كشف الكاتب الصحفي حمدي
قنديل النقاب عن أنه التقى المشير عبد الفتاح
السيسي في أحد أيام شهر آذار/ مارس عام 2011، في مبنى المخابرات المواجه لبيته، بناء على طلب السيسي، في لقاء استغرق نحو ثلاث ساعات، ودار الحديث فيه حول المجلس الأعلى للقوات المسلحة، واستيائه قبل الثورة من الأوضاع التي كانت قائمة، ومما كان يدور من حديث حول التوريث.
وقال قنديل إن السيسي أخبره في هذا اللقاء -الذي جاء بعد ثورة 25 يناير بأقل من شهرين- بأنه على الرغم من ذلك كله لم يفكر المجلس الأعلى للقوات المسحة لحظة في الانقلاب على الحكم "لأن الانقلاب غير وارد في عقيدة القوات المسلحة".
ويُذكر أن المجلس برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق تسلم دفة الحكم من الرئيس المخلوع حسني
مبارك عقب تنحيه يوم 11 شباط/ فبراير 2011 عن منصب رئيس الجمهورية.
وأكد قنديل أن السيسي أخذ يذكره في هذا اللقاء بأنه عندما حانت الفرصة بادر الجيش بإعلان موقفه عن طريق المتحدث باسمه عندما قال في 31 كانون الثاني/ يناير 2011 إن "القوات المسلحة لن تستخدم القوة ضد المحتجين، وإن حرية التعبير مكفولة لكل المواطنين الذين يستخدمون الوسائل السلمية"، وبما اتخذته القوات المسلحة من إجراءات بعد ذلك.
وقال -في الحلقة الأخيرة من مذكراته بعنوان "عشت مرتين": "تحدثنا كثيرا عن الأوضاع القائمة، وقال إنه يود أن يعقد اجتماعات أسبوعية مصغرة مع بعض الشخصيات المرتبطة بالثورة ليجري معها نقاشا حول المستقبل، وطلب مني مقترحات في هذا الأمر، وكان حديثه يوحي بأنه يمسك من الخيوط قدرا أكبر مما كنت أظن، وبأنه يستطيع ترتيب أفكاره جيدا".
وذكرت جريدة "الشروق" اليومية
المصرية -التي نشرت الحلقة الأخيرة من مذكرات قنديل الثلاثاء 4 شباط/ فبراير 2014 – أن السيسي قال له في النهاية إن المشير طنطاوي يثق بي كثيرا، ويريد مني أن أقدم برنامجا يوميا في التليفزيون، فرحبت، وسألت: "متى؟، فقال: "يريدك أن تبدأ غدا"، فاستمهلته يومين، أرتب فيهما أفكاري، وأجري اتصالاتي".
وشرح قنديل كيف أن هذا البرنامج لم يكتب له الانطلاق، فضلا عن الاستمرار، بسبب رفض بعض شباب الثورة تقديمه له.
وأضاف: "قالوا إنني غير إعلامي، وإن الأولى توظيف طاقات الشباب المتعطلة في ماسبيرو".
حنق على الإخوان
وأوضح الإعلامي المصري -صاحب برنامج "قلم رصاص" الشهير- أنه عاد بعد زيارة إلى محافظة خارج القاهرة حانقا على المجلس العسكري الذي يخطو لتسليم البلاد إلى الإخوان، "وهكذا وجدت أن الأمانة مع المشير واللواء السيسى تقتضي مني الاعتذار عن تقديم البرنامج"!
وتابع أنه "عندما اقترب الموعد المحدد لاطلاق البرنامج في أيار/ مايو 2011، كنت أصبحت أقل ثقة في قدرة المجلس العسكري على إدارة البلاد، وفي مدى تحمله لحرية التعبير في تليفزيون الدولة الرسمي".
"وكانت الصحف عندئذ تحمل لي كل يوم خبرا يفيد بأن هناك معارضة شديدة بين العاملين في ماسبيرو لتقديمي برنامجا فيه؛ بدعوى أن الفرصة يجب أن تتاح لأبناء التليفزيون الذين لم يعتبروني واحدا منهم" على حد تعبيره.
ووصل الأمر بتشكيل سمى نفسه "ثوار ماسبيرو" حد الاعتصام احتجاجا، بل وقدم "الثوار" بلاغا إلى النائب العام ضد المذيعة هالة فهمي لأنها تجاسرت، ونادت بالاستعانة بي.
وقف البرنامج.. ورفض الوزارة
وتابع الحديث: "أوقفت تقديم برنامج "صوت القاهرة"، إلَّا أنني ما أزال أذكر مقالا للأستاذ عبدالرحمن فهمي، في جريدة "الجمهورية" قال فيه إن الثورة تأكل رجالها، وكذلك مقالا للأستاذة منال لاشين في جريدة "الفجر"، شككت فيه في أهداف "ثوار ماسبيرو"، وفي رغبتهم في الاستئثار بما يقال عن كعكة المال داخل المبنى المفلس".
وكشف قنديل عن أنه رفض منصب وزير الإعلام الذي عرضه عليه رئيس الوزراء وقتها اللواء أحمد شفيق.
وأضاف: "كنت أعرف الفريق شفيق منذ زمن، وكان بيننا ود وتقدير متبادل، قلت له عند دخولي إليه: "أنت تعلم جيدا أنني سأكون صريحا وأمينا معك، تعلم كم أقدرك، وأرى أنك واحد من أفضل من يمكنهم تولي مثل هذا المنصب، لكن ذلك كان في الماضى، الآن، شئت أم أبيت، أنت محسوب على مبارك، وزمن مبارك ولى، وسوف نظل نطارد رموزه، ولا أريد لك أن تتحمل ما سوف تتحمله".
وقال قنديل إنه خص شفيق يومها بالنصح قائلا: "أنصحك يا سيادة الفريق بالاستقالة مهما كان الحرج في ذلك، سوف تواجه ما تأباه على نفسك إذا ما بقيت في هذا الكرسي"، لكن شفيق صمت قليلا، وشكرني على إخلاصي معه، وقال في النهاية ما خلاصته إنه كجندي لا يمكنه الانسحاب من المعركة، وإنني متشائم أكثر مما يجب"!
اتفاقية فيرمونت
يُذكر أن حمدي قنديل كان طرفا في اتفاقية "فيرمونت" يوم 22حزيران/ يونيو 2012، بين عدد من ممثلي القوى الوطنية والشخصيات العامة، والدكتور محمد مرسي، قبل إعلان النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية بين الدكتور مرسي، والفريق أحمد شفيق، التي انتهت بإعلان فوز مرسي بنسبة تبلغ نحو 52 %.
وجاءت الاتفاقية بعد قرارات عدة أصدرها المجلس العسكري تضمنت تمرير قرار الضبطية القضائية، وتشكيل مجلس الدفاع الوطني، وحل مجلس الشعب، وإصدار إعلان دستوري انتزع من الرئيس سلطاته وصلاحياته، فضلا عن تأخير إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية بما يثير الشكوك حول جدية تسليم السلطة في مصر بشكل ديمقراطي.
وأعربت الرموز والشخصيات الوطنية والشبابية المشاركة في الاجتماع عن رفضهم لأي تزوير لإرادة الشعب في اختيار رئيسه، ورفضهم لممارسات المجلس العسكرى الأخيرة، وما جرى من تضليل للرأي العام عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
وكثمرة نهائية لمناقشات ماراثونية امتدت قرابة سبع ساعات حتى الفجر، تأسست الاتفاقية على اتفاق مكتوب بين الطرفين، قالت إن "ما يجمعنا بالرئيس الجديد وثيقة شراكة حقيقية في مشروع وطني جامع، ينطلق من أنه رئيس لكل المصريين، وليس رئيسا لجماعة أو معبرا عن تيار بعينه، وأن هذه الجبهة ليست جهة دعم وتأييد غير مشروطين، بل طرف أساسي وشريك في شراكة وطنية، الأمر الذي يفرض عليها واجبات المتابعة والمراقبة والمحاسبة أيضا".
واتفق المشاركون على ستة بنود تضمنت التأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجامع الذي يعبر عن أهداف الثورة، وعن جميع أطياف ومكونات المجتمع المصري، ويمثل فيها المرأة والأقباط والشباب، وأن يضم الفريق الرئاسي وحكومة الانقاذ الوطني جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة، وأن يتم تكوين فريق إدارة أزمة يشمل رموزا وطنية للتعامل مع الوضع الحالي، وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب، وفريقه الرئاسي، وحكومته بشكل كامل.
كما تضمنت الاتفاقية رفض الإعلان الدستورى المكمل، الذي يؤسس لدولة عسكرية، ويسلب الرئيس صلاحياته، ويستحوذ على السلطة التشريعية، ورفض القرار الذي اتخذه المجلس العسكرى بحل البرلمان الممثل للإرادة الشعبية، وكذلك رفض قرار تشكيل مجلس الدفاع الوطني.
ونصت "فيرمونت" كذلك على السعي لتحقيق التوازن في تشكيل الجمعية التأسيسية بما يضمن صوغ مشروع دستور لكل المصريين، واتباع الشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما يستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية.