قالت صحيفة "اندبندنت" إن رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة منه لتكثيف الجهود في الحملة التي تحاول من إظهار الفلسطينيين كالجانب الرافض الذي يعطل
المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط طالب في خطابه في مؤتمر لجنة العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية "ايباك" في واشنطن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية لليهود، وهذا اقتراح ملغوم بالنسبة للعرب.
وأضاف نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد "آن الأوان للفلسطينيين أن يتوقفوا عن إنكار التاريخ والاعتراف بدولة يهودية. أيها الرئيس عباس باعترافك بالدولة اليهودية تثبت بوضوح أنك جاهز لإنهاء الصراع"، وقال "ليس هناك أي عذر". "لقد حان الوقت".
ورفضت المتحدثة باسم منظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، هذه الدعوة قائلة إن نتنياهو "ماكر جدا" بتوجيهه مثل هذه الدعوة. وأضافت أن قبول مثل هذه الدعوة يعني القبول بالتمييز ضد الأقلية العرب ويقوض حق اللاجئين في العودة عن طريق سوء استخدام الدين.
"هو يريد من عباس والفلسطينيين تبني الخطاب الصهيوني ولكن لن نتحول إلى صهاينة. أقيمت إسرائيل على أراض فلسطينية. وقد عشنا عليها لقرون. نحن ضحايا الصهيونية الذين تم تشريدهم أو وقعوا تحت الاحتلال. فهل المطلوب منا أن نقر بشرعية ما حصل؟ إن نتنياهو جعل من هذا الموضوع شرط استباقي مستحيل"، قالت عشراوي.
وبالرغم من محاولة زيادة الضغط على السيد عباس الذي سيقابل الرئيس باراك أوباما خلال أسبوعين فإن السيد نتنياهو حريص على تمثيل دور المفاوضات معه وأن يرى تمديد الفترة المحددة لمحادثات السلام في نهاية نيسان/ أبريل لمد تسعة شهور أخرى وهو ما يحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن يفعل. يقول يوسي ألفر، المدير السابق لمركز جافي للدراسات الإستراتيجية: "يسعد نتنياهو أن يستمر في المفاوضات لأطول فترة ممكنة دون التوصل إلى نتيجة".
وتقول الصحيفة إن استمرار العملية (السلمية)، مهما كانت فارغة، يحمي إسرائيل من حملات الانتقاد والمقاطعة الدولية الموجهة إليها وخاصة من أوروبا وفي الوقت ذاته تمنع السيد عباس من الرجوع للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى لمقاومة الاحتلال وإحراج إسرائيل.
وتعلق أيضا أن إبقائه المفاوضات في حالة ركود يتجنب القطيعة مع التيار القوي المؤيد للاستيطان في حزب الليكود والائتلاف بخصوص "التنازلات" عن الأرض وهو الأمر المطلوب في أي عملية سلام حقيقية. وفي الوقت نفسه فإن المماطلة تتماشى مع معتقدا نتنياهو الشخصية بخصوص الضفة الغربية التي يسميها بالاسم التوراتي يهودا والسامرة ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من الميراث اليهودي.
وفي الواقع فنتنياهو قد يستمر في اتخاذ المفاوضات غطاء لاستمرار تمدد الاستيطان على الأراضي التي من المفروض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية، إلا إذا حدث هناك تغير يتجاوز العبارات الرنانة في توجهات إدارة أوباما.
فبحسب أرقام نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي فإن بناء المستوطنات ارتفع بنسبة 132% خلال عام 2013 مقارنة بالعام الذي سبقه. ومسألة أن تشترط إدارة أوباما تجميدا للاستيطان لاستمرار المفاوضات تبقى مسألة مفتوحة.
ولكن المشكلة ليست فقط على الجانب الإسرائيلي: ففي نظر المحلل الفلسطيني غسان الخطيب عباس أيضا حريص على إبقاء المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق. حيث أن توجيه اللائمة له لفشل المفاوضات قد يعني قطعا للمساعدات الأمريكية والأوروبية ويثير التساؤل حول جدوى وجود السلطة الفلسطينية والمبرر له.
وفي نفس الوقت يعتبر عباس أضعف من يتحمل التنازلات التي تتطلبها اتفاقية مع إسرائيل. فسلطته لا تمتد لغزة التي تحكمها حماس وقد فشل في رأب الصدع مع الحركة الإسلامية. وفي الوقت نفسه لم يكن هناك انتخابات رئاسية في مناطق الحكم الذاتي لما يقارب العقد من الزمان مما يخلق مشكلة شرعية حقيقية. يقول السيد الخطيب: "سيكون من الصعب أن يتحمل تنازلات إستراتيجية كبيرة".
وتستطيع بريطانيا في هذا المشهد الدبلوماسي المضطرب أن يكون لها إسهامها. فمن المقرر أن يقوم ديفيد كاميرون بزيارة للقدس والضفة الغربية الأسبوع القادم بحسب التقارير الصحفية في الصحف الإسرائيلية والفلسطينية.
وفي الوقت نفسه يبدو أن إدارة أوباما قد فقدت إرادتها لصناعة تاريخ عندما قررت تحجيم الهدف الأصلي من المفاوضات وهو التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة بنهاية نيسان/ أبريل إلى التوصل إلى إطار مبادئ لتمكين المفاوضات من الاستمرار.
ويتوقع أن يكون الإطار ملتبسا وأن يسمح للجانبين بإبداء تحفظات. فالأسابيع القادمة ستركز على التفاوض لتصغير الهوة الكبيرة بين الأطراف أو تغطيتها. سيعارض نتنياهو أن يتم التفاوض بناء على حدود 1967؛ بينما يرفض عباس مطلب الاعتراف بالدولة اليهودية ويبدي امتعاضه من أن واشنطن لم تعترف بوضوح بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية ويرفض المطالب الإسرائيلية التي جاءت في خطاب نتنياهو في الإيباك للإبقاء على وجود عسكري في منطقة وادي الأردن من الضفة الغربية.
أما يوسي ألفر فلديه تقدير قاتم للمفاوضات إن تم تمديدها: "يمكن لمباحثات السلام أن تصبح طقسا فارغا من المفاوضات التي لا تنتهي على أساس اتفاقية إطار لا يؤمن بها أحد".