سياسة دولية

بوليتيكو تكشف دور ترامب في تشكيل اتفاق وقف إطلاق النار على لبنان

يبدو أنه لا توجد شهية في العاصمة الإيرانية لإثارة غضب ترامب- جيتي
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، مقال رأي، للمحرر جيمي ديتمر، قال فيه إنّ: "الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يقوم بتشكيل حسابات المتقاتلين في الشرق الأوسط، إلاّ أن قدرة ترامب على المضي تعتمد على الطريقة التي سيقرر فيها سادة حزب الله في طهران المضي للأمام".

وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإن "الرئيس جو بايدن وفريقه يستحقون الثناء على التوصّل لاتفاقية وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، التي دخلت حيز التنفيذ، صباح يوم الأربعاء".

وأوضح أن "ذلك جاء نتيجة للجهود التي بذلها المبعوث الأمريكي الخاص، عاموس هوكشتاين، ووزير الخارجية، أنطوني بلينكن. ونوّه الرئيسي الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالجهود الأمريكية، قائلا: وقف إطلاق النار كان تتويجا للجهود المبذولة لعدة أشهر مع السلطات الإسرائيلية واللبنانية، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة".

ويعتقد الكاتب أنه وبعيدا عن هذه الجهود، فقد كان العامل الحاسم في الاتفاق المفاجئ هو الرئيس المنتخب ترامب. مردفا: "أيا كان هذا جيدا أم سيئا، فهذا يعتمد على وجهة نظرك، إلا أن ترامب شكّل حسابات المتقاتلين في الشرق الأوسط وأوروبا وهم يحاولون التكهن بما يرغب بتحقيقه، حال وصوله للبيت الأبيض. وفي الوقت نفسه يتنافسون للحصول على التأييد المسبق منه".

وقال إن ما حدث هو ما يمكن وصفه بـ"أثر ترامب"، ولم يتردد من ترشحهم لمناصب بارزة في حكومته. وبدا هذا في تصريحات المشرّع الجمهوري عن فلوريدا، الذي اختاره ترامب ليكون مستشاره للأمن القومي، مايك والتز، حيث كتب على موقع التواصل الاجتماعي إكس، يوم الثلاثاء، وقبل فترة قصيرة من موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الخطة، قائلا: "جاء الجميع إلى الطاولة بسبب دونالد ترامب".

وأضاف أن: "نصره الحاسم أرسل رسالة إلى بقية العالم بأنه لن يتم التسامح مع الفوضى". ويعلق الكاتب بأن: "التباهي لم يكن مجرد استعراض للقوة. فعلى ما يبدو أن فوز ترامب الانتخابي نجح في تركيز العقول بما يكفي لإقرار وقف إطلاق النار". 

وأبرز: "من ناحية، لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحاجة لتخمين ما يريده ترامب في لبنان. فقد عمل الرئيس المنتخب وحلفاؤه على استمالة الأمريكيين من أصل عربي أثناء حملته الانتخابية، وبخاصة في ولاية ميشيغان المتأرجحة، إذ أكّد ترامب أنه قادر على تحقيق السلام ووقف الحروب".

وقال الكاتب إنّ: "مسعد بولص، اللبناني- الأمريكي الذي تزوج ابنه من تيفاني، ابنة ترامب، لعب دور السفير واستغلّ غضب العرب الأمريكيين من الإدارة الحالية وسياستها في غزة ولبنان".

وقال ترامب لقناة العربية السعودية، إنه: "لو فاز بالانتخابات فلن ينتظر  حتى حفل تنصيبه، بل سوف يتحرك مباشرة لوقف الحرب في لبنان". وأشار الكاتب لما نشرته مجلة "بوليتيكو" بعد أيام من نتائج الانتخابات، فقد  كان من الواضح أنه على الرغم من اختيار ترامب لمرشحين متشددين لرئاسة فريقي الأمن القومي والسياسة الخارجية، فإن نتنياهو لن يمنح حرية التصرف لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.

وقال مسؤول إسرائيلي، بحسب المقال نفسه الذي ترجمته "عربي21": "يتوقع ترامب وقف إطلاق النار في لبنان قريبا، حتى قبل تنصيبه". وقد تم تمرير الرغبة الأمريكية هذه لوزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، رون ديرمر، الذي زار مقر إقامة ترامب بفلوريدا في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وقبل يوم من لقائه مع بلينكن، لمناقشة وقف إطلاق النار.

وتابع المقال: "السؤال الآن هو ما إذا كانت الهدنة قادرة على الصمود، فهناك الكثير من الأمور التي قد تسوء، وبخاصة أن حزب الله لم يشارك بشكل مباشر في المحادثات، تاركا الأمر لحليفه، رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، للتفاوض نيابة عنه".

وأشار الكاتب إلى ما ورد في الاتفاق من بنود، وهو انسحاب إسرائيلي تدريجي من الجنود خلال 60 يوما، وانتشار للقوات اللبنانية، وتعزيز حضورها في الجنوب  بـ10,000 جندي، وموافقة من حزب الله على تطبيق قرار الأمم المتحدة الذي أقر بعد حرب 2006، إلى جانب تعهده بوقف تهريب الأسلحة من سوريا لتعويض ما خسره في الحرب الأخيرة. 

ووفق المقال: "ستؤول مهمة مراقبة وقف إطلاق النار للقوات الأمريكية وبدعم فرنسي". ومن جانبه، عبر بايدن عن ديمومة وقف إطلاق النار، أما نتنياهو فقد ربط استمراريته بما سيحدث في لبنان، بالقول إنه "بتفاهم مع الولايات المتحدة فإننا نحتفظ بالحرية الكاملة للعمل العسكري، ولو خرق حزب الله الاتفاق وحاول التسلح فإننا سوف نهاجم". 

وبحسب مسؤولين لبنانيين لـ"بوليتيكو"، فإن حق دولة الاحتلال الإسرائيلي في الرد على أي انتهاكات ليس جزءا من الاتفاق الرسمي. ولم يكن اللبنانيون مستعدين لإدراج حرية الاحتلال الإسرائيلي في العمل على اتفاق وقف إطلاق النار على أساس أن ذلك من شأنه أن ينتهك السيادة اللبنانية.

وأردف المقال: "الأيام المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر مع عودة النازحين إلى قراهم في الجنوب، وقد شجعهم بري على عمل هذا رغم تعليمات الجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني بالانتظار لحين انسحاب الجنود الإسرائيليين بشكل تدريجي".

ويضيف الكاتب أنّ: "نتنياهو سيواجه على الأرجح غضب السياسيين اليمينيين المتطرفين في حكومته، إذا تردد في مهاجمة أي انتهاكات بسيطة من جانب حزب الله، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى رد فعل سريع ويؤدي إلى تصعيد من الجانبين".

وفي بيان صادر عن مركز عمليات حزب الله، لم تذكر الجماعة الاتفاق بشكل مباشر لكنها قالت إن مقاتليها سيراقبون انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي  و"أيديهم على الزناد".

ووفقا لاستطلاعات الرأي، فإن الرأي العام الإسرائيلي منقسم بشأن وقف إطلاق النار. فيما يشير الكاتب إلى أنّ: "الهدنة هي بالأساس  أقل مما طمح لتحقيقه نتنياهو. إذ الصفقة لا تتضمن نزع سلاح حزب الله، الذي لديه إمكانية إعادة تجميع نفسه عسكريا والانتظار للقتال يوما آخر بآلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى وقصيرة المدى التي لا يزال يمتلكها على الأرجح".

وتابع: "بدلا من ذلك، لن تشهد الهدنة سوى التنفيذ الجزئي لقرار الأمم المتحدة رقم 1701 لعام 2006، ما يعني عدم وجود حزب الله جنوب نهر الليطاني، لا وحدات ولا صواريخ ولا أنفاق، ولكن دون إلزام جميع الجماعات اللبنانية، بما فيها حزب الله، بنزع سلاحها"، مستفسرا: ما الفرق هذه المرة؟

 وأجاب الكاتب: "الجيش اللبناني ليس ندا للمقاومة اللبنانية، وقد فشل في إجبار حزب الله على الانسحاب إلى شمال الليطاني من قبل. والواقع أن المزيد من الشيعة انضموا لصفوف القوات المسلحة اللبنانية منذ عام 2006، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الولاءات المنقسمة".

وتابع: "يبدو أنه لا توجد شهية في العاصمة الإيرانية لإثارة غضب ترامب، فالبلاد ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب بالوكالة ضد إسرائيل، في حين يضغط ترامب على إيران اقتصاديا. وعلى هذا فقد تركت إيران الباب مفتوحا لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن استئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي".

وأردف: "يحظى اتفاق وقف إطلاق النار بدعم طهران، وإن في الوقت الحالي. وفي يوم الأربعاء، رحبت بما أسمته نهاية "العدوان" الإسرائيلي في لبنان، وقال علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، إن البلاد تدعم وقف إطلاق النار". 

واستطرد: "مع ذلك، لم يخل الأمر من تحذير حيث قال إن حزب الله لم يستخدم بعد أهم أسلحته؛ وأنه إذا فعل ذلك في المستقبل، فإن الوضع قد يتغير تماما".