في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز" قال الرئيس
اليمني السابق
علي عبدالله صالح ردا على اتهامات وجهها إليه الكثيرون بأنه يتدخل في شؤون البلاد "هؤلاء الناس غير واثقين بقدرتهم على القيادة ولا يزالون يعتبرون أنفسهم موظفون عند علي عبدالله صالح"، ولا "يزالون يعتقدون أن كل شيء يحدث في البلاد، كبيرا كان أم صغيرا يجب أن يفعله علي عبدالله صالح".
ونفى صالح أن تكون له طموحات وتهيئة الطريق لعائلته للعودة للسلطة خاصة ابنه احمد قائلا "لم أردها له من قبل فكيف الآن". وتحدث موجها سخريته لنقاده " ليس كاف لهم أنني خرجت من السلطة، فهم يعتقدون أنهم لن يحكموا اليمن حتى أخرج من البلاد وأموت".
ووصف الربيع العربي الذي أطاح به من خلال فكرة أن البديل عنه وغيره من الديكتاتوريين هو الإسلام السياسي حيث قال "ولد الربيع العربي ميتا"، و "ظهر في ظل ظروف صعبة في الشرق الأوسط، وتحول لسلاح في يد الحركات الإسلامية".
وجاءت تصريحاته في ظل اتهامات للرئيس السابق الذي أطاحت به
ثورة شعبية من أنه لا يزال يؤثر ويتدخل في شؤون البلاد.
وتقول الصحيفة إن علي عبدالله صالح رجل نادر في العالم العربي أو أي مكان آخر "ديكتاتور أطاحت به ثورة شعبية ومع ذلك لا يزال في بلده، لا يضايقه أحد".
وتقول "اسميا، صالح 71 عاما، رجل دولة متقاعد يكتب مذكراته، وقد منح حصانة من تقديمه للمحاكمة حسب الصفقة التي أدت لخروجه من السلطة عام 2012".
لكن الكثير من أعدائه يقولون إنه لا يزال يلعب دورا قويا ومسمما في البلاد "ويتهمونه بتدبير عدد من الهجمات الإرهابية وتنفيذ عمليات اغتيال لأكثر من 150 ضابط من ضباط الصف الكبار خلال العامين الماضيين".
وحتى الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي الذي عمل نائبا لصالح مدة 18 عاما يتهمه بتدبير هجمات على أنابيب النفط اليمنية التي سببت كارثة للاقتصاد اليمني وأظهرت الرئيس الحالي بمظهر العاجز. وفي نفس السياق اتهم دبلوماسيون في الأمم المتحدة "عناصر في النظام السابق" بلعب دور غير مساعد، وألمحوا لإمكانية فرض عقوبات على الرئيس السابق.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إنه من الصعب التأكد فيما إن كانت الاتهامات الموجهة إليه صحيحة أم مجرد افتراء، خاصة أن التحقيق في العنف السياسي نادر وعادة لا يتوصل لإثباتات مطلقة، فيما لا تزال الحكومة تعاني من الفساد الذي يشل عملها، وهناك الكثير من الجناة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية والتي تعتبر دائما كبش فداء سهل يعلق عليها كل عنف سياسي وقتل.
وما لا يمكن إنكاره هو أن علي عبدالله صالح لا يزال يتمتع بتأثير كبير على السلطة في اليمن، ولا يزال زعيم الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس هادي نفسه، وهناك الكثيرون في الجيش لا يزالون موالون لصالح. ويتمتع مقر سكناه في العاصمة بحراسات وحواجز يحميها الجنود.
وجاء تقرير "نيويورك تايمز" في محاولة منها للبحث عن تأثير صالح في صناعة القرار اليمني حتى بعد الإطاحة به. وقدمت في هذا السياق "بروفايل".
وجاء فيه "لا يزال الرجل العجوز يصحو في الساعة الخامسة والنصف صباحا، كما كان يفعل خلال الثلاثة عقود التي قضاها في حكم هذا البلد المضطرب، ويقوم ببعض التمارين الرياضية التي تساعد جسده المشوه من قنبلة كادت أن تقتله في عام 2011، ويقرأ الصحف، ثم يجلس على منصته في قصر الذين ينافس القصر الجمهوري من ناحية الكبر ويبدأ باستقبال عدد كبير من الزوار الذين لا يزالون يعاملونه وكأنه أقوى رجل في اليمن".
ووصفت الصحيفة مكان اللقاء الذي جرى في الساحة الرئيسية لمجمعه الكبير الذي ينافس القصر الرئاسي، حيث كان مساعدوه يحومون حوله ويحملون له الأوراق وأرقام الهواتف ويخبرونه من اتصل به، فيما كان سياسيون بارزون ينتظرون دورهم للدخول عليه. وهناك رجل جاهز بالمظلة كي يحمي صالح من الشمس كلما تحرك من منصته في الظل.
وتشير الصحيفة إلى سيرة علي عبدالله صالح التي قالت إنه ولد في عائلة فلاحين، ولم يتلق إلا تعليما قليلا وترفع في داخل سلك العسكرية بعد قيام الجيش بالإطاحة بحكم الملكية في عام 1962. وعندما وصل للسلطة عام 1978 لم يتوقع له الكثيرون البقاء في السلطة، بعد اغتيال الرئيسين السابقين له. ولكن صالح أثبت خطأ توقعات الكثير ومعارضيه، وفي عام 1990 وحد شمال اليمن مع جنوبه. وكان صالح يواجه تحديات كبيرة في الشمال والجنوب وتمردا من الحوثيين ونشاطا من القاعدة وحراكا في الجنوب يطالب بالانفصال مع بداية الربيع العربي حيث أجبرته ثورة شعبية على ترك السلطة في عام 2012.
وتشير الصحيفة إن صالح أظهر في الآونة الأخيرة نوعا من التحالف مع الحوثيين، الحركة المسلحة التي تحولت لحركة سياسية واسعة منذ 2011 بسبب كرهها لحركة الإصلاح. ويكره صالح كلا من الحوثيين والإصلاح لكن تحالفه مع المتمردين يبدو أن وراءه حنق الرئيس السابق على هادي الذي يواصل السخرية منه.
ومع أن هناك قلة تتهم صالح بالعمل للعودة للسلطة، خاصة أن الضربة التي تعرض لها وقتل فيها ستة من حراسه لم تؤثر على قدراته العقلية ولكنها أثرت على حركته وتركت آثارا وتشوهات على يديه ووجهه، ولا يزال تحت العناية الطبية حيث أجريت آخر عملية له في الشهر الماضي. وخلافا لهذا الطموح يتهمه نقاده بالعمل على فسح الطريق أمام عائلته. ففي أعوامه الأخيرة في السلطة اتهمه الكثيرون بتحضير ابنه أحمد لخلافته تماما كما فعل حسني مبارك، الرئيس المخلوع مع ابنه جمال.
وقام صالح بتولية أقاربه وأبناء عائلته في مناصب الدولة العليا خاصة في الأجهزة العسكرية والأمنية، حيث عزل معظمهم منها بعد الثورة ولكن لم يتم توجيه اتهامات لأي منهم.
ولكن وبحسب الصحيفة "هناك إمكانية أن يحمل ابنه أو ابن أخيه الراية من بعده، فعلى الرغم من الحنين للديمقراطية التي أشعلتها الثورة الشعبية عام 2011 يشعر الكثير من السكان بالإحباط من الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد، وينظرون للرئيس هادي بالرجل العاجز، ويتمتع حزب الإصلاح بشعبية واسعة لكنه مثل الإخوان المسلمين في مصر لا يحظى بثقة لتقديمه تنازلات أثناء حكم صالح".
ونظريا تتجه البلاد نحو المعافاة من أمراض الماضي، في إشارة للحوار السياسي واتفاق الشهر الماضي، وقدم صالح دعما للحوار حيث "كانت هذه جهودا جيدة ولو توفرت الإرادة سيتم تطبيقه على ما اعتقد".