قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن حملة هدم
الأنفاق الحدودية من قبل السلطات
المصرية الصيف الماضي تركت آثارا كارثية على
اقتصاد قطاع
غزة.
وتقول الصحيفة إن "نسبة البطالة ارتفعت 6% خلال الربع الأخير من 2013 لتصل إلى 38.5% وهذه أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات وأكثر من نسبة البطالة في الضفة الغربية بمرتين وذلك حسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني".
وتضيف بالإضافة للبطالة فقد تسببت الحملة أيضا في رفع أسعار السلع في القطاع المحاصر فمثلا ارتفع ثمن علبة البيض من 10 شيكل (2.85$) إلى 16 شيكل (4.54$) بينما تضاعف سعر طن الإسمنت ثلاث مرات ليصل 1000 شيكل (285$).
وكانت الأنفاق توفر لغزة نصف حاجاتها من السلع بما في ذلك الوقود والمواد الخام منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على غزة بعد أن سيطرت عليه
حماس عام 2007.
وبينما تتذرع مصر وإسرائيل بأن الأنفاق تستخدم لتهريب الأسلحة إلا أن حماس تراها محاولة من السلطة العسكرية الجديدة في مصر لتقويض سلطتها في القطاع وهذا ما يراه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة: "تدمير وإغلاق الأنفاق من وجهة نظر حماس تهدف إلى عزل حماس والدفع بها إلى مزيد من العزلة الاقتصادية والسياسية".
وإسرائيل التي تعتبر حماس حركة ارهابية وتقول انها تحملت سنوات من القصف الصاروخي، تشتاط غضبا إذا ما انتقدت بسبب الحصار المضروب على غزة، وقريبا تمت مقاطعة رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز في الكنيست عندما قال إن حصار غزة ينعكس سلبا على الأمن وانسحب وزير الاقتصاد نفتالي بنيت من القاعة ثم طالب شولتز بالاعتذار عما قاله.
وذكر جهاز الإحصاء ان هناك 38000 وظيفة فقدت في غزة في النصف الثاني من 2013 ويبدو أن معظمها له علاقة بالأنفاق. وكان اتحاد العمال في غزة قد أعلن في كانون أول/ ديسمبر عن فقدان 40000 وظيفة 7000 منها من العاملين في الأنفاق.
وذكرت جمعية "غيشا" الإسرائيلية التي تدافع عن حق الفلسطينيين في التنقل بأن 11000 وظيفة فقدت في قطاع البناء فقط.
والزائر لمنطقة الأنفاق يرى حركة نشطة لكنها ليست حركة تهريب بضائع، إنما حركة تنظيف للطين الذي ملأ الأنفاق جراء تفجيرات الجيش المصري لها مما أدى إنهيارت كبيرة، وعلى بعد 100 قدم فقط تقف مصفحات للجيش المصري ويقف جنديان بكامل عدتهما يراقبان حركة العمال.
يقول أبو أحمد الذي يملك نفقين ويشرف على ترميمهما: "الحركة خفيفة؛ هناك حوالي 5% من الأنفاق تعمل ولكنها لا تعمل بنفس السهولة كما كانت سابقا .. بعض الأنفاق التي تدخل عميقا في الأراضي المصرية تدخل بعض الوقود والدخان والأغذية".
وهذه نسبة ضئيلة جدا مما كانت الأنفاق تدخله للقطاع.
وبحسب ساري باشي من منظمة "غيشا" فإن الأنفاق كانت توفر النسبة الأكبر من مواد البناء للقطاع الخاص، فمن تشرين أول/ أكتوبر 2012 إلى نيسان/ أبريل 2013 كان يدخل 218000 طن من الحصمة من الأنفاق مقارنة مع 10000 طن من معبر كرم أبو سالم.
بالإضافة إلى ذلك كان يدخل 14000 طن من الحديد، و 64000 طن من الإسمنت بينما لم يدخل أي اسمنت أو حديد عن طريق للقطاع الخاص عن طريق معبر كرم أبو سالم.
وقالت باشي: "إنها كميات كبيرة تم قطعها فجأة في الصيف ولم يتم تعويضها عن طريق المعابر الإسرائيلية".
ويذكر المقال أن السياسة الإسرائيلية تجاه القطاع تذبذبت منذ 2007 فبعد الهجوم على أسطول الحرية عام 2010 قامت إسرائيل بتخفيف الحصار نتيجة الاحتجاجات الدولية، وفي عام 2012 ونتيجة اتفاق التهدئة مع حماس بدأت بالسماح بـ 20 شاحنة من مواد البناء في اليوم وزادتها إلى 70 شاحنة في اليوم عندما أغلقت الأنفاق في أيلول/ سبتمبر 2013. ولكن قامت بقطعها تمام بعد اكتشاف نفق عبر الحدود معها.
وبحسب تسريبات في الصحافة الأوروبية فقد قال إيتان دونغات المتحدث بإسم فرع تنسيق أنشطة الحكومة في المناطق أن منع دخول المواد سيكون له "آثار خطيرة" على العمالة في غزة حيث يعمل حوالي 70000 شخص، حوالي 17% من القوة العاملة في قطاع البناء.
ويرى شاؤول شاي من معهد هرزيليا أن إغلاق الأنفاق لمنع تهريب السلاح أمر مفهوم ولكن يجب التعويض بفتح معبر رفح أمام البضائع لإدخالها بشكل قانوني.
ولكن الآن يعمل الغزيون على ترميم الأنفاق على أمل عودة عملها، ويقول محمد "لقد تم تدمير هذا النفق 3 مرات مرتين منهما بالجرافات المصرية.. عملت في الأنفاق لثلاث سنوات وكنت اكتسب نقودا جيدة منها ولكن منذ عزل مرسي تدهورت التجارة وأنا الآن أعمل مع عشرين من زملائي في ترميم هذا النفق وعندما ننتهي من الترميم سأصبح دون عمل".
وقريبا منه يعمل آخرون رفضوا البوح بأسمائهم ولكنهم أكثر تفاؤلا: "تم تدمير هذا النفق أكثر من ثلاث مرات في السنوات الأربع الماضية وقد أعدنا بناءها كل مرة وسنعيد بناءها إذا تضررت وقد تعود الأنفاق للعمل ثانية .. من يدري".