يواصل مؤيدو "الشرعية" في
مصر مساعيهم لمحاكمة قادة الانقلاب العسكري دوليا بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" منذ 30 حزيران/ يونيو الماضي.
ويتولى حقوقيون ومحامون دوليون حملة قانونية لمقاضاة عدد كبير من المسؤولين الذين تولوا السلطة بعد الانقلاب، على رأسهم وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح
السيسي، ورئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي، وأعضاء المجلس العسكري، والرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ورئيس الحكومة المؤقتة حازم الببلاوي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ووزير الخارجية نبيل فهمي، بالإضافة إلى إعلاميين وسياسيين ورجال دين متهمون بالتحريض على تلك المجازر.
اجتماع لندن
وكان حزب الحرية والعدالة وبرلمانيون مصريون قد كلفوا فريقا يضم أكثر من ثلاثين من كبار المحامين المهتمين بحقوق الإنسان في العالم؛ بالتحقيق في وقوع "جرائم ضد الإنسانية" يُتهم قادة الانقلاب بارتكابها في مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي، ومن بينها مجازر الحرس الجمهوري والنصب التذكاري وفض اعتصامي رابعة والنهضة ومذبحة سجن أبوزعبل. ويبحث الفريق إمكانية محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام القضاء الدولي.
ويضم الفريق شخصيات قانونية دولية بارزة، منها المدعي العام البريطاني السابق اللورد كين ماكدونالد، والمحامي البريطاني المختص في حقوق الإنسان مايكل مانسفيلد، وهما مستشاران لملكة بريطانيا، إضافة إلى إلى المحامي من جنوب أفريقيا جون دوجارد، المقرر السابق لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
وعقد الفريق مؤتمرا في لندن الشهر الماضي أعلن فيه بدء التحرك في المحاكم البريطانية ومحاكم دول أوربية أخرى لمقاضاة السيسي ومساعديه، كما أعلن أنه قام بإبلاغ قيادة الجيش المصري بأنه بدأ تحقيقاته في القضية وطلب منه مده بالأدلة المطلوبة.
ويسمح تحريك القضية أمام المحاكم البريطانية بمقاضاة المجرمين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في أي مكان في العالم وملاحقتهم حال خروجهم من بلادهم.
وقال مايكل مانسفيلد في كلمته التي ألقاها في المؤتمر إن اللجوء إلى القضاء الدولي لتحقيق العدالة في مصر ليس أمراً غير مسبوق، مستشهداً بقضايا أخرى تثبت الحاجة إلى إنفاذ القانون الدولي.
وكان هذا الفريق الدولي قد قام من قبل بمقاضاة وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني ومسؤولين إسرائيليين آخرين بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب على قطاع غزة عام 2008. وصدر بحق ليفني مذكرة اعتقال من المحاكم البريطانية، وطلبت السلطات البريطانية من جميع المتهمين في تلك القضية عدم دخول أراضيها تجنبا لاعتقالهم وحدوث أزمة ديبلوماسية.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تم إيقاف رئيس البحرية الإسرائيلية السابق الجنرال أليعازر ماروم المتهم بالمسوؤلية عن الاعتداء على السفينة التركية "مرمرة" التي كانت ضمن أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة. وأوقف ماروم في مطار هيثرو في لندن لبعض ثم سُمح له بالدخول.
كما تمت محاكمة الديكتاتور التشيلي السابق أوجستو بينوشيه في بريطانيا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
وشهدت مدينة اسطنبول التركية نهاية تشرين الثاني/ نوفبمبر الماضي التحرك الثاني نحو تدويل تلك القضية، حيث قرر الاجتماع الحقوقي تشكيل ائتلاف دولي لمتابعة الانتهاكات الحقوقية في مصر، ودعا الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الملف، كما أطلق موقعا الكترونيا يحتوي قاعدة بيانات بالانتهاكات المرتكبة بحق المصريين في الفترة الماضية مدعمة بأدلة وشهادات، لتسهيل ملاحقة المسؤولين عن تلك الانتهاكات قانونيا.
"قتلة الشهداء لن يفلتوا"
وأكد عبد الموجود راجح، المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة؛ أن الحزب ومؤيدو الشرعية لن يتركوا قتلة الشهداء دون محاكمة، وسيستخدمون كل الوسائل للقصاص منهم.
وقال القيادي الإخواني رضا فهمى، فى تصريحات لصحيفة الحرية والعدالة، إن جماعة الإخوان المسلمين تتحرك بالملف القانوني في مسارين، أحدهما
المحكمة الجنائية الدولية، وهى الباب الأقرب لإصدار قرارات تدين سلطات الانقلاب، حيث تم تقديم معلومات دقيقة عن المجازر، مشيرا إلى قرب إصدار قرار بإدانة السيسي ومعاونيه، وأكد أن كل من تم اتهامهم في القضايا إدانتهم موثقة. وأكد فهمي أن هناك دولتين عرضتا أن تتوليا هذه المهمة، للتغلب على عقبة عدم استطاعة مصر التقدم بدعوى أمام المحكمة لعدم توقيعها على اتفاقية روما.
أما المسار الثاني، فقال فهمي إنهم بدأوا بالفعل في اتخاذ خطوات قانونية في عدة دول تسمح قوانيها بمحاكمة وإدانة متورطين في جرائم ضد الانسانية من غير مواطنيها، حيث قام فريق محامين دوليين بإقامة العديد من القضايا أمام لدى هذه الدول، وتم التقدم بتقارير حول جرائم ضد الانسانية طالت رافضى الانقلاب.
وفي السياق ذاته، قال وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي إن غالبية دول الاتحاد الأوروبي تجيز تحريك دعاوى قضائية ضد تلك الجرائم، وإذا ما صدرت أوامر بضبط وإحضار أحد المتهمين ووُجد داخل تلك الدولة فسيحاكم وتتم إدانته، دون أن تستطيع الدولة المنتمي لها هذا المتهم من التدخل في عمل المحكمة، وهذا الأمر حدث من قبل مع بعض الأشخاص.
الجنائية الدولية تقبل الدعوى
وقال أحمد عبد الجواد، منسق حملة "الشعب يدافع عن الرئيس"، إن الحملة وبالتعاون مع حقوقيين ومحامين حققت تقدما ملحوظا في ملف محاكمة قادة الانقلاب باعتبارهم مجرمي حرب، مشيرا إلى أنهم قدموا ملفا إلى المحكمة الجنائية الدولية، والتي بدورها ستقوم ببحثه والبت فيه إما بقبوله أو رفضه.
وعبر عبد الجواد، في تصريحات صحفية، عن اعتقاده بأن المحكمة ستقبل القضية لـ"بشاعة ما تم ارتكابه في حق المدنين" في مصر، مضيفاً أن لديهم مؤشرات قوية على قبول القضية.
وأكد السفير إبراهيم يسري، سفير مصر الأسبق في الجزائر والمحامي الدولي، في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" أن التحريك الأخير لدعوى محاكمة السيسي ومعاونيه سيأتي بنتائج قريبة جدا.