اقتصاد دولي

الاقتصاد الألماني في تراجع وسوق الأسهم في ارتفاع.. ما الأسباب؟

يحذر خبراء الاقتصاد من أن البلاد قد تنزلق مجددًا نحو الركود- CC0
نشر موقع "يورونيوز" تقريرا يتناول ارتفاع الأسهم في البورصة الألمانية رغم حالة التراجع التي يشهدها الاقتصاد الألماني بشكل عام، وعرض التقرير بشكل تحليلي الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الصعود رغم البيانات الاقتصادية السلبية والاضطرابات السياسية.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن مؤشر داكس الألماني بلغ يوم الاثنين الماضي أعلى مستوى في تاريخه، بفضل ارتفاع أسهم القطاعات التكنولوجية والمالية والصناعية، وجاء الصعود غير المسبوق رغم حالة الركود الاقتصادي في البلاد.

وأوضح الموقع أن مؤشر داكس ارتفع بنسبة 1.57% ليقترب من حاجز 20,000 نقطة، مسجلًا زيادة بنسبة 19% على أساس سنوي ليصبح سوق الأسهم الألماني الأفضل أداءً في أوروبا.

ورغم البيانات الاقتصادية السلبية الأخيرة والاضطرابات السياسية، لا يزال سوق الأسهم الألماني يشهد نموًا قويًا، متفوقًا على أسواق الأسهم الأوروبية التي كان أداؤها ضعيفًا.

وقد سجل مؤشر ستوكس الأوروبي انخفاضا بنسبة 7%، وسجل مؤشر كاك 40 الفرنسي بدوره نموًا سلبيًا خلال هذا العام. أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفع مؤشر إس آند بي 500 الأمريكي بنسبة 27%، ومؤشر A50 الصيني بنسبة 15%.

عوامل الانتعاش
يرى الموقع أن الارتفاع المثير للإعجاب لمؤشر داكس يُعزى إلى عاملين رئيسيين: أداء السوق العالمية والأداء الاستثنائي لقطاعات محددة، بما في ذلك التكنولوجيا والتمويل والصناعة. وعلى المستوى العالمي، يعكس مؤشر داكس غالبًا تحركات وول ستريت، مستفيدًا من الاتجاهات الصعودية الأوسع نطاقا، حيث أنه دعم القطاع التكنولوجي بشكل خاص من خلال طفرة الذكاء الاصطناعي.

وذكر الموقع أن شركة "ساب"، أكبر شركة تكنولوجيا ألمانية، شهدت زيادة في أسهمها بنسبة 65% على أساس سنوي، مما جعلها واحدة من أفضل الشركات أداءً في مؤشر داكس، وبالتالي أصبحت "ساب" أكبر شركة للتكنولوجيا في أوروبا، وثاني أكبر شركة في القارة بشكل عام، متفوقة من حيث القيمة السوقية على الشركة الهولندية المصنعة لمعدات الرقائق "ASML".

وكانت "ساب" أبلغت في أكتوبر/ تشرين الأول عن نتائج قوية للربع الثالث ورفعت توقعاتها على أساس سنوي، بفضل استراتيجيتها التي ركزت على الذكاء الاصطناعي، وتبلغ القيمة السوقية للشركة حاليا 278.63 مليار يورو، وهو ما يعادل حوالي 15% من مؤشر داكس.

ومن بين الشركات الأخرى التي سجلت أداءً متميزًا "سيمنز إينرجي" و"راينميتال إي جي"، حيث ارتفعت أسعار أسهمهما بنسبة 328% و117% على التوالي هذا العام. كما ساهم القطاع المالي في ارتفاع مؤشر داكس، حيث ارتفعت أسهم "بنك دويتشه" الألماني بنسبة 26% على أساس سنوي، مع استفادة البنوك من زيادة أسعار الفائدة. علاوة على ذلك، ازدهرت الصناعات الدفاعية بفضل زيادة الإنفاق على الدفاع في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

قطاع السيارات في أزمة
وفقا للموقع، واجه قطاع السيارات الألماني على عكس قطاعي التكنولوجيا والصناعات الدفاعية عقبات كبيرة، فقد كان لزيادة التضخم واشتداد المنافسة من الشركات الصينية وضعف الطلب العالمي وارتفاع تكاليف التحول الطاقي تأثير سلبي.

على هذا الأساس، أطلقت الشركات الكبرى في مجال صناعة السيارات تحذيرات بشأن الأرباح، حيث انخفضت أسهم "فولكس فاغن" بنسبة 28%، و"بورشه" بنسبة 26%، ومجموعة "مرسيدس بنز" بنسبة 15% هذا العام.

تحديات اقتصادية وسياسية
أكد الموقع أنه بالرغم من الانتعاش الذي شهده سوق الأسهم الألماني، لا يزال اقتصاد البلاد يواجه صعوبات كبيرة، حيث بقيت الأنشطة التصنيعية في حالة انكماش خلال العامين الماضيين.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انخفض "مؤشر إيفو" الألماني لمناخ الأعمال للشهر الخامس على التوالي، مما يعكس القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة خلال رئاسة ترامب. كما تراجع "مؤشر مديري المشتريات" (PMI) المتخصص في قطاع الخدمات إلى منطقة الانكماش في نوفمبر/ تشرين الثاني للمرة الأولى منذ تسعة أشهر. 

ويحذر خبراء الاقتصاد من أن البلاد قد تنزلق مجددًا نحو الركود، لأنه بجانب هذه المشكلات الاقتصادية، هناك عدم استقرار سياسي في ألمانيا، حيث أن الائتلاف الحاكم يواجه خطر الانهيار خلال الانتخابات المقررة في فبراير/ شباط القادم، ما قد يهدد عملية جذب المستثمرين للبلاد.