يبدو أن الرجلين اللذين كانا يمثلان "شركاء الأمس" في الساحة
الفلسطينية (الرئيس الفلسطيني محمود
عباس، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد
دحلان) باتا يشكلان "أعداء اليوم" في مرحلة "اللارجعة" لصحبة الأمس، وذلك بعد الاتهامات المتبادلة بينهما خلال الآونة الأخيرة.
محللون سياسيون فلسطينيون رأوا أن
الصراع بين الرئيس عباس ودحلان وصل إلى نقطة "اللا رجعة" بعد الاتهامات التي تبادلها الطرفان أمام وسائل الإعلام، متوقعين تزايد حدة هذا الصراع بينهما، خلال المرحلة المقبلة؛ من خلال محاولة كل منهما "تشويه صورة الآخر"، غير مستبعدين أن يؤول هذا الصراع إلى مرحلة "
الاغتيال السياسي"؛ نتيجة للمعلومات التي يمتلكها كل منهما.
الصراع بينهما بلغ مرحلة اللارجعة
وحول هذه الاتهامات التي يتبادلها عباس ودحلان، قال الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية اليومية هاني حبيب إن "ردة فعل دحلان والاتهامات التي وجهها عباس له قبل أيام، تدل على أن الطرفين يعانيان من مراهقة سياسية، وعدم القدرة على تحمل أعباء الأزمة الداخلية في حركة فتح، وأزمة الوضع الفلسطيني برمته".
وأعرب حبيب عن اعتقاده أن الصراع بين دحلان وعباس وصل إلى نقطة "اللارجعة" بعد تبادل اتهامات بالفساد، والخيانة أمام وسائل الإعلام، مستبعدا وجود أي فرصة للعودة والتصالح بين الجانبين بعد هذا "الجنون الإعلامي".
ورأى أن نهاية "الصراع" بين الطرفين "لن تشهد انتصارا لأحدهما، وإنما مزيد من الضعف للحالة الفلسطينية، وترد للوضع الداخلي الفلسطيني"، مشيرا إلى أن "المستفيد الوحيد من مثل هذه الصراعات هي إسرائيل ومن حالفها".
وتوقع الكاتب السياسي أن "تشهد المرحلة المقبلة المزيد من عمليات الاحتراب بين الرئيس عباس ودحلان، مرحلة لا يستطيع القضاء الفلسطيني احتواءها"، ولم يستبعد أن تصل حدة الصراع بين الرجلين إلى مرحلة "الاغتيال السياسي"، خاصة أنهما "يمتلكان معلومات خطيرة عن بعضهما البعض".
وبحسب توقعات حبيب، فإن الرئيس عباس بصفته زعيما لحركة فتح سيحاول أن يعزل ويفصل مؤيدين لدحلان من الحركة.
ظهور حالة من الغضب الشعبي
من جانبه، رأى الكاتب السياسي مصطفى إبراهيم أن رد فعل دحلان على اتهامات عباس "عمّق من الأزمة الداخلية بينهما"، متوقعا أن تشهد الأيام القادمة المزيد من التراشق والاتهامات بين الطرفين.
وتوقع إبراهيم أن حالة من الغضب الشعبي ضد عباس ودحلان، ستظهر خلال الفترة المقبلة، لوضع حد لهذه "المهزلة السياسية التي ستمزق حركة فتح، وستضر بالقضة الفلسطينية، ولن تحقق إلا مصالح إسرائيل، وسيدفع ثمنها كافة أبناء الشعب الفلسطيني".
عباس يعيش حالة رعب من دحلان
بدوره، قال الكاتب في صحيفة الرسالة مصطفى الصواف، إن "الاتهامات بين عباس ودحلان تؤكد أن الطرفين وصلا إلى مرحلة من الانحطاط السياسي الذي لا يمكن السكوت عنه؛ لتأثيره في قضية الشعب الفلسطيني بمجملها".
وأشار الصواف إلى أن "الدافع من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، هو تحقيق المصالح الشخصية، والانتقام لا أكثر"، معتبرا أن اتهامات عباس لمحمد دحلان تدلل على "حالة الرعب التي يعيشها من خصمه".
وأضاف: "من المستحيل حدودث مصالحة مستقبلية بين الرجلين، فكل طرف بدأ بحرق الآخر، وكشف معلوماته، ووجّه اتهامات تصل إلى درجة الخيانة العظمى التي يحكم على صاحبها بالإعدام".
وكان الرئيس عباس شن الأربعاء الماضي، هجوما غير مسبوق على دحلان، متهما إياه بالمسؤولية عن عدد من الاغتيالات وعن دور له في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات بطريقة غير مباشرة، والمشاركة في اغتيال صلاح شحادة مؤسس كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
وحصل دحلان على عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح بالانتخاب في مؤتمرها السادس الذي عقد في مدينة بيت لحم عام 2009، لكن سرعان ما انقلب التحالف الوثيق بينه وبين عباس إلى "خصومة وعداء"، انتهت بفصل الأول من حركة فتح في حزيران/ يوليو 2011، وإحالته على القضاء بتهم جنائية ومالية، وملاحقة أنصاره داخل الحركة.