أثرت
أزمة الكهرباء في قطاع
غزة التي دخلت أسبوعها الخامس على التوالي بشكل حاد على حركة الأسواق، وتسببت بخسائر فادحة للتجّار بسبب اضطرارهم لدفع مبالغ باهظة ثمناً للوقود اللازم لتشغيل
المولدات الاحتياطية، أو إغلاقهم للمحال التجارية في وقت مبكر نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي.
ويؤكد عدد من أصحاب المحال التجارية، التقتهم وكالة الأناضول بمدينة غزة، أن انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة متتالية يومياً خلّف خسائر كبيرة، لأن حركة الأسواق تنشط غالباً خلال الليل، وهي الفترة التي تنقطع فيها الكهرباء، ما يجبر التجار على تشغيل مولدات احتياطية تستهلك كميات كبيرة من
الوقود الذي ارتفعت أسعاره بشكل جنوني في الآونة الأخيرة، بسبب توقف تهريبه من مصر.
ويقوم جدول توزيع الكهرباء على مناطق قطاع غزة على أساس ستة ساعات، تيار مقابل 12 ساعة انقطاع.
ويقول الفلسطيني أحمد الداهوك، صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية في سوق غزة المركزي، "انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة متتالية يومياً تسبب لي بخسائر فادحة، فتعطلت ثلّاجات عرض الألبان والمشروبات، كما فسدت كثير من الأطعمة والمشروبات التي تحتاج إلى تبريد مستمر".
ويضيف الداهوك أنه لا يستطيع استخدام مولد الكهرباء الاحتياطي بسبب ارتفاع سعر الوقود اللازم لتشغيله، موضحاً أنه يضطر في كثير من الأحيان إلى إغلاق متجره بعد غروب الشمس، بسبب عدم إقبال الزبائن على محله الذي لا يضيئه إلا قليل من الشموع الخافتة.
ويشير إلى أن تشغيل مولد الكهرباء الاحتياطي خلال فترة انقطاع الكهرباء يحتاج إلى وقود يومي بقيمة 180 شيكل (50 دولار)، في الوقت الذي لا يحقق فيه متجره ربحا يوميا يتعدى 100 شيكل (30 دولار).
ويتابع "على الحكومتين الفلسطينيتين في غزة والضفة الغربية أن تتحملان مسؤوليتهما تجاه الشعب الفلسطيني وتجد حل نهائي لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي".
وتدخل يوميا إلى القطاع كميات محدودة من الوقود الإسرائيلي عبر معبر كرم أبو سالم، ويتم ضخ هذه الكميات للقطاعين التجاري والخاص في غزة.
ويتم بيع لتر الوقود الإسرائيلي بسبعة شواكل، على عكس البنزين المصري الذي كان سعر اللتر الواحد منه يبلغ ثلاثة شواكل (نحو 0.86 دولار).
و يقول محمد يوسف وهو صاحب صيدلية في مدينة غزة: "أضطر لتشغيل المولد الاحتياطي خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي حتى لا أغلق الصيدلية ما يكلفني مبلغ كبير من المال يصل إلى 180 شيكل (50 دولار) يومياً، الأمر الذي تسبب لي بخسائر فادحة خلال الأربعة أسابيع الماضية".
ويضيف يوسف لمراسل "الأناضول" أن "انقطاع الكهرباء يمتد تأثيره إلى الأدوية التي تحتاج لثلاجة لحفظها ففي بداية الأزمة تعرضت كمية كبيرة من الأدوية لدي للتلف بما يبلغ قيمته 1000 شيكل (300 دولار)".
أما خالد عبد الرحمن صاحب أحد متاجر بيع الملابس في سوق مدينة غزة المركزي فبلغت قيمة خسائره منذ تفاقم أزمة الكهرباء قبل أربعة أسابيع نحو 1000 دولار، بسبب اضطراره لإغلاق محله عند انقطاع الكهرباء مع غروب الشمس إلى نهاية اليوم، وهي الفترة التي يزداد فيها إقبال الزبائن على
السوق.
ويقول عبد الرحمن: "اضطر لإغلاق المحل بشكل شبه يومي بعد حلول الظلام عندما تكون الكهرباء مقطوعة، وهذا ما تسبب لي بخسائر كبيرة، خاصة أن هذه الأيام تشهد إقبال من الزبائن على الأسواق لشراء ملابس الشتاء".
وفي حال استمر انقطاع التيار الكهربائي فإن كافة مجالات الحياة ستتعطل عن العمل، كما أكد في وقت سابق مدير عام حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية في غزة عبد الفتاح الزريعي، والذي قال في حديثٍ سابق لـ"الأناضول إن "كل القطاعات الاقتصادية أصيبت بالشلل جراء أزمة الكهرباء".
وأضاف الزريعي أن المصانع باتت شبه متوقفة، كما أن المحال التجارية والتي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء، لم تعد تعمل.
وأشار إلى أن أزمة الكهرباء في قطاع غزة تسببت بركود الأسواق وارتفاع البطالة، وتسريح آلاف العمال.
وأعلنت سلطة الطاقة التابعة للحكومة الفلسطينية في غزة، نهاية الشهر الماضي، عن توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن العمل، بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها.
وبررت سلطة الطاقة توقف المحطة عن العمل، بسبب عدم استجابة الحكومة في رام الله، لطلبها بإلغاء كافة الضرائب المضافة على الوقود الصناعي، وهو الأمر الذي أوقف شراء السولار الصناعي الإسرائيلي.
ويعاني قطاع غزة من أزمة خانقة في انقطاع الكهرباء تقترب من عقدها الأول منذ قصف الطائرات الإسرائيلية لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة صيف عام 2006، حيث يقطع التيار يوميا ثماني ساعات عن البيوت.
وبعد نفاد الوقود الوارد عبر الأنفاق مع مصر تفاقمت أزمة الكهرباء بغزة منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وامتدت ساعات القطع من ذلك الوقت وحتى الآن إلى أكثر من 12 ساعة.