اضطر محمد عودة ( 20 عاماً )، وزملاؤه الثلاثة الذين جلسوا في المقعد الخلفي في سيارة الأجرة التي أقلتهم مساء أمس الأربعاء من مدينة
غزة إلى المنطقة الوسطى من القطاع إلى إغلاق أنوفهم براحات أياديهم، وذلك لتجنب تأثير الروائح الكريهة المنبعثة من محرك السيارة.
وتنتج هذه الروائح عن استخدام بعض السائقين في قطاع غزة لزيت القلي في تشغيل سياراتهم في ظل شح
الوقود، الناجم عن قيام سلطات الانقلاب بتدمير تقريباً جميع الأنفاق التي كانت تستخدم في نقل الوقود من
مصر إلى قطاع غزة.
وقال محمد لـ "عربي21" إن السفر إلى الجامعة في الصباح والمساء غدا رحلة عذاب بكل ما تعني بسبب قلة السيارات واستخدام بعضها زيت القلي الذي يسفر حرقه عن عوادم كريهة الرائحة ومؤذية للصحة.
وأضاف محمد: " ما يزيد الأمور تعقيداً هو أنه في ظل أزمة المواصلات العامة الناجمة عن نقص الوقود، فإن السائقين يقومون بنقل عدد من الركاب يفوق ما هو مسموح به، مما يفاقم الشعور بالضيق عند استنشاق الروائح الكريهة ".
وقال سامي، وهو سائق أجرة يعمل على خط غزة رفح لـ "عربي21"، إن سيارته مثل جميع سيارات الأجرة تعمل في الأوضاع الطبيعية باستخدام السولار، لكنه لم يجد سوى استخدام زيت القلي لعدم توفر السولار في أعقاب إجراءات الانقلاب ضد الانفاق، مشيراً إلى إنه يدرك الأضرار الناجمة عن استخدام الزيت، سيما الأضرار الصحية والبيئية.
ـمن ناحية ثانية يعتمد عدد كبير من أصحاب السيارات الخاصة التي تعمل بواسطة البنزين في الأوضاع الطبيعية على استخدام الغاز المعد لطهي الطعام لتجاوز مشكلة النقص في الوقود.
وقال جمال حسناوي، سائق إحدى سيارات الأجرة التي تعمل داخل مدينة غزة لـ "عربي21" إنه اضطر لاستخدام غاز الطهي في تشغيل السيارة لعدم توفر البنزين المصري، مشيراً إلى إنه لا يمكنه التوقف عن العمل ما دام هناك بديل.
ويتجه السائقون إلى ورش الميكانيكا لإعداد محركات السيارات من أجل استخدام الغاز بدلاً من البنزين.
وقال حسن خلايلي، صاحب إحدى الورش في مدينة غزة لـ "عربي21" إن عدداً كبيراً من السائقين يتوجهون إليه يومياً لتحويل محركات السيارات من البنزين إلى الغاز.
وأضاف خلايلي إن كيلوغراما من غاز الطهي تسمح للسيارة بالسيرة مسافة 25 كلم، مما يقلص كلفة تشغيل السيارات في قطاع غزة.
من ناحيتها حذرت الشرطة الفلسطينية من خطورة استخدام غاز الطهي وزيت القلي كوقود للسيارات، مشيرة إلى أن استخدام غاز الطهي سيؤدي إلى نقص حاد في الغاز، الذي تصل كميات محدودة منه لقطاع غزة عبر إسرائيل، في حين ان استخدام زيت القلي تسفر عنه أضرار بيئية وصحية كبيرة.
لكن على الرغم من هذا الموقف، إلا إن الشرطة لا تبدي اهتماماً بوقف هذه الظاهرة لإدراكها طابع الظروف التي يعيشها الناس في ظل
الحصار.
و تتجنب الأغلبية الساحقة من الغزيين استخدام الوقود الذي تسمح إسرائيل بدخوله لقطاع غزة بسبب ارتفاع سعره، مقارنة مع الوقود المصري.
ويبلغ سعر لتر البنزين الإسرائيلي حوالي سبعة شوكل، في حين يبلغ نظيره المصري أقل من ثلاثة شواكل.
ويذكر أن سلطات الانقلاب قد أقدمت على تدمير مئات الانفاق التي كانت تستخدم في نقل البضائع من الجانب المصري إلى قطاع غزة، في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي.