدولية للطاقة
الذرية تشير إلى أنها الدولة غير النووية الوحيدة التي تعمل على تخصيب اليورانيوم
بنسبة 60 في المئة.
وحدد اتفاق
2015 الذي تنقضي مدته في تشرين الأول/أكتوبر 2025 سقف تخصيب اليورانيوم في إيران
عند نسبة 3,67 في المئة.
وفي مقابلة
نشرت قبل المحادثات، حذّر عراقجي من أن امتعاض طهران لعدم إيفاء الغرب بالتزامات
مثل رفع العقوبات، يثير نقاشا داخل دوائر صنع القرار في إيران بشأن إن كان على
البلاد تغيير سياستها النووية.
وقال لصحيفة
"الغارديان" إنه "لا نية لدينا لتجاوز مستوى 60 في المئة حاليا، ونحن
مصممون على ذلك في الوقت الراهن".
لكنه أضاف
"هناك نقاش دائر في إيران، خصوصا في أوساط النخبة.. بشأن إن كان علينا تبديل
عقيدتنا النووية" إذ أنها أثبتت حتى الآن بأنها "غير كافية عمليا".
وأصدر المرشد
الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي تعود له كلمة الفصل في صنع
القرار في إيران، فتوى تحظر استخدام الأسلحة الذرية.
ويعود برنامج
إيران النووي إلى أواخر خمسينات القرن الماضي عندما وقّعت الولايات المتحدة التي
كانت متحالفة مع طهران حينذاك، اتفاقا للتعاون المدني مع الشاه محمد رضا بهلوي.