أدى إغلاق معبر " رفح " المنفذ الوحيد لقطاع
غزة للعالم الخارجي إلى تفاقم مظاهر الأزمة الإنسانية لآلاف الغزيين من مغتربين وطلاب ومرضى الذين علقوا في القطاع ولا يستطيعون مغادرته.
ومنذ أن تم الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في مطلع تموز الماضي لم تفتح السلطات المصرية
معبر رفح إلا في فترات متباعدة، ووفق معايير صارمة.
ويوجز ما حدث لسلمى عودة ( 54 عاماً ) المواطنة
الفلسطينية التي تقطن بلدة " بيت جالا "، وسط الضفة الغربية والتي قدمت لزيارة أشقائها في القطاع قبل أربعة أشهر بعض مظاهر هذه المأساة.
ولم تتمكن سلمى من العودة إلى بيتها في بيت جالا، إلا الإسبوع الماضي، وبعد أكثر من عشر محاولات.
وقال خليل شقيق سلمى لـ " عربي 21 ": " أنه في كل مرة كان يتم فيه الإعلان عن إعادة فتح المعبر أتوجه مع أختي للمعبر، ونمكث حتى يتم اغلاق المعبر ثم نعود ".
ونوه خليل إلى أنه أخته الا تفكر حالياً في تكرار تجربتها المريرة، مشيراً إلى إنها قدمت للقطاع لقضاء عشرة أيام فقط، مع العلم إنها تعمل في إحدى الدوائر الحكومية.
وحسب إحصائيات وزارة الداخلية في قطاع غزة، فإن عدد العالقين الغزيين العالقين في القطاع ويحتاجون للسفر قد تجاوز العشرة آلاف.
وحسب المعايير الصارمة التي تفرضها السلطات المصرية، فأنه يتوجب أن يكون الراغب في السفر ضمن القوائم التالية:
المرضى، الطلاب في الجامعات الأجنبية، المغتربين، والأجانب.
وليس كل من هو ضمن هذه القوائم يكون سفره مضمونا، حيث أن معظم المرضى والطلاب الراغبين في السفر لازالوا عالقين على الرغم من أنهم قاموا بتسجيل أسمائهم لدى مكاتب وزارة الداخلية في غزة، بسبب فترة الإغلاق الطويلة للمعبر والعدد القليل جداً الذي تسمح السلطات المصرية بإدخاله.
وقد عبر حسن بريك ( 22 عاماً )، الطالب في كلية الهندسة في إحدى الجامعات الجزائرية عن يأسه من إمكانية الالتحاق بالدراسة هذا العام بفعل الإغلاق، مشيراً إلى أنه حاول أكثر من عشر مرات السفر، إلا أنه لم يتمكن من المغادرة لأن السلطات المصرية تسمح لعدد قليل نسبياً من الراغبين بالسفر بالمغادرة.
وأبلغ حسن " عربي 21 " أنه في حال حدثت مفاجأة وتمكن من السفر هذا العام، فلن يعود للقطاع إلا بعد إكمال الدراسة وحصوله على شهادته.
وتبدو أزمة المرضى أكثر مأساوية، حيث أن الحصار وضعف الإمكانيات الطبية جعل مستشفيات القطاع غير قادرة على التعاطي مع الكثير من المرضى، سيما اصحاب الأمراض الخطيرة.
ويقول محمد أبو سماح ( 53 عاماً )، الذي يعاني من سرطان القولون أنه توقف عن برنامجه العلاجي بعدما تم اغلاق المعبر، حيث كان يعكف على التوجه لأحد المستشفيات في القاهرة بشكل دوري للحصول على العلاج.
وأوضح محمد لـ " عربي 21 " إنه يحصل على برنامج علاجي " أكثر تواضعاً " في أحد مستشفيات القطاع، مستدركاً أن ما يبعث الأمل في نفسه هو أنه لم يحدث تدهور على وضعه الصحي.
وحسب مسؤول كبير في حكومة غزة تحدث إلى " عربي 21 " فأنه لا يوجد حل في الأفق لمشكلة العالقين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن المشكلة ذات طابع سياسي.
وأضاف: " الحكومة المصرية الحالية اتخذت قراراً بمحاصرة القطاع ولن تعدم الوسيلة لتبرير قرارها هذا ".