تتراجع الحركة الشرائية في أسواق قطاع
غزة إلى أدنى مستوياتها هذه الأيام، وتبدو المحال التجارية في حالة سكون تام، إلا من بعض المارة الذين يكتفون بإلقاء نظرة سريعة على البضائع دون اقتناء أي شيء.
ويصل الركود إلى حد يصفه بائع الخضروات حسن قاسم، بغير المسبوق، فعلى على الرغم من انخفاض أسعار الخضروات بعد أسابيع من الارتفاع الكبير، إلا أن حالة الشراء بقيت على حالها من التوقف كما يؤكد قاسم للأناضول.
وأضاف قاسم أن الأسواق والمحال التجارية بدأت تستقبل حصاد الدفيئات الزراعية إلى جانب ما يتم إدخاله من أسواق الضفة و"إسرائيل" عن طريق معبر كرم أبو سالم التجاري، ما أدى لانخفاضها بشكل كبير.
وتابع: "لكن للأسف لم يشفع هذا الانخفاض لازدياد عدد المشترين، بل تبدو حركة البيع وكأننا أمام حالة حظر تجول".
ووصل ثمن الكيلوغرام الواحد من الطماطم الآن إلى شيكلين فقط بعد ما ارتفع الشهر الماضي لستة شواكل، وهو الأمر الذي انطبق على البطاطس والخيار والبصل، غير أن هذه الشواكل القليلة لم تعد بحوزة أهالي القطاع، كما يقول بائع الخضروات والفواكه عدنان سليم، والذي أكد أنه طوال اليوم لا يقوم بشراء ما يكفيه لإطعام عائلته.
وتابع: "الوضع الكارثي الإنساني الذي تشهده غزة، وعدم صرف حكومة غزة لرواتب موظفيها، وازدياد معدلات البطالة كلها ساهمت في خلق حالة الكساد الغير مسبوقة".
وكان وزير المالية في الحكومة الفلسطينية في غزة، زياد الظاظا، أكد في حديث إذاعي أمس الأحد أن الحكومة تحاول توفير راتب الشهر الجاري والذي أوشك على الانتهاء، مشيراً إلى أن حكومته تعاني من ضائقة مالية وأنها تسعى لعدم تأخير الرواتب.
وأوضح الظاظا أن ما يمر به القطاع من إشكالات اقتصادية في الوقت الراهن أثر بالسلب على الأداء المالي للحكومة.
وتقدر وزارة الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية في غزة الخسائر الناجمة عن تعطيل حركة الأنفاق بنحو 460 مليون دولار.
وتعود غزة هذه الأيام لأولى سنوات الحصار الخانق المفروض عليها منذ سبعة أعوام، عقب توالي الأزمات والتي كان آخرها توقف محطة
الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل منذ مطلع الشهر الجاري.
وتسبب انقطاع التيار الكهربائي في تعطل كافة القطاعات الاقتصادية، وانضمام الآلاف لصفوف البطالة.
وكانت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، كشفت في بيانٍ لها أمس عن ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة لتصل إلى ما يقرب من 50% بعد تعطل آلاف العمال في قطاع الإنشاءات والصناعات المرتبطة به.
ولا يتوقع التاجر عبد الكريم حمادة أن يعود الانتعاش للحركة الشرائية في الأسواق، وقال للأناضول إن أغلب البضائع تتكدس في المخازن، ولا تجد طريقها للمحال التجارية.
وتابع: "لا أحد يشتري هذه الأيام، وأغلب المواطنين لا يصلون السوق إلا لشراء ما هو ضروري".
ويتساءل الموظف الحكومي أحمد عاشور، الذي يتلقى راتبه من حكومة رام الله، عن الراتب لكي يقوم هو وسائر الموظفين بإنعاش حركة السوق.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الحكم المحلي في الحكومة الفلسطينية في غزة محمد الفرا أن كافة شاحنات نقل النفايات الصلبة توقفت عن العمل؛ بسبب نفاد
الوقود اللازم لتشغيلها.
وقال الفرا خلال مؤتمر صحفي عقده، اليوم الأحد، أمام أحد مكبات النفايات الرئيسية في مدينة غزة إنه في ظل تراجع الاقتصاد في قطاع غزة، وعدم قدرت البلديات على شراء السولار بأسعار مرتفعة، توقفت كافة الآليات وشاحنات نقل النفايات الصلبة، وأصبحنا نعتمد على الأدوات البدائية والعربات التي تجرها الحيوانات.
وأوضح أن توقف سيارات جمع النفايات بسبب نفاد الوقود ، تسبب بتراكم النفايات في 10 مكبات عشوائية داخل المدن، ما يعني انتشار الأمراض والأوبئة بين الفلسطينيين في جميع مدن القطاع.
وبحسب الفرا، فإن بلدية غزة بحاجة إلى 150 ألف لتر شهريا من السولار لتشغيل شاحنات جمع النفايات، بالإضافة إلى 700 ألف لتر من السولار لتشغيل مرافق المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي.
وناشد الفرا كل المؤسسات الإنسانية بأن تقف عند مسؤولياتها وتدعم قطاع غزة، الذي يوشك على كارثة صحية وانسانية كبيرة.
من جهته، قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس مروان أبو راس ، إن "الحصار الخانق الذي يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة له أركان ثلاثة" إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، ومصر".
وبين أبو راس أن كل جهة تحاصر قطاع غزة هي شريكة لـ"إسرائيل" في مأساة الشعب الفلسطيني، داعياً
مصر لفتح معبر رفح.
وتقنن السلطات الإسرائيلية من توريد المحروقات إلى قطاع غزة منذ سيطرة "حماس" عليه عام 2007.
ومع بدء استخدام الأنفاق في تهريب احتياجات القطاع من الأراضي المصرية، بدأ الغزيون يعتمدون بشكل شبه كلي على الوقود المهرب من مصر زهيد السعر مقارنة بالوقود القادم من الكيان الإسرائيلي.
ولكن الحملة الأمنية المشددة التي شنها الجيش المصري على أنفاق التهريب، عقب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد
مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي، أدت إلى تجدد أزمة الوقود في غزة واشتدادها؛ ما تسبب بتعطيل معظم نواحي الحياة.