صحافة عربية

كيف يمر الشتاء على غزة؟.. شعب منهك وآمال هشة

ظروف إنسانية صعبة يعاني منها الغزاويون في ظل الحرب المستمرة- هاني الشاعر
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن معاناة سكان غزة في فصل الشتاء، في ظل الحرب التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف شهيد.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن استئناف المفاوضات يولد آمال جديدة لوقف إطلاق النار، فبعد أشهر من المحاولات والمفاوضات التي باءت بالفشل وعدم الوصول إلى تسوية، يبدو أن الضغط المستمر الذي يمارسه فريق إدارة دونالد ترامب يؤتي ثماره.

وبخصوص هذا قالت مرام فرج، وهي لاجئة في خان يونس، تبلغ من العمر 27 سنة: "هذه المرة سيتم التوصل إلى تسوية إن شاء الله".

مع ذلك، تواصل الطائرات الإسرائيلية قصفها المستمر وكثفت غاراتها في الأيام الأخيرة. وحسب التقارير اليومية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، أودت هذه الغارات بحياة 46 شخصا يوم الأحد 15 كانون الأول/ ديسمبر، و52 شخصا يوم الاثنين، و31 يوم الثلاثاء، و38 يوم الأربعاء.

وأضافت الصحيفة، أن فظاعة الجرائم المرتكبة من قبل الجانب الإسرائيلي، تثير استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار المجموعة التي احترقت من بين العشرين ضحية، الذين لقوا حتفهم خلال ضربة استهدفت مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين غرب خان يونس مساء الأحد.


ويقول متطوّع في فريق طبي طارئ تابع لجمعية العون الطبي للفلسطينيين في مستشفى ناصر: "لم أستطع إحصاء عدد المصابين الذين وصلوا بإصابات لم أرَ مثلها طوال مسيرتي المهنية". وأضاف: "أول مصابة وصلت كانت طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات. اخترقت شظايا القذائف جمجمتها وأصابت جبهتها.
هؤلاء اللاجئون تعرضوا لمجزرة. لا توجد كلمات لوصف ذلك". وحسب المتطوع، فإنه بين صفوف الضحايا 12 طفلا دون سن الـ 12 عاما.

تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني في غزة
وذكرت الصحيفة أن جباليا باتت مجرد حقل من الأنقاض بلون الرماد والموت. خلال التحليق فوق سماء شمال غزة، وثّقت طائرة إسرائيلية مسيّرة آثار أربعة عشر شهرا من القصف والعمليات العسكرية، حيث تحولت جميع المباني إلى ركام وغبار، والأمر ذاته حدث في رفح في أقصى جنوب القطاع.

وحسب تقييم أجراه برنامج التطبيقات التشغيلية للأقمار الصناعية التابع لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني الموجودة في غزة.

ويقضي الغالبية العظمى من سكان غزة الشتاء الثاني منذ بداية الحرب تحت القصف مفترشين الأرض.

وفي هذا الصدد، يقول أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: "هذا الشتاء سيكون أقسى من السابق". عثر النازحون السنة الماضية على مأوى لدى عائلاتهم أو في المدارس أو المستشفيات، غير أن حجم الدمار هذه السنة ألغى هذه الخيارات.

وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يعيش 1.6 مليون شخص من أصل 2.1 مليون نسمة في ملاجئ مؤقتة. ومن جانبه يقول الشوا: "ظروف العيش المزرية بالفعل تدهورت في كل مكان، وخلّفت أجسادً متعبة تعاني من سوء التغذية، فضلا عن تكدس النفايات كالجبال بين الخيام ونقص الأدوية، يكاد يكون من المستحيل وصف ما نعيشه".


البرد طال جميع الأماكن
أوردت الصحيفة أن أكثر من 400 ألف فلسطيني لجؤوا إلى نحو مئة موقع في مناطق معرضة للفيضانات، خاصة على طول الساحل. وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، ومع أول عاصفة شتوية كبيرة، ارتفع منسوب المياه إلى حد جرف خيام وممتلكات مئات العائلات.

وحيال هذا يقول حسام صالح، الموظف في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بغزة: "لقد كافحنا منذ أشهر من أجل إنشاء ملاجئ وإدخال المواد الأساسية استعدادا لفصل الشتاء، ولكن حلّ فصل الشتاء دون تلبية الاحتياجات".

ويتسم الوضع بالتعقيد حتى بالنسبة للأشخاص الذين لازالوا يمتلكون مأوى.

وتقول أسماء صيام، التي تعيش في خان يونس مع والدتها وشقيقتها: "لم يعد لدينا نوافذ بسبب القصف. اضطررنا إلى وضع البلاستيك مكانها. البرد يتسلل من كل مكان في ظل غياب وسائل التدفئة". ورغم حجم الاحتياجات، تظل المساعدات الإنسانية الواردة محدودة.

وأضاف الشوا: "لم يعد لدى الناس مدخرات مما يدفعهم للاعتماد بشكل تام  على المساعدات الإنسانية. ومنذ شهر أيلول/ سبتمبر، باتت المساعدات الإنسانية تغطي 5 بالمئة فقط من حجم الاحتياجات".

وجبة في اليوم
في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر، نُهِبت قافلة تضم 70 شاحنة من معظم مساعداتها الإنسانية بعد مرورها من معبر كرم أبو سالم، وعليه تسببت عمليات النهب في ارتفاع الأسعار واجتياح المجاعة جنوب القطاع.

تقول أسماء صيام: "نحن لا نتناول أكثر من وجبة واحدة في اليوم. عادة ما تكون أرزا أو معكرونة في الظهر. في الصباح والمساء، نتقاسم قطعة خبز بلدي نحن الثلاثة". وقد أدى التدافع للحصول على الخبز أو الطعام إلى وفاة حوالي سبعة أشخاص في شهر واحد. 

من جانبه، يرى مراقب غزّاوي مقيم في جنوب القطاع، أن الانخفاض في الأسعار في السوق في الأيام الأخيرة، "علامة على اقتراب موعد وقف إطلاق النار، واستعداد التجار لتدفق كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية".


احتمالات التوصل إلى هدنة في غزة
بعد استمرار الصراع منذ أكثر من سنة، تُعَلَّقُ آمال على الوصول إلى هدنة بين حماس واسرائيل. وفي حين ادعى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الاثنين 16 كانون الأول/ديسمبر أن المفاوضين "لم يكونوا أقرب من أي وقت إلى التوصل إلى اتفاق"، ذكرت حماس أنها أجرت "مفاوضات جادة وإيجابية".

وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن الجهود الدبلوماسية استؤنفت في الدوحة  في الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رغبته في تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، قبل توليه منصبه في 20 كانون الثاني /يناير المقبل.