يعتبر وضع الشرق الأوسط أكثر قابلية للانفجار أكثر من أي وقت مضى، بينما تتواصل الحرب بين
روسيا وأوكرانيا التي تدخل في السنة الثالثة، وفي كل لحظة ستمر من بعد أداء الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لليمين، هي لحظة قد تندلع فيها حرب تجارية مع
الصين.
وجاء في تقرير لصحيفة "ذي ماركر"، وهي الملحق الاقتصادي لصحيفة "هآرتس" أن "العالم غير مستقر وهو يشبه العالم متعدد الأقطاب الذي أدى إلى الحرب العالمية الأولى أكثر مما يشبه العالم ثنائي القطب الذي ساد في فترة الحرب الباردة".
وقال التقرير إنه "ربما من الصحيح تسمية ذلك عالما ثلاثي القطب على خلفية
سباق التسلح والتكنولوجيا، الذي لا يتوقف عن التطور بين الدول العظمى الثلاث،
الولايات المتحدة والصين وروسيا، وهو سباق ترافقه مواجهات إقليمية أخرى".
وذكر أنه "يمكن الإضافة إلى ذلك الشروط المريحة نسبيا الآن لتطور الصراعات أمام الشروط التي كانت سائدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهذا حسب مؤشر السلام العالمي للعام 2024 في معهد الاقتصاد والسلام، الذي يصنف الدول حسب مستوى السلام فيها على قاعدة ثلاثة معايير رئيسية: شعور السكان بالأمان، ووجود واستمرار مواجهات داخلية ودولية، ومستوى العسكرة في الدولة".
وبين أن "مؤشر العسكرة العالمي في المركز الدولي لأبحاث الصراعات في بون في ألمانيا يدمج فيه مقارنة بين النفقات الأمنية للدول مقارنة مع الناتج الخام الإجمالي وبين النفقات على الصحة، ويدمج بين نسبة رجال الجيش من بين السكان أو الذين يوجدون في الخدمة شبه العسكرية وبين نسبة الأطباء، المؤشر يأخذ أيضا في الحسبان نسبة السلاح الثقيل (الدبابات والغواصات والطائرات والمروحيات) للفرد".
وأكد: "حسب هذا المؤشر فإنه في 2023 كان هناك ارتفاع في متوسط العسكرة العالمي، كانت مواجهات أكثر والكثير من الناس ماتوا في الحروب (153 ألف شخص في 2022 مقابل 171 ألفا في 2023)، وهذه هي السنة التي فيها أيضا تجاوزت أوكرانيا إسرائيل، وأصبحت الدولة الأكثر عسكرة في العالم".
وأشار إلى أن "إسرائيل أصبحت الآن في المكان الثاني بعد أن كانت في المكان الأول في الأعوام 2006 – 2021، بالأساس لأنها هي الأولى عالميا في نسبة مشاركة المواطنين في الجيش (الأرقام صحيحة حتى نهاية 2023)، وفي مؤشر العسكرة توجد روسيا في المكان 10، الولايات المتحدة في المكان 25، وإيران في المكان 28، والصين في المكان 103، رغم أنها لاعب رئيسي في سوق السلاح حيث تصدر لروسيا ولدول كثيرة في المنطقة التي كانت ذات يوم تسمى الاتحاد السوفييتي".
وجاء في التقرير أنه "يوجد حاليا 56 مواجهة نشطة في أرجاء العالم، وهو الرقم الأعلى منذ الحرب الباردة، وعدد قليل من الصراعات تنتهي باتفاق سلام أو انتصار حاسم، وإذا شئتم نصر مطلق فإن نسبته انخفضت من 49 بالمئة في سبعينيات القرن الماضي إلى 9 بالمئة في العقد السابق، ونسبة الصراعات التي انتهت باتفاق سلام انخفضت من 23 في المئة إلى 4 في المئة في نفس الفترة".
وأوضح أن متوسط مؤشر السلام العالمي انخفض في 2023 مقارنة مع العام 2024 بنسبة 0.5 بالمئة، وهو الانخفاض رقم 12 في آخر 16 سنة، عدد الدول التي هبطت في المؤشر هي 97 دولة، وهو العدد الأعلى منذ البدء في قياس هذا المعطى قبل 18 سنة.
وتتصدر أيسلاندا مؤشر السلام بصورة متتالية منذ 2008، وهي توجد في المكان الأول في هذه السنة أيضا، بعدها تأتي أيرلندا ومن ثم أستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة وسويسرا التي تنهي الخماسية الأولى، بينما تأتي اليمن في المتربة الأخيرة من هذا التصنيف الذي يشمل 163 دولة.
وتأتي السودان وجنوب السودان وأفغانستان وأوكرانيا في المراكز التي قبل اليمن مباشرة، بينما جاءت روسيا في المركز 157 وسوريا في المكان 156 و"إسرائيل" في المكان 155.
وجاء في التقرير أن المطلوب حاليا هو إضافة "تكنولوجيا السلاح المتطورة في مجال السايبر والذكاء الصناعي والقدرة على تحديد مكان الغواصات في أعماق المحيطات بعيدا عن الشواطئ، وسيكون لدينا عالم تنفق فيه الدول المزيد على الأمن وتزدهر فيه تجارة السلاح، من أجل فهم من الذي يزدهر بالضبط ومن يشتري، يمكن النظر إلى النمو في مبيعات شركات السلاح والتغيير في تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في 2024 في المجلة الأمنية "أخبار الدفاع"".
ويذكر أن 9 شركات من الـ 10 شركات السلاح الكبرى في العالم سجلت نموا في إيراداتها في عام 2023 مقارنة مع العام 2022، والمداخيل من بيع السلاح والخدمات العسكرية للشركات المئة الكبرى بلغت 632 مليار دولار في 2023، بارتفاع بلغ 4.2 بالمئة، مقارنة بالعام 2022، حسب المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم.
وعلى خلفية الطلب المتزايد لمنظومات السلاح المتطورة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة في التطوير فإن الصناعات الأمنية قامت بعملية دمج بين الشركات الكبيرة، التي أدت إلى السيطرة على عدد من اللاعبين الأفراد في هذه الصناعة، وجزء من ذلك يعود للتكنولوجيا المتقدمة في تطوير الطائرات القتالية المتقدمة والصواريخ التي سرعتها أكبر من سرعة الصوت وحلول السايبر التي ترتكز إلى الذكاء الصناعي.
رغم ذلك، المعهد نشر في الملخص السنوي للعام 2023 بأن إنتاج السلاح الأصغر كان أكثر نجاعة في الرد على الطلب الذي وجد على خلفية الحرب في قطاع غزة وفي أوكرانيا والتوتر في شرق آسيا وخطط إعادة التسلح في أرجاء العالم.
وأشار المعهد إلى أن 75 بالمئة من الشركات سجلت ارتفاعا في المبيعات، وأن معظم الشركات التي كان لها نمو في المبيعات توجد في النصف الثاني في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم.
وأكد التقرير أن "هذا ربما يفسر لماذا شركة السلاح الكبرى في العالم، لوكهيد مارتن الأمريكية، سجلت ارتفاعا متواضعا بلغ 2 بالمئة فقط في مداخيلها من السلاح، أيضا السهم في شركة السلاح الأمريكية الكبرى ارتفع سعره فقط 19 بالمئة منذ بداية السنة بعد أن انخفض في الشهر السابق على خلفية مبيعات أضعف من التوقعات، وهذا يعتبر نقصا في الأداء مقابل مؤشر "اس آند بي 500" الذي ارتفع 27 في المئة منذ بداية السنة، وربما أن توقعات المستثمرين بشأن العائد على السلاح في العالم يمكن رؤيتها بشكل أفضل في مؤشر أسهم الدفاع والطيران في شركة اس آند بي، الذي ارتفع 38 بالمئة منذ بداية السنة".
وبعض الأسماء الأخرى الأقل أمريكية، تبرز عند النظر إلى تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في العام 2024، في المكان الثاني في التصنيف توجد شركة الصناعات الجوية في الصين، التي في 2023 كانت في المكان الرابع (الذي قفزت إليه من المكان الثامن في 2022)، بعد قفزة 45 بالمئة في المداخيل السنوية من بيع منظومات سلاح.
ورغم العقوبات المفروضة على روسيا إلا أنه حسب عدد من التقارير فإن الصناعات الجوية الصينية تبيع لروسيا أجزاء وقطع غيار للطائرات القتالية الروسية، سو 35، وهي أيضا توفر السلاح للزمرة العسكرية في مينمار، ورغم القيود الدولية على تجارة السلاح في مواثيق مختلفة إلا أن تقارير كثيرة لمنظمات تفحص هذا المجال تظهر أن تطبيق هذه المواثيق غير دائم، والسلاح يستمر في الوصول أيضا إلى دول خرقت حقوق الإنسان أو فرض عليها حظر السلاح.
وقال تقرير الصحيفة الإسرائيلية إنه "بين الأسود والأبيض يوجد الكثير من الرمادي، وشركات خاصة، إلى جانب شركات سلاح صينية تعمل أيضا في المجالات المدنية، متهمة في حالات كثيرة بأن المعدات المدنية التي تصدر بالأساس لروسيا، تستخدم أيضا لأغراض عسكرية".
وأشار إلى أن "المعدات ثنائية الاستخدام مثل شبه الموصل الضروري لإنتاج منظومات السلاح المختلفة، معدات الملاحة، قطع غيار الطائرات وآلات التصنيع الدقيقة (سي.ان.سي)، تمر في شبكة متشعبة من الشركات الوهمية وتصل من الصين إلى روسيا، حسب بحث أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الذي يتابع البيانات التجارية، هكذا فإن الصين توفر الموارد الضرورية لتحقيق قفزة كبيرة في إنتاج السلاح الروسي، التي حتى بداية السنة ستضاعف قدرتها الإنتاجية الشهرية للصواريخ بعيدة المدى، بغض النظر عن ذلك فإن نصف صادرات الصين من السلاح تقريبا يذهب إلى دولة واحدة هي باكستان، من أجل دعم صراعها مع الهند".
ومن الأسماء الأخرى البارزة هناك، شركة أحواض السفن الصينية لبناء الغواصات، التي للمرة الأولى دخلت إلى قائمة الشركات العشر الكبرى للسلاح في العالم، بعد زيادة 19 في المئة على إيراداتها من بيع المعدات العسكرية، وأعلنت الشركة مؤخرا بأنها تقوم ببناء غواصة بدون ملاح، بطول 40 مترا ويمكنها حمل 12 صاروخ توربيد، إضافة إلى مقاتلات وألغام وغواصات صغيرة بدون ملاح.
من أجل المقارنة فإن طول الغواصة غير المأهولة لشركة صناعة الفضاء الإسرائيلية "الحوت الأزرق"، حوالي 10 أمتار.
وختم التقرير بالقول: "لكن ليس كل شيء يسير على ما يرام، ففي 2023 الزيادة في إيرادات الشركات الصينية التسع في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم التي بلغت 103 مليارات دولار، وكان الأقل منذ 2019 (نمو 0.7 بالمئة في المتوسط)، في جزء منه بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين في السنوات الأخيرة، لكن يوجد أسباب أخرى، فمثلا الصناعات الجوية في الصين سجلت مداخيل كبيرة من بيع الطائرات بدون طيار، لكن في مرات كثيرة تم توجيه الانتقاد لجودة المنتج والدعم السيء، حتى لو كان أقل مما في السابق".