يوم محاكمة مرسي ومشروعات السيسي وبراءة الشرطة

خصصت الصحف المصرية الصادرة الأحد 23 شباط/ فبراير 2014 صفحاتها الأولى، وموادها البارزة، لجلسة محاكمة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي السبت في قضية الهروب من سجن وادي النطرون الملفقة، ولجأت -كالمعتاد- إلى التغطية المتحيزة، وغير الموضوعية، وانتقاء العبارات المسيئة، ومحاولة تحقيره لدى المصريين.
 
وفي المقابل، اهتمت تلك الصحف بتوفير تغطية دعائية لظهور قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع إلى جانب الرئيس "المُعين" عدلي منصور في افتتاح مشروعات تخص القوات المسلحة، وذلك في دعاية مباشرة للمشير قبل أن يخلع بزته العسكرية، ويعلن ترشحه المقرر لانتخابات الرئاسة خلال أيام.
 
وفي المرتبة الثالثة لاهتمامات صحف الأحد جاء الحكم القضائي الذي صدر بتبرئة كبار ضباط الشرطة في الإسكندرية من تهمة قتل ثوار يناير.. فضلا عما جاء لاحقا من قضايا جماهيرية، وشعبية، وجدت طريقها، على استحياء، للنشر بتلك الصحف.
 
محاكمة مرسي وإخوانه
 
حظيت جلسة المحاكمة بالاهتمام الأول لصحف الأحد، وتناولتها الصحف من زوايا انتقائية مختلفة، معظمها غير مهني، ويستهدف تسفيه الدكتور مرسي، والانتقاص من شأنه، والاستخفاف بما قاله أمام هيئة المحكمة.
 
وكانت أكثر الصحف فجاجة، وبُعدا عن المهنية، جريدة "التحرير" التي قالت في مانشيت أعلى الترويسة: "مرسي يواصل هذيانه من داخل القفص في قضية الهروب من وادي النطرون: أنا الرئيس .. وهاخرج"!
 
ويلاحظ هنا قول الجريدة "مرسي يواصل هذيانه"، وهو يفضح انحياز الجريدة ضد مرسي، وعدم تحليها بشرف التغطية المهنية، ونقل كلام مرسي، دون توصيف أو تلوين أو تسييس أو تحريف.
 
وغير بعيد خصصت اليوم السابع مانشيتها باللون الأحمر للقول: مرسي من القفص.. أنا مخطوف.. أنا مخطوف.. المعزول: ليس من حق النيابة التعقيب على أقوالي.. وممثل النيابة يرد: مش إنت اللي تقول مين ليه الحق هنا".
 
ويتضح من هذه العناوين حجم التليفيق للرئيس مرسي.. فالرجل لم يكرر كلمة "أنا مخطوف" هكذا.. ولكنه قالها في سياق معين، لكن الجريدة لجأت إلى اجتزائها من سياقها، بهدف الإساءة إليه.
 
وغير بعيد قالت الأخبار: "تأجيل قضية الهروب الكبرى لجلسة الغد.. المعزول لجماعته من القفص: أنا الرئيس.. استمروا في التظاهر واتصلوا بالخارج.. نقل مرسي إلى طرة بدلا من الإسكندرية للمحاكمته اليوم في قضية التخابر".
 
ويلاحظ هنا أن الجريدة تنسب إلى مرسي ما لم يقله، وهو تحديدا عبارة :"واتصلوا بالخارج".. كما قالت الجريدة: "مرسي لجماعته".. بينما كان خطابه للشعب المصري، وليس لجماعته، ولكنها استخدمت هذه الصيغة لترسيخ الأكذوبة الشائعة من أنه كان يعمل لجماعته، ويستهدف جماعته، وليس الشعب المصري في مجموعه.
 
وخصصت "الوطن" المانشيت للجلسة نفسها، على ثمانية أعمدة، مع صورتين، الأولى للدكتور مرسي يتحدث للمحكمة من داخل القفص.. والثانية للدكتور العوا في حوار جانبي مع هيئة الدفاع عن مرسي قبل بدء المحاكمة.
 
 بينما المانشيت العريض باللون الأحمر يقول: "مرسي للمحكمة: سأحاكم السيسي بلا رحمة".. علما بأن مرسي لم يقل هذا حسب النص الذي نشرته الوطن نفسها، وإنما قال: "الدعوى باطلة مع احترامي ليكم، ومن يجب أن يحاسب ويحاكم هو قائد الانقلاب. وسيحاسب ويحاكم دون رحمة.. تحياتي لكم، وللشعب المصري كله".
 
وبقية المانشيت: "المعزول: أنا مسئول ودكتور.. وعارف باقول إيه.. ويحرض أنصاره: استمروا في ثورتكم ولا تتوقفوا.. والعوا يطلب التحقيق في تسجيلات الوطن.. والمحكمة: مش يمكن أنتم اللي مسجلين"؟!
 
وفي خبر قالت الوطن: ".. ومصدر قضائي: الكسب غير المشروع تسلم تحريات ثروة مرسي.. وقضايا الدولة تطالب الإخوان بتعويض مليار جنيه عن اقتحام السجون".
 
ولجأت المصري اليوم إلى مانشيت تحريضي: "مرسي يهتف ضد السيسي ويحرض أنصاره على العنف.. تحالف دعم المعزول يعترف بلقاء رئيس وفد الكونجرس الأمريكي".
 
وهذا كذب صريح، فمرسي لم يهتف ضد السيسي.. فهو لا يذكر اسمه على لسانه أصلا.. كما أنه لم يحرض أنصاره على العنف، بل دعا الشعب إلى مواصلة احتجاجه المشروع ضد الانقلاب.
 
كما خصصت الجمهورية مانشيتها للقضية، فقالت: "في قضية الهروب من سجن وادي النطرون.. الدفاع يرد المحكمة.. ومرسي ما زال يهتف: أنا الرئيس.. قضايا الدولة تدعي مدنيا على المعزول وجماعته بمليار جنيه تعويضات".. مع صورة للرئيس محمد مرسي خلف القضبان.
 
وقالت الوفد، في مانشيت أعلى الترويسة: "الدفاع  يرد المحكمة في قضية الهروب الكبير.. قضايا الدولة تطلب مليار جنيه تعويضا مدنيا من المتهمين".
 
مشروعات القوات المسلحة
 
بأسلوب دعائي لا مجال فيه لنقد.. أفردت صحف الأحد مساحات واسعة لافتتاح مشروعات القوات المسلحة الجديدة، في توقيت منتقى بعناية.. فبدلا من أن يخفف السيسي من ظهوره إذ به يظهر في هذه اللحظة الدعائية التي تبرز مدى تعارض المصالح بين بقائه في الوزاره، وانتقاله للترشح للرئاسة.
 
فقد خصصت الأهرام المانشيت على ثمانية أعمدة مع صورتين لهذا الغرض.. والصورة الأولى لوبري المشير أبو غزالة بعد التطوير، والثانية للرئيس منصور والمشير السيسي خلال افتتاح كلية طب القوات المسلحة، كما جاء أسفل الصورتين.
 
هكذا قال المانشيت: "افتتاح مشروعات تنموية جديدة.. القوات المسلحة تطور أول نظام في العالم لاكتشاف وعلاج فيروس سي والإيدز".
 
وفي التفاصيل: "افتتح المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، والمشير عبدالفتاح السيسى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، مشروعات تطوير وتوسعة عدة طرق و«كباري» للقضاء على الاختناقات المرورية.
 
وشملت تلك المشروعات توسعة وتطوير كوبرى المشير أبو غزالة بمنطقة تقاطع طريق القاهرة ـ السويس مع الأوتوستراد بمنطقة ألماظة، الذى يسهم بشكل كبير فى القضاء على الاختناقات المرورية بالمنطقة، وتم تنفيذ أعمال التطوير من خلال زيادة عرض الكوبرى الحالى بإضافة 2 حارة مرورية لكل اتجاه، وإنشاء 3 دوائر للمرور.
 
كما تم التنسيق مع محافظة القاهرة وهيئة النقل العام لرفع خط المترو بشارع الثورة، لزيادة عرض الطريق فى هذه المسافة ليكون 5 حارات مرورية لكل اتجاه بدلا من 3 حارات مرورية، بما يسهم فى إعادة التخطيط العمراني، والقضاء على الاختناقات المرورية بالمنطقة، وقد تم إنجاز المشروع فى زمن قياسى لم يتجاوز الـ 130 يوما فقط".
 
وفي السياق ذاته قالت الأخبار: "مشروعات توازي 6 أضعاف الهرم أقامها الجيش.. منصور والسيسي يفتتحان توسعة كوبري أبو غزالة وميدان الجمسي وطريق العروبة.. القوات المسلحة تبتكر أجهزة لعلاج الإيدز وفيروس سي وإنفلونزا الخنازير..
 
وقالت الوفد: "منصور والسيسي يفتتحان مشروعات مدنية.. القوات المسلحة تحقق اكتشافا عالميا لعلاج فيروسات سي والإيدز".. فيما خصصت الدستور مانشيتها للقول: اختراع واكتشاف علمي خطير للقوات المسلحة.. الاكتشاف لعلاج فيروسات الإيدز وسي.. الرئيس منصور والمشير السيسي يفتتحان عددا من مشروعات الهيئة الهندسية".
 
وفي سياق مشابه، قالت الوطن: الجيش يطلق أول نظام تشخيصي لعلاج الإيدز وفيروس سي.. بينما قالت المصري اليوم: اكتشاف علاج عالمي لفيروس سي والإيدز.
 
براءة ضباط الشرطة من دم ثوار يناير
 
نشرت الصحف الحكم بأسلوب ينم عن الفرحة للشرطة، والتشفي في أهالي الثوار.. ولم تبرز ردود الأفعال على الحكم.. كما لم تضعه في مدلوله، أو محتواه.
 
وكان جاذبا للانتباه نقرير اليوم السابع بعنوان: "البراءة الأخيرة في قضايا قتل متظاهري يناير.. حكم جديد ببراءة جميع المتهمين بقتل المتظاهرين بالإسكندرية .. وأهالي الشهداء يغيبون".
 
وفي التفاصيل: "استقبل مهرجان البراءة للمتهمين بقتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة يناير 2011 حكماً جديداً أمس ببراءة جميع الضباط المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين بالإسكندرية الذى أصدرته محكمة جنايات الإسكندرية فى جلستها المنعقدة أمس بأكاديمية بحق 6 من قيادات الشرطة السابقين بالإسكندرية وهم اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية الأسبق، واللواء عادل اللقانى، رئيس قطاع الأمن المركزى الأسبق، والمقدم وائل الكومى، وعدد من الضباط وأفراد الشرطة ورفض الدعوى المدنية".
 
ومن جهتها تساءلت "التحرير": من قتل شهداء ثورة يناير؟! وأضافت: جنايات الإسكندرية تصدر البراءة رقم 42 لضباط الشرطة في قضايا قتل المتظاهرين.. مصدر قضائي: وزارة الداخلية لم تقدم أدلة تساعد على إدانة المتهمين".
 
وقالت الشروق: براءة المتهمين بقتل ثوار الإسكندرية.. والحبس ل15 من ألتراس ثورجي".. وأوضحت "الأخبار" هذا الحكم بقولها: "حبس 15 من الالتراس سنتين للتظاهر دون تصريح".
وأضافت الأخبار: "براءة ضباط الشرطة من قتل متظاهري الإسكندرية.. الأهالي يهددون برفع دجعوى أمام المحكمة الدولية".
 
بينما قالت الأهرام: "براءة 6 من قيادات الشرطة بالإسكندرية من قتل الثوار". وفي التفاصيل:
 
"قضت محكمة جنايات الإسكندرية، أمس، برئاسة المستشار إسماعيل عطية، ببراءة 6 من ضباط وقيادات الشرطة بالإسكندرية فى قضية اتهامهم بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير دون تحديد حيثيات الحكم. ومن بين القيادات التى برأت المحكمة ساحتهم اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية الأسبق، واللواء عادل اللقانى رئيس قطاع الأمن المركزى بالإسكندرية".
 
قضايا جماهيرية
 
أشارت الأهرام إلى "موجة الاحتجاجات الفئوية.. انفراجة بالمحلة.. إضراب للنقل العام.. تصعيد للأطباء".. وبأسلوب دعائي قالت المصري اليوم: ماكينات المحلة تدور بعد 12 يوم شلل و14 احتجاجات رئيسية تحاصر الحكومة".
 
فيما قالت  الأخبار: "عمال المحلة فضوا الإضراب ويمهلون الحكومة 60 يوما".. ومارست الوطن دعاية فقالت: "انتهاء إضراب عمال المحلة وماكينات المصانع تبدأ الدوران.. العمال يتعهدون بتعويض خسائر الإضراب والحكومة تشكل لجنة لإدارة الشركة".
 
بينما قالت "التحرير" بشكل متوازن ودقيق: عمال المحلة يعلقون الإضراب حتى 8 مارس.. عودة العمال إلى المصنع مقابل الاتفاق على إقالة فؤاد عبدالعليم، وضخ استثمارات جديدة".
 
وفي الشروق: أزمة كادر الأطباء تتصاعد بتهديد النقابة بمعاقبة وزيرة الصحة.. بينما ذكرت الأخبار:"النقل العام بدأ الإضراب.. العمال: نبحث عن أب شرعي".. وقالت اليوم السابع: "احتفالات تعامد الشمس تعيد الدفء للسياحة".
 
أكاذيب اليوم
 
من هذه الأكاذيب مانشيت الشروق الذي جاء كالتالي: الحكومة للإخوان: لا تصالح.. الجماعة تهيئ قواعدها لمبادرة التراجع.. والتحالف ينقسم.. والنور يرحب".
 
ويلاحظ أن هذا المانشيت اعتمد على مصادر مجهلة هي : مصادر بجماعة الإخوان المسلمين"!
 
وفي اليوم السابع وردت كذبة تقول: "أمريكا وتحالف دعم الشرعية والغنوشي باعوا الإخوان.. رئيس النهضة التونسي يطالب الجماعة بالاعتراف بالأمر الواقع ووفد الشيوخ الأمريكي التقى قيادات إسلامية وتجاهل الجماعة".
 
واعتمد التقرير على مصادر مجهلة وردت كالتالي: "علمت اليوم السابع أن عددا من قيادات.. وقال مصدر مقرب من التحالف.. فيما كشفت مصادر.. و كشفت مصادر داخل جماعة الإخوان".
 
ومن الأكاذيب كذلك قول صحيفة "الدستور": "الجماعة الإرهابية تستعين بطائرات تجسس تركية لاستخدامها في اغتيالات سياسية"!
 
وهذه كذبة أخرى في الدستور أيضا: "عملاء الإرهابية يحرضون عمال مصر على الإضرابات لإصابة الحياة بالشلل"!
 
وجاء في المقدمة -دون أي ذكر لأي مصدر- : "بعد فشل مخطط الإرهابية في شل حركة البلاد بالمظاهرات، لجأت وأتباعها من الاشتراكيين الثوريين للاندساس في صفوف الموظفين والعمال لتحريضهم على الإضرابات والاعتصامات لتعطيل مصالح المواطنين، وتعطيل مصالحهم".
 
فيما نقلت صحيفة "الوفد" هذه الأكذوبة: "المنار: 500 مليون دولار دعما إضافيا من قطر ل"الإرهابية"!
 
والأكذوبة منسوبة إلى جريدة عربية اسمها "المنار" نقلا عن مقربين من دائرة صنع القرارفي قطر! كما قالت "الوفد".