ملفات وتقارير

"التصدي للاحتلال".. كيف تنعكس تصريحات خامنئي على العراق؟

قال سياسيون إن خامنئي كان يجب عليه أن يحسب حسابات دقيقة للسيادة العراقية-إكس
لا تزال تصريحات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، عن ضرورة التصدي للاحتلال الأمريكي وإخراجه من العراق، تأخذ مساحة واسعة من وسائل الإعلام العراقية، وذلك بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى طهران الأسبوع الماضي.

وقال خامنئي، عقب استقباله السوداني، الأربعاء، إن "الأدلة والشواهد تؤكد أن الأمريكيين يسعون إلى تثبيت وتعزيز وجودهم في العراق، لذا يجب التصدي لهذا الاحتلال بجدية".

وأضاف خامنئي، عبر سلسلة تغريدات على منصة "إكس" أن "وجود القوات الأمريكية المحتلة في العراق غير قانوني ويتعارض مع مصالح شعب العراق وحكومته".

وجاءت زيارة السوداني إلى إيران، في ظل الضغوط الأمريكية التي تمارس ضد الحكومة العراقية لتفكيك الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، وتسليم سلاحها إلى الدولة، وفي حال لم يتم ذلك، فإنها ستأخذ جانب القوة في حلّها، حسبما صرّح به مسؤولون عراقيون.

ضوء أخضر
وعن تداعيات تصريحات خامنئي على العراق، قال المحلل السياسي العراقي، كاظم ياور، إن "ما صدر عن المرشد الإيراني سبق أن تحدث به في مناسبات عدة، لكن المشكلة أنها جاءت خلال زيارة السوداني إلى طهران، والمطالبة بإيجاد حلول للفصائل العراقية الموالية لإيران".

وأوضح ياور لـ"عربي21" أن "خامنئي كان يجب عليه أن يحسب حسابات دقيقة للسيادة العراقية، وأن يعامله معاملة الدولة، لذلك هذه التصريحات في بعدها الديني لا تعتبر العراق دولة لديها سيادة مثل سائر البلدان".

وأشار إلى أن "رئيس الوزراء العراقي طالما صرح من بغداد وواشنطن، أن التواجد الأمريكي في البلاد يأتي وفق اتفاقيات وطلبات من الدولة العراقية ذات السيادة، وهناك اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع "الولايات المتحدة" وأنه يريد علاقات ثنائية مع واشنطن.

ورأى ياور أن "تصريحات خامنئي تعطي دلالات أن إيران ترفض أي تفكيك للفصائل المسلحة في العراق، بل لا بد من إيجاد نوع من الحلول التي تبقيها قائمة بتوجهاتها، وألا تقطع صلاتها الإيديولوجية بإيران، وتوجيهات المرشد الأعلى في البلاد".

وبرأي الخبير العراقي، فإن "ما صدر عن خامنئي ينبئ بأنه لا يتعامل مع العراق كدولة لها سيادة، كما يتعامل مع روسيا أو غيرها من الدول الحليفة، ولا حتى مع سوريا التي خرجت من دائرة حلفائها اليوم".

وأكد ياور أن "هناك مخاوف كبيرة من طبيعة التعامل الإيراني المستقبلي مع العراق، إذا أقدمت الحكومة العراقية على تغيير سياساتها من محور إيران، فإن الأخيرة ستتخذ خطوات ضده عبر فصائلها المسلحة التي تؤثر على واقعها الاقتصادي والسياسي والأمني".

وخلص الخبير العراقي، إلى أن "الحكومة العراقية الحالية، أمام امتحان عسير في كيفية التعامل مع إيران بكل هذه الملفات التي تمتلكها طهران في الداخل العراقي".

وفي السياق ذاته، قال السياسي والبرلماني العراقي السابق، ظافر العاني، إن "تصريحات خامنئي على أن العراق تحت الاحتلال الأمريكي، وأنه يجب مقاومته، هي إهانة للحكومة العراقية التي لديها اتفاقيات رسمية مع الولايات المتحدة".

وأضاف العاني عبر تدوينة على منصة "إكس" الخميس، أن "تزامن التصريحات مع زيارة رئيس الوزراء محمد شياع إلى طهران الغرض منها إشعار المجتمع الدولي بوجود وصاية إيرانية على العراق".

ورأت وسائل إعلام محلية عراقية، في تصريحات خامنئي بأنها فتوى دينية و"ضوء أخضر" للفصائل المسلحة التي تتبع نظام ولاية الفقيه الإيراني من الناحية العقائدية، بأن تستأنف الهجمات على القوات الأمريكية، خلافا للحديث عن التهدئة في العراق.

مأزق حقيقي
من جانبه، قال الأكاديمي والباحث العراقي، عدي العزاوي، إن "تصريحات خامنئي وضعت حكومة السوداني في مأزق حقيقي، كونها وصفت العراق بأنه بلد لا يزال يقع تحت الاحتلال الأمريكي، رغم أن الحكومة العراقية هي من طلبت قوات أمريكية 2014".

وأوضح العزاوي لـ"عربي21" أن "قطر ودولا خليجية أخرى، أيضا تضم قواعد أمريكية وفق اتفاقيات مشتركة، فلماذا لا تتجرأ إيران وتصف هذه الدول بأنها محتلة، والتي هي أيضا حليفة لطهران؟".

ورأى الأكاديمي العراقي أن "حديث خامنئي يوحي إلى أن زيارة السوداني فشلت في تحقيق هدفها، وهو الطلب من السلطات الإيرانية أن تسحب يدها عن الفصائل المرتبطة بها عقائديا، والطلب منها تسليم سلاحها إلى الحكومة العراقية".

وأشار العزاوي إلى أن "خامنئي أراد إيصال رسائل إلى الولايات المتحدة أن العراق لا يزال حليفها، وأنها هي صاحبة القول الفصل فيه، ولا سيما في ما يتعلق بحل الفصائل الشيعية المسلحة، لذلك عليكم الجلوس معي للتفاهم بشأنها وليس مع بغداد".

ولفت الباحث إلى أن "تراجع الدور الإيراني في المنطقة، وخصوصا في لبنان وسوريا، تريد طهران تعويضه في العراق، وتحافظ على مكتسباتها في هذا البلد النفطي، إذ لا تزال الفصائل المسلحة تعد أهم أوراقها الضاغطة هناك".

ورأى العزاوي أن "تصريحات خامنئي يرددها اليوم قادة المليشيات العراقية، بضرورة المقاومة وأن الولايات المتحدة تحتل البلد، وهذا ينذر بتصعيد محتمل قد يعجل في استهداف العراق بضربات عسكرية أمريكية وإسرائيلية".

وفي أعقاب تصريحات خامنئي، صرّح زعيم منظمة "بدر" هادي العامري، أحد قادة الفصائل الموالية لإيران، الجمعة، بضرورة "مواصلة طريق المقاومة مهما كان الثمن".

وفي أيلول/ سبتمبر 2024، أعلن التوصل إلى اتفاق بين بغداد وواشنطن  لانسحاب مئات من القوات الأمريكية والأجنبية الأخرى من العراق بنهاية عام 2026.

وينص الاتفاق على أن القوات الأمريكية ستغادر العراق بحلول أيلول 2025، يتبع ذلك سحب للقوات المتمركزة بمدينة أربيل في كردستان العراق بحلول نهاية عام 2026.

منذ شباط/ فبراير 2024، أوقفت الفصائل العراقية هجماتها ضد القوات الأمريكية في العراق، وذلك بعد هجمات أمريكية استهدفت قادة من هذه الفصائل، وذلك ردا على مقتل جنود أمريكيين في هجوم استهدف قاعدة لها قرب حدود الأردن.