السيد رئيس مجلس الوزراء
العراقي خرج علينا امس بنظرية جديدة في عالم السياسة والاقتصاد، مفادها، طالما أن مجلس النواب مجلس منتخب من الشعب، ولم يتم تعيينه بجلسة سمر بين رؤساء الكتل السياسية مثل الحكومة، فليس من حق أعضائه التدخل في عمل السلطة التنفيذية، وأيضا ليس من حقهم الدخول إلى البرلمان، مالم يقدموا وثيقة الطاعة والولاء للقائد العام للقوات المسلحة.
في "حديث الأربعاء" لقناة العراقية حدد لنا
المالكي عمل مجلس النواب بالقول إن "البرلمان يتدخل بقوة في عمل الحكومة"، ولم ينس المالكي ان يذكرنا بحقه في السيطرة على وزارة المالية لأن القانون منحه هذه السلطة حسب هذه الجملة الغريبة التي اطلقها امس "أن مجلس الوزراء سيمضي بصرف اموال الموازنة العامة للعام الحالي حتى إذا لم يقرها مجلس النواب".
طبعا السيد المالكي صاحب السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية يستند في نظريته الفقهية هذه على قانون ”التفرعن” وهو قانون يستمد المالكي كل قوته وسلطانه منه، حيث يرى من خلاله أن الحاكم خارج المجموعة التي يتألف منها المجتمع، تضعه فوق الجميع وخارج القوانين التي يدين بها المجتمع، ولم ينس ان يضيف لها تعديلا جديدا يقول: دعوهم يتكلمون، دعوهم يضحكون، لكن لا تدعوهم يتدخلون في أي شيء، ولأجل تطبيق هذه النظرية على ارض الواقع، فقد قرر رئيس مجلس الوزراء أن يمنع البرلمان من ان يضع انفه في عمل الحكومة التي حسب نظرية المالكي لا يأتيها الباطل صيفا ولا شتاء، ولم ينس المالكي ان يلوح لنا بدستوره الشخصي الذي منحه كل السلطات مضيفا لنظريته فصلا جديدا اسمه فصل ”التجميد” وهو الفصل الذي سيجمد فيه المالكي الاخرين اذا حاولوا يوما الاعتراض، ورغم غرابة النظرية، فسنجد هناك من يصدقها ويقع في حبائلها، وهم طبعا لفيف من المبشرين بالنعم والامتيازات ابرزهم السيد المستشار الإعلامي علي الموسوي الذي اخبرنا قبل يومين وهو بين الصحو والنوم، من ان مواطنا عراقيا قال له وبالحرف الواحد "1000 خلف الله على المالكي لان قبل يحكمنا".
بعد رسالة المواطن صاحب شعار "الف خلف الله" مطلوب منا جميعا أن لا ننتظر إصلاحات ديمقراطية ولا قوانين تصب في مصلحة الناس طالما يريد لنا البعض من المسؤولين أن نبقى نعيش زمن "القائد الرمز"، ولهذا فنحن مجبرون على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل ساذج اسمه “من أحق بالصلاحيات”، وفي حلقته الجديدة يسعى المالكي ومعه لفيف من المؤمنين بنظريته السياسية إلى إلغاء مهام مجلس النواب وتحويله من مجلس يشرع القوانين إلى مجلس يأخذ اعضاؤه الاذن من السيدة حنان الفتلاوي للدخول الى قبته.
يكتب ميكافيلي: "في سبيل تحقيق أغراضه ومصالحه على الحاكم ان يكون مراوغا، قاسيا يحتفظ لنفسه بكل السلطات" وعليه أيضا، وهذا مهم في نظر صاحب كتاب الأمير "إثارة رعب مواطنيه". لا حاجة لي إلى ان أذكركم ان الشهر الماضي فقط قتل 1030 عراقيا.. ولا حاجة بكم لأن تذكروني بأن الرقم ليس مسؤولية السيد نوري المالكي، الذي امضى أعوامه الثمانية في معارك المصير من اجل إقصاء كل من لا يحظى برضا القائمين على مكتب رئيس مجلس الوزراء.
ولهذا، لكي تصبح برلمانيا صالحا، يجب أن تطبق وصايا نوري المالكي أو تقرأ تغريدات علي الموسوي، وان تبتسم عندما ترى إطلالة خالد العطية من دون أن تعرف ماذا يريدون ان يقولوا.. اما انت ايها المواطن الذي تتسمر امام التلفزيون فان السادة في دولة القانون يريدون منك أن ترى كل يوم عشرات القتلى في الفضائيات والصحف، بحيث إذا هبط الرقم إلى أفراد قليلين تشعر بارتياح لا تفسير له، كأنما حولوك إلى مخلوق سادي مريض هوايته حساب عدد السيارات المفخخة التي انفجرت الخميس، وهل يوم السبت سينخفض الرقم؟ وان يعلموك ان الشعور الوحيد للاطمئنان هو ان لا تعصف بحياتك عبوة ناسفة وضعها سياسي يريد ان يقول ها أنذا.. وان الشعور الوحيد من الراحة وسط كل هذا الخراب، هو الإعلان صبيحة كل أربعاء، أن رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، سوف يلقي علينا البيان رقم واحد، ولا أخبار حتى الآن عن الحكومة التي قررت أي نوع من قانون الأحوال المدنية يمكن ان تطبقه على نساء العراق، ولا تنسى ان اهم إنجازات هذا الاسبوع ان السيد المالكي اصبح "
خزندار" العراق الأوحد، وان الحكومة الرشيدة حققت الأسبوع الماضي أهم انجازاتها حين صفقت وهللت لقانون حسن الشمري في فضل "النكاح المتقطع" على العراقيين .
(المدى)