أكوام القمامة تملأ الشوارع، مواطنون متكدسون في الطرق بحثا عن حافلات تقلهم عن أعمالهم، مستشفيات حكومية أغلقت أبوابها أمام المرضى، تعزيزات أمنية حول منشآت حيوية يتظاهر أمامها محتجون يطالبون بحقوقهم المالية.. هكذا يبدو المشهد في
مصر اليوم بعد إضراب العاملين في قطاعات بالغة التأثير في حياة المواطن العادي، مثل سائقو حافلات النقل العام وعمال النظافة والأطباء وموظفو الشهر العقاري.
القمامة تحاصر المواطنين
وتسبب دخول
عمال النظافة في إضراب مفتوح منذ الثلاثاء الماضي في انتشار أكوام القمامة في الشوارع بعدد من المحافظات، حيث يطالبوا بتطبيق الحد الأدنى الاجور عليهم وتثبيت المؤقتين منهم أسوة بباقي العاملين في الحكومة.
وبدلا من التفاوض مع العمال، طالب رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل عزت خرسا المواطنين بتنظيف الشوارع أمام منازلهم لحين انتهاء الإضراب.
كما تواصل للأسبوع الثاني إضراب العاملين بالشهر العقاري - التابع لوزارة العدل - بجميع محافظات مصر، للمطالبة بمساواتهم بزملائهم في القطاعات الأخرى بالوزارة.
واتخذت الأزمة بعدا سياسيا بعدما هدد موظفو الشهر العقاري بالامتناع عن تحرير التوكيلات اللازم جمعها لخوض الانتخابات الرئاسية الرئاسية المقبلة وفقا للدستور.
وكان الآلاف من عمال شركة غزل المحلة قد علقوا إضرابهم السبت الماضي بشكل مؤقت بعد 12 يوما من الامتناع عن العمل عقب موافقة وزير الاستثمار على تلبية غالبية مطالبهم المادية، وهددوا بالإضراب مجددا إذا لم تفِ الحكومة بتعهداتها.
ودخل أصحاب المعاشات على خط الأزمة، حيث أعلنوا عقد جمعية عمومية طارئة الاثنين لبحث "الموقف السلبي" من الحكومة تجاه مطالبهم برفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 1200 جنيه، مهددين بإجراءات غير مسبوقة بالتظاهر والاحتجاج بدءا من الأسبوع المقبل.
نزيف الخسائر مستمر
كما واصل عمال النقل العام بالقاهرة والجيزة إضرابهم لليوم الثاني احتجاجاً على عدم تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور عليهم.
وهدد اللواء هشام عطية رئيس هيئة النقل العام، بالدفع بحافلات تابعة للقوات المسلحة في حالة استمرار إضراب عمال هيئة النقل العام عن العمل، لعدم تعطيل مصالح المواطنين.
وأكد في مداخلة هاتفية مع قناة "إم بي سي مصر" مساء الأحد أن الإضراب تسبب في خسائر كبيرة وأن استمراره يعني استمرار نزيف الخسائر".
وأشار إلى أن محافظ القاهرة اجتمع بعدد من العاملين، وتم الاتفاق معهم على على إنهاء الإضراب مقابل دراسة تطبيق الحد الأدنى عليهم وصرف مكافآت لهم لحين تطبيق الحد الأدنى لكن العاملون خالفوا الاتفاق وقرروا مواصلة الإضراب".
وبينما رفض العاملون بهيئة النقل العام صرف 200 جنيه حافزا لكل واحد منهم كتعويض مؤقت لحين تطبيق الحد الأدني، دخل سائقو ديوان عام محافظة القاهرة فى إضراب عن العمل للمطالبة بصرف هذا الحافز لهم أسوة بسائقى النقل العام.
وانضمت هذه
الإضرابات الجديدة إلى إضرابات أخرى متواصلة، أهمها إضراب آلاف الأطباء والصيادلة العاملين بالمستشفيات العامة احتجاجا على إصرار الحكومة على إقرار قانون "الحوافز" كبديل عن كادر الأطباء.
وقررت اللجنة العليا للإضراب المشكلة بقرار من الجمعية العمومية الطارئة بنقابة الأطباء توحيد الجهود مع الصيادلة وأطباء الأسنان فى الإضراب القادم الأربعاء المقبل.
ومن المقرر أن ينضم للإضراب أصحاب الصيدليات الخاصة التي تيلغ أكثر من 45 ألف صيدلية على مستوى الجمهورية.
الحكومة تطالب بالصبر
من جانبه، أكد وزير القوى العاملة في حكومة تصريف الأعمال كمال أبو عيطة - خلال مؤتمر صحفي عقده الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مساء السبت - التزام الدولة بتلبية مطالب العمال، لكنه طالبهم بمراعاة الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد والصبر حتى يتم انتخابات رئيس وبرمان جديدين يحققان لهم مطالبهم.
وقال مصباح قطب مستشار وزير المالية إن المطالبات بتحسين أوضاع العاملين يجب أن تراعي الموارد المتاحة.
واعترف - في تصريحات لصحيفة الأهرام - وجود خلل كبير في منظومة
الأجور في مصر، مشيرا إلى أن إقرار الحد الأدني للأجور وزيادات رواتب المعلمين والعاملين بالقطاع الطبي حمل الموازنة العامة للدولة 12 مليار جنيه خلال النصف الاول من عام 2014 فقط.
وعززت قوات الشرطة من تواجدها في محيط مجلس الوزراء بعد زيادة أعداد المتظاهرين من شركات استصلاح الأراضى وغزل شبين وطنطا للكتان والمراجل البخارية؛ المطالبين بمستحقاتهم المالية، في مشهد ذكر بالاحتجاجات التي انتشرت في هذا المكان في أواخر عهد مبارك.
كما كثفت قوات الحرس الجمهوري تأمينها لقصر الاتحادية تحسبا لوقفة احتجاجية لحملة الماجستير والدكتوراة الذين أعلنوا تظاهرهم أمام القصر الرئاسي للمطالبة بتوظيفهم في الجامعات.
وقال مراقبون إن بدء تطبيق الحد الأدني للأجور في كانون الثاني/ يناير الماضي هو السبب وراء تفجر الإضرابات من الفئات التي لم يشملها هذا القانون، كأمناء الشرطة والعاملون بالغزل والنسيج والنظافة والإسعاف والشهر العقاري والنقل العام والبريد.
واتهموا الحكومة بالإعلان عن الحد الأدنى للأجور واستثناء العاملين في قطاع الأعمال العام من التطبيق رغم انهم يستحقونه، دون دراسات كافية لتبعات هذا القرار.