ملفات وتقارير

سباق انتخابي شيعي مبكر على مدن سُنة العراق.. ما فرص الفوز هناك؟

زار عدد من قيادات الإطار التنسيقي الشيعي محافظتي نينوى وكركوك - جيتي
تصاعدت وتيرة الزيارات التي تجريها قيادات شيعية في الإطار التنسيقي إلى المحافظات ذات الغالبية السنية، وتحديدا نينوى وكركوك، وذلك ضمن السباق المحموم بين القوى السياسية للانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.

ومن أبرز قادة الإطار التنسيقي الشيعي التي زارت محافظتي نينوى وكركوك، خلال الأسبوعين الماضيين، هم: عمار الحكيم زعيم تيار "الحكمة الوطني"، وهادي العامري رئيس تحالف "الفتح" ومنظمة بدر، إضافة إلى فالح الفياض رئيس الحشد الشعبي، وزعيم حركة "عطاء".

وبخصوص أسباب الزيارات المتكررة في الوقت الحالي لقادة القوى الشيعية، أكدت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"عربي21"، طالبة عدم الكشف عن هويتها أن "توجه القيادات الإطارية إلى المدن السنية يأتي في سياق السعي للتنافس الانتخابي على مقاعد هذه المحافظات".

وأوضحت المصادر العراقية أن "هذه المحافظات أصبحت جاذبة لقوى من خارج تركيبتها السكانية، لما تمثله من أرض رخوة يمكن النفوذ إليها، والحصول على مقاعد برلمانية، على اعتبار أن المدن ذات الغالبية الشيعية أمرها محسوم وفيها صراعات مستمرة بين قوى شيعية حصرا".

وكشفت أن "فالح الفياض سيدخل الانتخابات البرلمانية مع رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، لذلك فإن العمل يجري بقوة في نينوى تحديدا للحصول على عدد من مقاعدها، وهناك أيضا محاولات للدخول إلى الأنبار التي يسيطر عليها حزب تقدم بقيادة محمد الحلبوسي". 

المصادر أشارت إلى أن "القوى الشيعية تسعى إلى توسيع عدد مقاعدها البرلمانية، وذلك بالذهاب إلى المدن السنية، فهذه المحافظات غنية بالموارد، ولها مخصصات ضخمة من الموازنة المالية، لذلك تسعى إلى الدخول على خط الظفر بحصة مما يخصص لها من مشاريع".



وأكدت المصادر أن "محافظتي كركوك ونينوى تمثلان أهمية إقليمية أيضا سواء لتركيا أو إيران، بسبب مكانهما الاستراتيجي في شمال البلاد، وبالتالي تنافس مثل هذه القوى القريبة من إيران على مقاعدها وقرارها السياسي، يشكل تحولا كبيرا في الطبيعة السياسية لها".

ويعاني الواقع السني السياسي من تفكك غير مسبوق، إذ تتنافس نحو 4 قوائم رئيسة على مقاعد المحافظات ذات الغالبية السنية (نينوى، الأنبار، صلاح الدين، ديالى، كركوك، إضافة إلى بغداد).

ومن أبرز القوى السنية الحالية: (حزب تقدم، تحالف السيادة، تحالف الحسم، تحالف العزم) إضافة إلى العديد من القوائم والتحالفات الانتخابية التي يجري تشكيلها حاليا على مستوى المدن نفسها بشكل منفرد.

وتمتلك القوى الشيعية مقاعد في المحافظات الأخرى ذات الغالبية السنية، منها ديالى وصلاح الدين ونينوى، وذلك لوجود تمثيل مذهبي شيعي ضئيل يختلف إلى حد كبير عن الواقع في كركوك والأنبار.

مصادرة للقرار

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، لـ"عربي21" إنه "بالنظر إلى تجربة انتخابات مجالس المحافظات الماضية، ونجاحهم في حجز مساحة وإن كانت ضئيلة، إلا أنها صنعت فارقا خصوصا على مستوى انتزاع رئاسات مجالس محافظات أو التدخل في اختيار المحافظين".



وأوضح البيدر، أن "هذه الجهات رأت في التجربة تحقيق نوع من الامتياز السياسي، بالتالي عمدوا إلى اقتحام تلك البيئة، وهم يحاولون التمدد في هذه المحافظات ببرنامج سياسي فقط، وذلك من دون تقديم الخدمات إلى سكان هذه المدن".

ورأى الخبير العراقي أن "هذا الأمر يعد مصادرة للقرار السني الذي أصبح اليوم في أضعف مراحله، وأن كل ما يقدم يأتي بطريق المنّة والتكلف، وذلك جراء التشتت السني والمصلحة السنية وغياب الزعامة".

ولفت البيدر أن "هذه القوى استغلت ظروف تلك المحافظات وواقعها سواء في صلاح الدين أو كركوك ونينوى، لكنهم لا يستطيعون اقتحام الأنبار لخصوصيتها، وبالتالي نجد مرورهم من خلال أزمات قد تجعل المواطن يفقد الثقة أحيانا بالعملية السياسية".

وتابع: "مثلما حصل في محافظة صلاح الدين عندما فُرضت عليها إرادة معينة وعُطلت كل الإرادات الأخرى، وهناك برهنت تلك الأطراف على رغبتها بالتوسع على حساب حقوق المكون السني".

وتساءل البيدر، قائلا: "هل يستطيع أي مرشح سُني أن ينافس تلك الأطراف في بيئتها (الشيعية)؟"، مجيبا: "إطلاقا لا يمكن له، لأنه سيتم منعه ومحاربته وحتى إقصاؤه واستهدافه استهدافا غير منطقي".

وبرأي الخبير العراقي، فإن "هناك إرادة إقليمية في التعامل مع ملفي نينوى وكركوك، بالتالي يُراد أن تفرض فيهما إرادة على حساب المعاناة، وأن المواقف الإقليمية والدولية تتلاءم مع صراع النفوذ الذي يجري على الأرض".

وبيّن البيدر أنه "بعدما تغيّرت المعادلة الإقليمية نتيجة لأحداث المنطقة، تريد هذه الأطراف أن تثبت جذورها في تلك المناطق، إذ لا يمكن إخفاء الدور الإقليمي سواء الإيراني أو التركي في ذلك، وكل هذا يحصل على حساب سيادة البلاد وقدرتها على الخروج من بوتقة التدخلات الخارجية اللامنطقية".




 وفي السياق ذاته، قال وفاء محمد، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، إن "الحراك السياسي في كركوك عبر زيارات متتالية للحكيم والعامري والفياض، هو نتيجة لتطورات الأوضاع السياسية والأمنية التي يمر بها العراق والمنطقة".

وأوضح محمد خلال تصريح نقلته صحيفة "العالم الجديد" العراقية، الاثنين، أن "الانتخابات البرلمانية قريبة، ولذلك تحصل هذه الزيارات لكسب الجماهير والتحشيد الشعبي لجمع الأصوات مبكرا".

وكان عمار الحكيم، قد أكد خلال مؤتمر صحفي عقده بعد لقاءات جمعته بمجلس المحافظة ومحافظ كركوك، ريبوار طه، على ضرورة مشاركة الجميع في الإدارة المحلية للمدينة، وإبعادها عن الصراعات السياسية.

من جهته، دعا هادي العامري، خلال زيارته إلى كركوك، الأحزاب المقاطعة للحكومة المحلية (إدارة المحافظة التي يديرها المحافظ) إلى الالتحاق بها، ونبذ الخلافات السياسية للتركيز على البناء والإعمار.

بدوره، أكد فالح الفياض خلال كلمة له أمام وجهاء وعشائر كركوك، أن العمل مع الأجنبي تحت عناوين القومية والطائفية خيانة للدستور، مشيرا إلى أن المحافظة هذه تمثل عراقا مصغرا لكونها تضم جميع مكونات الوطن.